أبرزرأي

هكذا تخفي إسرائيل عدد قتلى جنودها في الحروب.

حسين زلغوط – خاص, رأي سياسي:

دأبت إسرائيل طوال فترة حروبها على إخفاء العدد الحقيقي لجنودها القتلى، ولا تعترف إلا بالضباط وأبناء العائلات وبعض الخسائر الثقيلة لعدم قدرتها على اخفاء الحقيقة عن عوائل القتلى، ولتخفيف حجم خسائرها في حرب غزة وسابقاً في عدوانها على لبنان عام 2006، إستعانت إسرائيل بالمرتزقة مقابل المال للقتال، وذلك لعدة اسباب أبرزها الحفاظ على معنويات الجنود على خط المواجهة من الانهيار، تخفيف وقع الصدمة على الجمهور الإسرائيلي، وعدم إثارة الرأي العام ضد القيادة السياسية والأمنية، فهي غير مضطرة الى الإعتراف او تسجيل القتلى من المرتزقة.
وبما أن إسرائيل تتغنى بعبارة ان جيشها لا يقهر، فتحاول دائماً إخفاء العدد الحقيقي وذلك كجزء من الحرب النفسية التي تخوضها ضد المقاومة، فإن الإعلان الحقيقي عن أعداد القتلى تأثيره إيجابي على الروح المعنوية والقتالية للمقاومين.
ومن بين الاسباب أيضا المحافظة على السمعة التي بناها جيش الإحتلال عن نفسه داخل إسرائيل وحول العالم، وعدم كسر الصورة النمطية عن “احد أقوى جيوش العالم”.
أضف الى ذلك أن إسرائيل تحصل على الدعم الدولي وعلى المساعدة المالية والعسكرية من واشنطن فيهمها أن تظهر دائماً بمظهر القوي، لذلك تتعمد الإستعانة بالمرتزقة وذلك يتيح لها ترسيخ الثقة إقليميا ودوليا بالأسلحة ومعدات الجيش التي تؤمن له الحماية، سواء الآليات أو البرامج التقنية.

إستعانة اسرائيل بالمرتزقة ليست بالأمر الجديد، إذ إن البداية كانت مع ديفيد بن غوريون في عام 1948، وينقسم المرتزقة إلى نوعين، هم المرتزقة العقائديون المؤمنون بالفكرة الصهيونية ويحاربون من أجلها، والنوع الآخر مرتزقة “البيزنس” الذين يُقدر عددهم في الجيش الإسرائيلي من 3000 إلى 3500 مقاتل، وقد استُعين بهم في حرب غزة الحالية، لأنهم اتفقوا مع وحدة منهم لجمع المعلومات بسبب السقوط الكبير لجهاز المعلومات الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
ومن أهم الأسباب أيضاً لإعتماد اسرائيل على المرتزقة في حربها على غزة، تراجع الروح المعنوية لدى الجنود الإسرائيليين بعد عملية طوفان الأقصى، وعدم إمتلاك جيش الاحتلال الخبرة الكافية في حرب المدن والأنفاق التي تتفوق بها كتائب المقاومة على إسرائيل. وتشير تقارير الى ان الرواتب لا تقل عن 3500 يورو أسبوعياً مع تأمين مليون يورو على حياة كل مقاتل أجنبي، وكل هذا يجري عن طريق شركات أمنية اميركية وأوروبية.
وبعد 6 اشهر من الحرب على غزة، وتسطير المقاومة عمليات نوعية ضد الاحتلال، كيف اسرائيل لا تزال قادرة على اخفاء عدد قتلاها الحقيقي؟ يعتمد جيش الاحتلال سياسة ضبابية في الإعلان عن خسائره البشرية في غزة، ويقوم بإخضاع الإعلانات عن أي قتلى أو عمليات المقاومة إلى مقص الرقابة العسكرية أو منع من النشر، يعرض جيش الاحتلال أموالا على عائلات بعض القتلى، خصوصا من اليهود الشرقيين والروس وبعض الدروز والبدو، مقابل التكتم على خسائرهم، لا يعلن جيش الاحتلال عن القتلى من المرتزقة الذين يقاتلون في صفوفه، “المجندون اللقطاء”، وعادة ما يتم الزج بهم في مقدمة القوات المقتحمة، وهم جنود إسرائيليون، لكن دون كشوف مدنية، وليس لهم سجل مدني مرتبط بعائلات، وهذا شائع في المجتمع الإسرائيلي، وهؤلاء لهم أسماء مثل ليفي وكـوهين وديفيد، لكن العدو لا يتعامل معهم إلا كأرقام، ويدفنهم في مدافن خاصة بهم.
ومع علو أصوات الإدانات هذه المرة بسبب حجم الجرائم المرتكبة في غزة مقارنة بأي حرب سابقة، بدأ الحديث بقوة عن مشاركة المرتزقة في الحرب، ولم يخف الناطق العسكري باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أبو عبيدة، شكوكهم في استعانة الجيش الإسرائيلي بمرتزقة في عدوانه على قطاع غزة، مستدلا بالفارق بين عدد القتلى الذين يسقطون في القتال مع مقاتليهم وما يعلنه جيش الاحتلال ولكن الأمر لم يقف عند شكوك كتائب القسام، بل وصل الأمر إلى مطالبات في البرلمان الفرنسي بمحاسبة الفرنسيين مزدوجي الجنسية الذين يقاتلون في صفوف الجيش الاسرائيلي.
أما في جنوب إفريقيا، فخطت خطوة متقدمة وجريئة، وهددت حكومتها مواطنيها والمقيمين من المشاركين بالقتال في صفوف الجيش الإسرائيلي بالملاحقة القضائية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى