حسين زلغوط
خاص: رأي سياسي
يومان امضاهما الموفد الفرنسي جان ايف لودريان يصول ويجول على مختلف القوى السياسية في لبنان ، مستمعا الى ما لديهم من طروحات بشأن الاستحقاق الرئاسي، وفي المقابل تلا عليهم ما بين سطور بيان “اللقاء الخماسي” الذي انعقد في الدوحة حول لبنان ، وكان مفاجئا تحديد لودريان شهر ايلول المقبل موعدا لزيارته الثالثة ، من دون أن يعرف ما اذا كان ذلك تعبير عن فشل مهمته وبالتالي الرهان على نضوج حركة اتصالات اقليمية – دولية من شأنها أن تسهّل مسار الاستحقاق الرئاسي ، ام ان يكون ذلك مهلة يعتقد انها ستكون كافية للقوى السياسية في لبنان للتشاور وتقديم اجاباتها قبولا او رفضا للافكار التي طرحها رأس الدبلوماسية الفرنسية السابق والتي هي من روحية اجتماع الدوحة.
واذا كان لودريان لم يقدم مبادرة ولم يحمل في جيبه اي جديد من شانه احداث الخرق المرجو في جدار الازمة الرئاسية ، فان مصدرا وزاريا اكد عبر “موقع رأي سياسي” ان الامور مقفلة، وان الموفد الفرنسي سيعود الى باريس خالي الوفاض ، لذلك فإن الخوف مبرر من ان تكون البلاد امام مرحلة طويلة من الشغور الرئاسي قد تمتد الى العام المقبلة، الا في حال حصلت معجزة أدت الى حصول تقاطعات دولية واقليمية حول ضرورة انتشال لبنان من المأزق الموجود فيه والذي يحول دون انتخاب رئيس .
وعن قصده بهذه التقاطعات يقول المصدر انه على سبيل المثال ان يتم التفاهم الاميركي الايراني على الملف النووي، لان اي تفاهم من هذا النوع سيكون له ايجابياته على مساحة المنطقة ، وفي مقدمها لبنان .
وفي رأي المصدر ان الساحة السياسية الداخلية هي اشبه بـ”العصفورية” حيث ان لبنان يقترب من عتبة السقوط المدوي ، فيما القوى السياسية ما تزال تختلف على جنس الملائكة من وراء الابواب المقفلة بدلا من ان يذهبوا الى الحوار الذي يجمع الداخل والخارج على انه الطريق السليم للتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية.
والسؤال الذي يطرح، هل سيكون ايلول طرفه بانتخاب رئيس للجمهورية مبلول؟ من الصعب الاستعجال في الاجابة على هذا السؤال ، كون ان هناك مساحة واسعة من الوقت، وهي ستكون حبلى بالاستحقاقات التي من شأنها إما تضييق فجوة الخلافات على شخصية الرئيس والخيارات السياسية، او توسعتها والذهاب الى مزيد من التعقيدات بشان الاستحقاق الرئاسي.
ما من شك انه والى ايلول المقبل ستكون هناك مهلة كافية لكي تتبلور الامور، ولكي تكون القوى السياسية قد حددت خياراتها قبل الجلوس على طاولة “التشاور” التي يتوقع ان تحصل في قصر الصنوبر بزخم فرنسي مدعوم من الدول التي يتكون منها “اللقاء الخماسي” ، والتي قد تمتد الى عدة ايام ، كون ان باريس تريد ان تكون الزيارة الثالثة لموفدها ثابتة وينتخب في خلالها الرئيس الذي يتوافق عليه الاطراف السياسية، بعد ان يكون كل فريق قد ادلى بدلوه وحدد خياراته وهواجسه، وفي مقابل ذلك فان لودريان سيؤكد للمترددين ان بلاده ستكون ضامنة بان لا يكون اي رئيس مقبل منحاز لهذا الفريق او ذاك ويضع نصب عينيه مصلحة لبنان اولا واخيراً. وفهم ان الموفد الفرنسي لمس تجاوبا حول طرحه ممن التقاهم، باستثناء “القوات اللبنانية” التي قال رئيسها سمير جعجع انه “سيُدرس طرح لودريان في الأوساط الحزبية بالدرجة الاولى وفي المعارضة بالدرجة الثانية، وعلى ضوء هذه المشاورات سيتم التوصّل الى الجواب المناسب”، مع ان مصادر مطلعة قالت ان كل الاطراف ستجد نفسها مرغمة على قبول ما كانت ترفضه مع بداية الازمة كون ان الظروف المحيطة بلبنان قد اصبحت مختلفة اضافة الى ان اي فريق سياسي لن يكون في مقدوره تحمل وزر استمرار الشغور الرئاسي في ظل الازمات المتعددة المتفرعة عن ازمة انتخاب الرئيس والتي لم يعد من قدرة للبنانيين على تحملها.