هل بدأ عهد الإصلاحات الداخلية في الكويت؟

كتب أحمد الدواس في صحيفة السياسة.
مع الأسف، الموظف الكفء في الحكومة يتعرض للظلم، والسيئ يحصل على ترقية.
فمن بين القصص الواقعية، قصة موظفة في وزارة “الأوقاف” كانت تعمل بكفاءة، وأحق بالترقية، لكن الوزارة تخطتها في ذلك، وأعلنت بقرار ظالم ترقية 60 موظفا، وأهملت شأنها، ما حدث وصفته المحاكم بأنه فساد القرارات الحكومية، وتعسفها في استخدام السلطة، فرفعت الموظفة قضية ضد الوزارة أشارت فيها الى أنها أفضل الموظفين، وأنها الأحق والأجدر، وكسبت القضية بإبطال جميع قرارات الترقية.
أتفهم تماماً مشاعر الحزن لدى الموظفة، فقد مررت بالتجربة نفسها، وكنت أكتب التقارير السياسية والاقتصادية من دون توقف طواعية، وبإخلاص سنوات طويلة، لكن وزارتي لم تكترث للجهد المبذول، واتبعت الطريقة القانونية.
خلال الأشهر الماضية حدثت عمليات ترضيات ومكافآت بموافقة الحكومة عبر توظيف عدد كبير من المواطنين محسوبين على جهات ذات نفوذ، دون مراعاة لمعيارالكفاءة.
فوضى التوظيف هذه تؤدي، لا شك، الى إغراق مؤسسات الدولة بموظفين غير أكفاء، بل هم في حالة بطالة مقنّعة حتى بلوغهم سنّ التقاعد.
عملية التوظيف هذه اعتمدت على المحسوبية والمجاملة والمكافأة، فساهمت في تقسيم المجتمع، وخلقت شعورا بالظلم لدى مواطنين يمتلكون المؤهلات، العلمية والمهنية، لكنهم لا يستطيعون الوصول إلى وظائف معيّنة محجوزة سلفا لأسر، ومعارف، وأصدقاء بعض أصحاب النفوذ من سياسيين وغيرهم.
هذا الظلم الإداري، بل الظلم الحكومي، جعل كثيراف من الأشخاص يرفعون القضايا أمام المحاكم يطالبون بتعيينهم في المناصب على أساس أنّهم أحق بها ممن يشغلونها فعلا، ففي النصف الأول من عام 2023 استقبلت المحاكم نحو ألف قضية يتظلم أصحابها من التعيينات، ويؤكدون غياب معيار الكفاءة وعدم إتباع القواعد والإجراءات القانونية في عملية التعيين بالمناصب، والوظائف.
وتتعلق أغلب القضايا بمنصب رئيس قسم إلى مدير إدارة، لكن عددا منها يشمل المناصب القيادية بدرجة وكيل وزارة وما شابه.
هذا الأمر أثار انتقادات نواب في البرلمان وعدد من القوى السياسية والدوائر الاجتماعية، فمن رأيهم ان غياب العدالة والتعدي على حقوق الكفاءات يدل على استمرار نهج الفساد، وظلم الكفاءات الوطنية وأصحاب الخبرات، وان استمرار المحاباة في التعيينات يزيد الفساد الإداري، ويتناقض مع الإصلاح المنشود.
هذه الأمور جعلت سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، حفظه الله، يصدر قرارا يوقف بموجبه السباق المحموم على المناصب والوظائف الحكومية، حتى يحفظ حقوق الناس، ويحفظ حالة الاستقرار النسبي في علاقة السلطتين، التنفيذية والتشريعية، فأصدر سموه قرارا بـ”وقف قرارات التعيين والترقية والنقل والندب والإعارة في جميع أجهزة الدولة لمدة ثلاثة شهور قابلة للتجديد”.
وألزم قرار سمو ولي العهد جميع أجهزة الدولة المعنية بتنفيذه والعمل به.




