هل يستجدي الغرب تعاون إيران نووياً؟
كتبت هدى رؤوف في إندبندنت بالعربي.
هل تتلاعب إيران بالغرب أم يتلاعب الغرب بملفها النووي؟
تساؤل يثار مع تكرار نمط التعامل بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية على النحو الذي بات معروفاً سلفاً مساره، مثلما يطرح تكرار هذا النمط التساؤل حول جدية الغرب في التعامل مع الملف النووي الإيراني والانتشار النووي بالشرق الأوسط، وماذا على دول المنطقة أن تتخذ من تدابير حال تم اعتراف الغرب بالوضع النووي لإيران؟
وسبب تلك التساؤلات هو بيان الدول الغربية في شأن دعوة إيران للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا في بيان مشترك أن طهران تصر على عدم التعاون مع الوكالة، وأنه لم يتحقق أي تقدم في قضايا الضمانات العالقة وأنشطة التحقق منذ آخر اجتماع لمجلس محافظي الوكالة في يونيو (حزيران) 2023، مطالبين إيران بتقديم معلومات موثوقة فنياً في ما يتعلق بالعثور على جزيئات يورانيوم مصنعة في موقعين سريين.
كما هدد البيان إيران بأنه ما لم تبدِ التزاماً فسيكون على مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية أن يستعد لاتخاذ مزيد من الإجراءات لمحاسبتها، والمثير للدهشة أن هذا البيان يتناقض مع أجواء الصفقة التي عقدت بين إيران وواشنطن وبناء عليها أفرجت واشنطن عن 6 مليارات دولار من أرصدة إيران المجمدة.
وخلال عقد المحادثات السرية بين إيران وواشنطن في شأن الصفقة، خرج بيان من مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية كله تفاؤل بالتفاهمات المشتركة التي وصل إليها مع إيران، وأن القضايا العالقة معها في شأن المواقع السرية والإجابة عن آثار اليورانيوم بها حُلت.
وقدم غروسي تقريرين حول إيران في يونيو الماضي، أبلغ فيهما أعضاء المجلس أن الوكالة أغلقت ملف أحد المواقع النووية السرية الثلاثة، فيما تبقى موقعان سريان لا تزال الوكالة تحقق فيهما، كما أكدت طهران أن كثيراً من العقبات أزيلت بينها وبين الوكالة الدولية.
وجاء بيان واشنطن والدول الأوروبية الثلاث الآن حول التنديد بعدم تعاون إيران بعد الإفراج عن الأرصدة وإتمام الصفقة مع الولايات المتحدة، وربما أن من المفهوم هو نمط تفاوض إيران مع الغرب، الذي يتبع نمطاً متعرجاً من التعاون والتشدد، كما كان مفهوماً نمط تعاملها مع الوكالة الدولية، إذ تظهر طهران بعض الليونة قرب إصدار التقرير ربع السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية تحاشياً لتحويله إلى مجلس الأمن، ثم مع الوقت تعاود التشدد، لكنها تشددت هذه المرة على نحو لم تكن تكترث فيه بإظهار تعاونها في ما يخص الإجابة عن آثار اليورانيوم وكاميرات المراقبة التي أزالتها منذ فترة.
وهذا جميعه مؤشر إلى أن الصفقة التي عقدت مع واشنطن وعلى إثرها حصلت على الأموال المجمدة، وهي الصفقة التي شمل ملفات أخرى منها سوريا والعراق، منحت إيران مزيداً من الثقة والتعنت لأنه لم يكن لديها أي قلق من بيان مجلس محافظي الوكالة المرتقب مثل كل مرة، ومن ثم لم تحرص على تهدئة المجتمع وإظهار بعض المؤشرات لتدل على استعداد أكبر للتعاون مع المجتمع الدولي في شأن برنامجها النووي، بما يوحي بأن لديها يقيناً بأنه من غير المتوقع أن تمرر أية قرارات جديدة تدينها.