رأي

هل يستقيل نواب «المستقبل» من المجلس النيابي؟

كتبت مارلين وهبة في صحيفة “الجمهورية”:

أصاب استشهاد رفيق الحريري مقتلاً للطائفة السنّية عام 2005، الّا انّ خبر استقالة «الحريرية» من العمل السياسي وبالفم الملآن، من الذي حُمَّل وراثتها في ما مضى وسط مبايعة سنّية روحية شعبية وعائلية واسعة، أصاب هذا الجمهور بصدمة لن يتمكنوا من الخروج منها في المدى البعيد.

على إثر ثورة 17 تشرين أعلن سعد الحريري استقالة حكومته، فلامه الحلفاء قبل الخصوم لتسرّعه، إلّا أنّه لم يبال، اذ يبدو الرجل بعد الاستحقاقات والقرارات التي شهدتها مسيرته، انّها تتأثر غالباً بعواطفه الشخصية…

في الوقائع تبدو كتلة «المستقبل» مربكة وتتريث حتى الساعة من تحديد موقف جامع لأعضائها، وسط معلومات تشير الى إمكانية اعتكاف نواب «المستقبل» من حضور الجلسات النيابية خصوصاً تلك المتعلقة بالموازنة وصولاً الى قرار الاستقالة الجماعية من مجلس النواب.

عندما سُئل منذ قرابة السنة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عن فكرة الاستقالة الجماعية رحّب الرجل بها شرط ان تشمل الحلفاء، وعنى بهم تحديداً رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس كتلة تيار «المستقبل» سعد الحريري، إلّا أنّ جنبلاط يومها رفض فكرة الاستقالة التي كانت مطروحة وفق المعلومات منذ سنة، والتي كانت ستفرض الانتخابات النيابية المبكرة بحكم الأمر الواقع، الّا أنّ جنبلاط رفضها خوفاً من تداعيات أمنية قد تنعكس على شخصه تحديداً، وعلى مناصريه ومنطقة الجبل بشكل عام.

في تلك الأثناء التزم الحريري بالصمت متأملاً ومنتظراً الردود على بعض الوعود الذي سعى الى تحقيقها الرئيس ماكرون، إلّا أنّ الرئيس الفرنسي لم يفلح لأسباب متعددة، منها التعقيدات الداخلية التي اختلطت معها مصالح فرنسا الاقتصادية ومصالح ماكرون الرئاسية، كما حاول الحريري إشراك أصدقائه في الخارج في عملية ترميم علاقته الشخصية مع المملكة، الّا انّها باءت بالفشل، ولذلك لم يوافق مسبقاً على خطوة الاستقالة الجماعية من مجلس النواب.

مشهد آخر

مع تبدّل الصورة اليوم السؤال المطروح، ما هو العامل الجديد الذي قد يدفع بكتلة نواب «المستقبل» الى قرار الإعتكاف عن حضور جلسات المجلس النيابي، وهل يُستتبع هذا الاعتكاف بقرار من قِبل نواب «المستقبل» بالاستقالة من المجلس النيابي؟

حتى إشعار آخر

عن إمكانية العزوف، تؤكّد مصادر مقرّبة من تيار «المستقبل» انّ اليوم هو أفضل توقيت للتيار الازرق للقرار، وانّ المناسبة والمكان لاختبار هذا القرار التاريخي هو مجلس النواب، بمعنى أنّ مشهدية توجّه نواب تيار «المستقبل» الى المجلس النيابي لمناقشة الموازنة ولإقرارها بغض النظر عن كارثيتها على الصعيد الشعبي، يكسر قرار رئيس تيار «المستقبل»، وستبدو المشهدية مضلّلة، إذ سيبدو تصرف كتلة «المستقبل» وكأنّها غير معنية بقرار رئيس تيارها الجدّي بتعليق العمل السياسي. وخصوصاً انّ الحريري لم يقل بأنّه يعلّق مشاركته في الانتخابات النيابية بل قال «انا اعلّق مشاركتي في الحياة السياسية»، بمعنى انّ قرار كتلة التيار يجب ان يتماهى مع إعلان رئيس التيار بمن فيهم من يملكون أي صفة سياسية او حتى إعلامية في «المستقبل»، وتضيف المصادر: «إذ ليس بمقدور هؤلاء الظهور اعلامياً للتكلم بصفة حزبية كممثلين لتيار «المستقبل»، الّا اذا أرادوا التكلم بصفة شخصية، فهذا امر آخر». وتضيف المصادر: «حين يعلّق التيار الازرق عمله في السياسة الامر يعني انّ كل موقف سيطلقه اي منتسب للتيار سيُحسب عليه (ناشط، منتسب، اعلامي، نائب، مستشار…) لأنّ رئيس التيار قد يتضرّر من أي موقف معلن أو سوف يتمّ إطلاقه من دون إذنه او رغبته، وربما ايضاً قد يعود بالضرر عليه في المستقبل».

وتشير المصادر نفسها، انّه عندما يطلب الحريري عدم تعاطي تيار «المستقبل» بالسياسة معناها انّه لا يريد ان يتعاطى اي «مستقبلي» حاضراً في العمل السياسي إلى ان يقرّر هو امراً آخر او يقرّر توقيت عودة نشاط العمل السياسي للتيار، ومن هنا تكشف المصادر نفسها، انّ الحريري اكّد للبعض من كوادر التيار من انّه سيستمر في التواصل معهم من الخارج عبر تطبيق “ZOOM” وأنّه سيعود في الشهر المقبل أي شباط، لإحياء ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري.

في السياق، تكشف المصادر المقرّبة ايضاً من الحريري انّه لم يكن يريد إثارة إشكال مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط اللذين طلبا منه التريث حين اصرّا على تسميته لرئاسة الحكومة سابقاً، إلّا أنّه وبعد إعلانه الاعتذار، وحينما أراد الطلب من نوابه الاستقالة الجماعية من مجلس النواب أعاد بري وجنبلاط الطلب منه التريث وعدم التسرّع، موضحين اسبابها بالقول: «كيف ستشارك في تسمية رئيس الحكومة المقبل اذا استقال نواب كتلتك؟».

تحرّر الحريري

اما اليوم، فالوضع مختلف، وبخاصة بعدما تحرّر الحريري من التزاماته السياسية والشخصية والداخلية بعد اعلانه الاعتزال السياسي. ومن الطبيعي ان يتجّه نوابه الى الاعتكاف ومن ثم الى الاستقالة من مجلس النواب بحسب المصادر المقرّبة من الحريري، «هذا فيما لو ارادوا فعلاً التماهي والالتزام بقرار موقف رئيس كتلة تيار «المستقبل» النهائي والحازم». الّا انّ السؤال المطروح الكبير اليوم هل سيفعلون؟

ويكشف مصدر مقرّب من الحريري، أنّ يوم إعلان الرئيس سعد الحريري اعتزاله جمّدت الصدمة أعضاء كتلة «المستقبل» وجمهور ومناصري التيار الازرق قبل سواهم، حتى انّ بعض نواب كتلة «المستقبل» حاول التهرّب من اسئلة الصحافيين حين سُئلوا عن مصير ترشيحاتهم، علماً انّ المعلومات المسرّبة تفيد بأنّ كثراً منهم ولأسباب شخصية وخاصة ومحلية، قد لا يناسبه عدم الترشح الى الانتخابات النيابية… على قاعدة لا احد منهم يهوى إقفال بيته السياسي.

وفي السياق، تشير مصادر مطلعة على نشاط نواب كتلة «المستقبل» انّ البعض منهم ينوي عدم التقيّد بالإنسحاب من الحياة السياسية، علماً انّ الحريري لم يفرض على النواب غير المنتسبين الى «المستقبل» عدم الترشح.

إذ تشير المعلومات انّ النائب وليد البعريني يعلم انّ باستطاعته تأمين الحاصل الانتخابي في منطقة عكار من دون دعم تيار «المستقبل»، كذلك الامر بالنسبة الى النائب سامي فتفت في الضنية المتمكن ربما من بلوغ الحاصل الانتخابي من دون دعم تيار «المستقبل»، وبالإضافة ايضاً الى النائب الحالي هادي حبيش الذي وفق حساباته الانتخابية يستطيع تأمين الحاصل الانتخابي مع او من دون مشاركة تيار «المستقبل».

اما طرابلسياً، فتجدر الإشارة الى موقف النائب «ابو العبد كبارة» الذي يبدو وفق المعلومات انّه ماضٍ في خوض المعركة الإنتخابية من خلال ترشيح ابنه كريم كبارة الذي يملك أصواتاً وازنة في المدينة. فيما تتحدث المعلومات عن تشكيل لائحة شمالية ستضمّ كبارة مع الوزير والنائب الحالي فيصل كرامي، بالرغم من الخصومة السياسية بين الرجلين، إلّا أنّ الحسابات المناطقية تفرض تلاقي الطرفين في المعركة الانتخابية، وذلك للملمة الوضع السنّي الداخلي ومنعاً لتشرذمه في طرابلس، بخاصة بعد اعتزال الحريري.

ميقاتي يراقب

يبقى رئيس «تيار العزم» الذي يترقب الطرابلسيون موقفه، وما إذا كان سيترشح ام لا، فيما يبدو الرئيس ميقاتي وفق مصادره غير مستعجل، بل انّ الاستحقاق النيابي هو آخر همومه…

الّا انّ الموقف الرمادي لميقاتي حتى الساعة يدعو لتساؤل المتمرسين في اللعبة السياسية من أبناء المدينة: « بانتظار حسم ميقاتي قراره بالترشح او عدمه، هل سيغض النظر عن تغطية للائحة محبوكة تضمن له ثلاثة او اربعة نواب؟!»، ويجيب هؤلاء: «ما بتقطع».

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى