حسين زلغوط
خاص_ رأي سياسي
يبدو ان مسألة الإجازة للحكومة الاقتراض بالعملات الأجنبية من مصرف لبنان ، ستكون مادة خلافية تضاف الى جبل الخلافات الموجود بين القوى السياسية، ان لجهة ما مدى احقية البنك المركزي الامتناع عن قرض الحكومة، او لجهة الالية التي يتوجب اللجؤ اليها للحصول على هذه القروض.
في الشق الاول فان حاكم مصرف لبنان بالوكالة وسيم منصوري ترك الباب موارباً بموافقة مشروطة وبمبلغ محدود ولفترة محدّدة، على ان تلتزم الحكومة ردّ المبلغ الذي هو ممّا تبقى من حقوق المودعين ، وهذا كان من بين الشروط التي وضعها للعودة عن الاستقالة التي كان نواب الحاكم الاربعة لوحوا بها قبل ايام من مغادرة رياض سلامه منصبه، وقبل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي هذا الشرط، لكن ما هو مفاجئ كان اعلان المصرف الامتناع عن اقراض الحكومة بالعملة اللبنانية او الدولار، علما وبحسب اي خبير اقتصادي فان الدولة قادرة أن تفرض على البنك المركزي وفقًا للمادة 91 من قانون النقد والتسليف بأن يُقرضها أموالًا، وفي هذه الحالة لا يستطيع الأخير أن يرفض أمام إصرار الحكومة.
ولكن المشكلة تكمن في أن مصرف لبنان ليس لديه أموال سوى في الاحتياطي الإلزامي أو التوظيفات الإلزامية أي أموال المودعين التي تبلغ 9 مليارات و400 ألف دولار وفق ما كان اعلن رياض سلامة قبل انتهاء ولايته ، ولذلك يطلب مصرف لبنان تشريعًا نيابيًا يتيح له إعطاء هذه الأموال.
وبناء عليه فان الحكومة منكبة الان على إعداد مشروع قانون سيصدر عنها خلال ايام قليلة لاحالته الى مجلس النواب ، وهنا تكمن المشكلة حيث ان الانقسام الموجود ورفض كتل نيابية حضور اي جلسات تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية من شانه ان يعقد الامور ويفتح الازمة النقدية والاقتصادية على احتمالات احلاها مر، مع ان مصادر نيابية تؤكد بان رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيدعو الى جلسة تشريعية متى وصل إليه المشروع وفقًا للآلية المُتبعة في العادة مع كلّ القوانين، واذا تأمّن النصاب تُعقد.
لكن المصادر توقعت ان تنشط اتصالات ومساعي على ارفع المستويات بغية نزع الالغام من طريق اي جلسة تعقد للبحث بالشأن المالي كون ان هناك مصلحة جامعة ، في عدم حصول ازمة نقدية سيما وان رواتب القطاع العام مؤمنة فقط لشهر اب فقط، وفي حال لم يحصل حل لمشكلة الاقتراض فان ذلك يعني دخول البلاد في فوضى مالية لم يشهد لها لبنان مثيلا حتى في عز الحروب والاجتياحات التي عصفت في لبنان.
من هنا فان رئيس المجلس الذي يرفض ان ترمى هذه الكرة في ملعب المجلس سيقوم بما يتوجب عليه في محاولة لتأمين المناخات المطلوب لسولك هذا الاستحقاق مساره القانوني والدستوري منعا لاي طعن والدخول في متاهات لبنان في غنى عنها وسط الازمات التي تزنره من كل جانب، ومن غير المستبعد ان يلتقي الرئيس نجيب ميقاتي في غضون ايام قليلة للبحث في المخارج الدستورية لهذه المعضلة المستجدة.
وفي رأي المصادر النيابية ان الوضع خطير جدا وفي حال لم تؤمن الحكومة الغطاء اللازم للقروض التي تحتاجها بالشكل الذي يطمئن البنك المركزي فاننا سنكون امام مشكلة لا افق لها، سيما وان هناك من سيسعى لاستغلال هذا الموضوع لتوظيفه سياسيا، سيما وان الحل للاستحقاق الرئاسي ما زال في قبضة الانقسام الداخلي وعدم مبالاة الخارج، وقد يلجا بعض القوى الى ربط تسهيل الامور المالية مقابل الحصول على مكاسب سياسية وهذا العمل هو من أخبث الاعمال في السياسة حيث تؤخذ لقمة عيش المواطن رهينة، ويوضع البلد على شفير هاوية مقابل الحصول على موقع سياسي هنا او هناك.
ولا تستبعد المصادر ان تلجأ قوى سياسية الى تحريك الشارع مجددا تحت عنوان اموال المودعين ، كأن يصار الى قطع طرقات لمنع عقد اي جلسة تشريعية، على غرار ما حصل في فترات سابقة، وبذلك فاننا نكون حتما دخلنا في مرحلة اشبه بطائرة في السماء من دون طيار وعلى متنها ركاب ينتظرهم الموت المحتم.