رأي

هاجس اسرائيل: مستوطنات الجليل

كتب نبيه البرجي في “الديار”:

هاجس اسرائيل (هاجس البقاء) في ما يقوله، وما يفعله، آيات الله أم في ما يقوله، وما يفعله «حزب الله»؟

الأصوات العالية في ايران. من ابادة اسرائيل، الى تدمير مفاعل ديمونا، والى القول الأخير لقائد القوات البرية في الجيش الايراني كوميرث حيدري «أي خطأ يرتكبه العدو، يعني تسوية تل أبيب وحيفا بالأرض».

لا مجال للتشكيك بالنظرة الايرانية الى اسرائيل، ان على المستوى الايديولوجي أو على المستوى الاستراتيجي. لكن اللافت أن أي جنرال، أو أي مسؤول اسرائيلي، لم يستخدم تلك اللغة البربرية في تهديد ايران.

الجنرال أفرايم سنيه هدد بأنه لن يترك كلباً يعوي على شاطئ بيروت، وصولاً الى الكلام الأخير لقائد المنطقة الشمالية الميجر جنرال أمير برعام «في الحرب لن يبقى حجر على حجر في القرى والمدن التي يستخدمها هذا الجيش الارهابي». للمرة الأولى يصف جنرال اسرائيلي المقاومة بـ … الجيش!

عاموس جلعاد، رجل الاستخبارات العسكرية الشهير، قال منذ نحو عامين «لا يعنينا كثيراً ما يقوله أئمة المساجد في قم. هؤلاء يريدون فقط أن تصل أصواتهم الى آذان المصلين لا الى آذاننا». في نظره، أن التهديدات الايرانية هي محاولة لتغطية التدني الدراماتيكي للحياة اليومية.

جلعاد رأى أن القيادات الايرانية «التي تسكنها اللوثة الأمبراطــورية التي جعـلت داريوس يصــل الى ضــفاف المتوسط، تدرك أن الدنيا تغيرت، وأن الكرة الأرضية تدور بايقاع آخر. الأهم أنها تدرك ما هي طبيعة ردنا (الرد النووي) اذا ما لامس أرضنا أي صاروخ من هناك».

هذا أيضاً رأي محللين سياسيين اسرائيليين وأميركيين يعتبرون أن «تعامل آيات الله مع المسألة الفلسطينية هو تعامل تكتيكي، بخلفيات جيوسياسية لم تعد بخافية على أي كان». الأميركي ويزلي برودون يذكّر بأن قوروش هو من أنقذ اليهود من السبي البابلي، وأعادهم الى أرض الميعاد.

الاسرائيليون الذين يفاخرون بـ «العمليات الأسطورية» لجهاز الموساد (وأحياناً لشعبة الاستخبارات العسكرية)، في اختراق «النقاط المحرمة» في العمق الايراني، لا ينفون أن الجهاز اعتمد حيناً على الثغرات الأمنية التي يحدثها التشابك المعقد داخل هيكلية السلطة، وحيناً على التصدعات السياسية، وحتى الايديولوجية، هناك…

الموساد اياه بذل المستحيل من أجل اختراق المنظومة الأمنية، كما المنظومة العسكرية، لـ»حزب الله». ناحوم بارنياع تحدث أكثر من مرة عن «يد نصرالله التي لا تزال (لاتزال) مرفوعة في وجهنا»!

ثمة اجماع في اسرائيل على التعاطي مع كلام السيد حسن نصرالله بمنتهى الجدية. محللون كثيــرون يحاولون قراءة ما في رأسه. الخشية الكبرى من مفاجأة تتعدى مفاعيل الصواريخ الدقيقة، بالحمولة التفجيــرية الهائلة، ومفاعيل المسيّرات في ارباك القاذفات وهي التي اعتادت تنفيذ غاراتها «في سماء صافية».

انه هاجس اختراق الخط الأزرق والانتشار داخل مستوطنات الجليل. في هذه الحال لن يقتصــرالأمر عــلى التداعيات الميدانية، وهي أكثر من أن تكون خطيرة.

التداعيات السيكولوجية على دولة مركبة بطريقة هجينة، وقامت على قاعدة «الجيش الذي لا يقهر» والــذي قاتل في كل الحروب السابقة على أراضي الآخرين.

الأميركيون الذين تتمحور استراتيجيتهم الآن على «اعادة القيصر عاري القدمين الى الكرملين»، خائفون فعلاً من انفجار ما في الشرق الأوسط يؤدي الى التاثير الكارثي في قواعد، أو في مسار، اللعبة.

حتماً تهديد «حزب الله» وصل الى البيت الأبيض. هكذا يسارع آموس هوكشتاين للعودة بعدما تصور البعض في واشنطن أن ما يحدث على المسرح الأوكراني يمكن أن يجعل الحزب يلوذ بالصمت حول قيام اسرائيل باســتخراج النفط قبل أن يتبلور الخط الفاصل بين لبنان واسرائيل.

لكن الحزب الذي وحده يمتلك القوة العسكرية التي تهز اسرائيل، أعلن موقفاً في منتهى العقلانية، وفي منتهى الاحراج لعرابي المافيات في الطبقة السياسية، كما لـ»الساديين». انتظار ما تقوله الدولة…

هذه الدولة التي لم تعرف يوماً لا معنى السيادة، ولا مفهوم السيادة، والتي احترف أصحاب الطرابيش الفارغة فيها الانحناء أمام اليد الغليظة، والعصا الغليظة…

يتم قراءة الآن

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى