صدى المجتمع

ندوة لنادي الفنانين التشكيليين برعاية وزير الثقافة في اليسوعية

 نظم “نادي الفنانين التشكيليين اللبنانيين”، برئاسة  الفنان أنطوني عبد الكريم، ندوة بعنوان: “ماذا عن الفن في لبنان؟” برعاية وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى ممثلا بالدكتورة وديعة الخوري، في جامعة القديس يوسف، وفي حضور رئيس الجامعة البروفسور الأب سليم دكاش، نقيب صيادلة لبنان الدكتور جو سلوم، إضافة إلى حشد من وجوه المجتمع ومحبي الفن والثقافة.

بدأت الندوة، التي قدم لها الإعلامي جو لحود، بكلمة ترحيب لرئيس النادي تلاها تكريم رئيس جامعة القديس يوسف والفنان أنطوني عبد الكريم والفنانة والصيدلانية لينا ايدنيان من نقيب الصيادلة.

ومن ثم كانت كلمة للأب دكاش، اعتبر فيها أن “الفن والثقافة إنما هما سر صمود الشعب اللبناني”، مشيرا إلى وضع حجر الأساس لمتحف “بيما – BEMA” للفنون التشكيلية، مثنيا على “أناس يعتمدون في مقاومتهم على الفن والثقافة”.

وألقت الخوري كلمة راعي الاحتفال فرأت أن “… فيما يسير عالمنا اليوم على إيقاع قرقعة السلاح، انفجارا لحروب من هنا وتهديدا بها من هناك، قد يصور للبعض أن الثقافة موضوع ثانوي والفنون ترف لا يليق اعطاءها أهمية فيما حولنا أرواح تزهق وشعوب تهجر. الحقيقة أن الاعتقاد بثانوية الثقافة والفنون في زمن الأزمات الكبرى هو ضلال خطر. فما يوصل الناس والأمم إلى حد التنازع والإلغاء المتبادل هو جهل الآخر وفقدان جسور التواصل والتعارف السليمين، وضمور الوعي بغنى التنوع. لو وجدت مساحات تلاقي حول الفنون لبنيت أسس التقدير والإعجاب بين المواطنين والشعوب، بدلا من الجفاء والإحتقار والتسفيه”.

وسألت: “ماذا بعد وقوع النزاعات والاشتباكات؟ هل يكون الأوان قد فات للتلاقي عبر الفنون؟”. وأضافت: “معالي وزير الثقافة وأنا شخصيا ننتمي منذ أكثر من عشرين سنة لـ فكر حركة “مبادرات التغيير – العالمية”، التي كانت معروفة سابقا باسم “حركة التسلح الخلقي والروحي”. هذه الحركة حققت الكثير من المصالحات بين الأفراد والشعوب عقب الحرب العالمية الثانية. اللافت أن هذه الحركة كانت أكثر ما تحتكم إليه لتقريب المتخاصمين، هو لغة الفن: المسرح؛ المعارض؛ الأعمال الغنائية… من هنا لا بد من التشديد على أنواع الفنون الراقية والهادفة، لا الفن للعبثية والتبجح وادعاء الثقافة. الثقافة والفن إذا لم يخلقا فينا حالة انسانية معينة ووعيا لعمق الغنى في طبيعتنا البشرية ووسعه، فلا قيمة لهما”.

وتابعت: “ما نشدد عليه هو دوما الثقافة والفن اللذين يصقلان فينا نوعية الانسان والمواطن الراقي، المنفتح. الفن والثقافة يستحيل أن يلتقيا مع الانغلاق والخوف والرغبة بإلغاء الآخر المختلف”.

واستطردت الخوري: “تحرص وزارة الثقافة الآن على توجيه كل إمكاناتها نحو مواكبة كل شخص يسعى إلى إنجاز ثقافي. وعلى رغم محدودية الإمكانات المادية، تقوم الوزارة بالسهر على تثمين كل انجاز ثقافي وتظهير المبدعين والثناء على انجازاتهم وتأمين الرعاية أقله من خلال الحضور والمواكبة لكل حدث فني يخدم الغاية السامية للثقافة. والواقع أن ما نشهده من وفرة وتنوع وغنى المواهب، ومن تجاوب مع كل مبادرات الوزارة واقتراحاتها، من تدفق لوحات الفنانين عقب تحضير مساحات قصر الأونسكو، وإطلاق النداء لكل من يريد المشاركة في المعرض، إلى مدى التجاوب مع الدعوة لتوقيع كتب المؤلفين الجدد في سياق نشاطات شهر الفرنكوفونية التي ينظمها فريق عمل الوزراة، والذي يتم في هذه اللحظة تحديدا في المكتبة الوطنية المعاد اطلاقها أخيرا، إلى النشاط الموسيقي – الحواري الكبير الذي تنظمه الوزارة يوم عيد البشارة في ٢٥ آذار … كلها أدلة دامغة على عطش هائل يحرك شعبنا الرائع الطموح المتجدد المقدام والعاصي على اليأس والموت”.

وأَضافت: “هنا يحضرني شعر اللاهوتي الكبير القديس يوحنا الصليب اذ ينشد: (في ليلة مظلمة خرجت أبحث عن الحق) – وهو يكلم ويقصد الله – ويقول: (وحده العطش ينير طريقي في بحثي)”. وختمت: “فليكن عطشنا جميعا إلى الحق، دافعا للتلاقي عبر لغة الفنون الراقية: اللغة المشتركة التي لا تخيب المتكلمين بها”.

وبعد مداخلة للفنانة زينة نادر… كانت مداخلة لأنطوني عبد الكريم رأى خلالها أن “الثقافة حاضرة بالفعل في لبنان، وكذلك الفن… وإذا كان الفن والثقافة في أوقات الأزمات ديناميكيين للغاية، فماذا يمكننا أن نقول عن فترة ما بعد الأزمة؟… ومن ثم نتخيل مشهدا ثقافيا مهما، غنيا بالأنشطة والأحداث… وإن كان ثمة شيء واحد يحسن الصورة السيئة للبنان في العالم قليلا، فهما فن هذا البلد وثقافته. والفنانون الموهوبون قد عرفوا كيف يمنحون اللبنانيين الأمل. وأما إذا نظرنا إلى المجتمع عندنا من وجهة نظر سوسيولوجية، فإننا نعلم أن جزءا كبيرا من اللبنانيين ليس لديهم الفن كأولوية ولا يعتبرونه مهنة. فاليوم تعطى الأولوية لاحتياجات أخرى، وبخاصة خلال الأزمة الاقتصادية التي نعيشها، ولذا فلا تعتبر مهنة الفنان مهنة جادة لكل اللبنانيين!. ومع ذلك، ثمة ثقافة يجب أن نتبناها لتغيير وجهة النظر هذه”.

وأضاف: “من ناحية أخرى، لا يمكننا أن ننكر أن الكثير من الفنانين يعانون للتقدم في لبنان في مثل هذه الأزمة. وجزء مهم من هذه الصعوبة التي يواجهها الفنانون، مرده اقتصادي، وجزء آخر يتعلق بالثقافة اللبنانية، من دون أن ننسى أن الدولة القوية ثقافيا، يجب أن تكون محمية من التوترات والأزمات السياسية، وهذا ليس ما هو قائم اليوم”.

وسأل عبد الكريم: “ماذا عن الفن في لبنان؟ الفن يتقدم ببطء ولكن بثبات، وثقافة اللبنانيين تنفتح على الخارج… فالفن هو عمل من أعمال المرونة، ولأن ثمة أشخاصا يهتمون للفن، فأنا متأكد من وجهة نظري المتواضعة أن الفن اللبناني سيذهب بعيدا”…

ورأت الفنانة جيزيل أبي خليل الحاج، صاحبة “مبادرة أغصان الأرزة ٢٠٢٠”، في مداخلة لها، أن “الفن وإن كان يتجلى في أشكال متعددة… ولكن الأهم أن كل هذه الأشكال تهدف إلى إبراز حقيقتنا ووقعنا الإنساني، وكذلك واقع العالم الذي نعيش فيه”.

وشددت على وجوب أن يبقى الإنسان متيقظا، “ليس فقط على حركة الحياة الناجمة عن الوقائع والأحداث المختلفة، ولكن عليه التنبه أيضا إلى الحركة الكامنة في نفسه، حيث نكون في علاقة مع مصدر إبداعنا”… ورأت أن “فعل العيش هو فن، وأن نكون أو أن نسعى إلى أن نكون إنسانا أفضل… هو أيضا فن. وأن نكون مواطنين فن… أن نعبر… نتكلم… نتواصل… كل ذلك من الفن… وكذلك أن نصمد فن!”.

وأضافت: “إن تاريخ بلدنا لطالما كان يتقاطع دائما مع الحروب والأزمات… ولكنه أيضا كان متشحا بالقوة وهو يرسم ملامح شعب متمسك دائما بالحياة، ويتحدى الموت في كل أشكاله”…

واستدركت: “أن تكون مرنا، لا يعني البتة أن تنكر الحقيقة، وإنما بالعكس، هو أن في أن ترى الحقيقة في واقعية، وعلى رغم ذلك، تستمر في البحث عن شعاع ضوء، يرشدك إلى مخرج يمكن الولوج إليه… والإنسان المرن لا يستسلم أمام التعاسة”…

وأضافت: “عقب انفجار 4 آب، بادرت (جذور الأرز 2020)، بترسيخ ذاكرة شعبنا، المستهدف على أرضه والمحكوم بالموت، رغما عنه، وبفقدان الأمان وكل ما يملك، وبوضع حد لأحلامه ومشاريعه… بيد أن شعبنا استعاد زمام الأمور، واسترجع قوة لديه، تمكنه من تحدي الموت والظلم، ليعود مجددا إلى الحياة”…    

وختمت الحاج: “نحن نقاوم الشر معا، لنبق مرنين ولنكمل سيرنا فنعاين انتصار الحياة!”.

ورافق الحدث معرض للرسم.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى