خاصأبرزرأي

الموقف الاوروبي بشأن النازحين اعتداء صارخ على سيادة لبنان.

حسين زلغوط
خاص: راي سياسي
 
تتوالى الأزمات على لبنان من دون أن يكون هناك أي قدرة على مقاربتها ومعالجتها، ويعود ذلك الى الانقسام الكبير الذي يسيطر على الساحة السياسية ويحول دون ان يكون هناك من موقف موحد أو رؤية واحدة في مواجهة هذه الأزمات ناهيك عن فقدان الثقة الموجود بين القوى السياسية والتي تعد سببا اضافيا لا بل رئيسيا لحالة الارباك الموجودة حيث تبرع الاطراف السياسية في تبادل الاتهامات وتحميل المسؤوليات تجاه اي ملف او استحقاق.
فمن الاستحقاق الرئاسي، الى تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، الى التعيينات العسكرية ، الى الازمة الاقتصادية والمعيشية التي تضرب لبنان بالطول والعرض ، الى مشكلة النازحين السوريين ، الى المشكلة الجديدة القديمة المتعلقة بالاراضي اللبنانية المحتلة ، كل هذه ملفات مفتوحة تنتظر استقراراً سياسياً ما زال بعيد المنال، وهو ما يفتح في المجال امام الخارج للتدخل بحثا عن حلول من دون اعطاء الاهمية عما اذا كانت الحلول المقترحة تصب في مصلحة اللبنانيين ام لا، والقرار الذي اتخذه بالامس البرلمان الاوروبي من خلال تصويته بأغلبيّة ساحقة على دعم بقاء النازحين السوريين في لبنان، يدل بوضوع على ان العالم بات ينظر الى لبنان على انه دولة قاصرة، حيث ضرب بعرض الحائط المصلحة اللبنانية التي تستوجب عودة هؤلاء الى بلادهم لما يتسببون به من أزمات اقتصادية ومعيشية ، الى جانب انهم باتوا بمثابة قنبلة مفتوحة من الممكن ان تنفجر في اي لحظة وتزج لبنان في آتون توترات أمنية لا تحمد عقباها.
وبغض النظر عن الانقسام الحاصل في لبنان حول هذا الملف ، والتفاوت في الرأي حول تداعيات هذا النزوح وحجم التأثيرات السلبية على مجمل الوضع اللبناني، فانه من غير الطبيعي ان تقدم الدول الاوروبية الى اتخاذ مثل القرار الذي اتخذ والذي أقل ما يمكن القول عنه بأنه اعتداء فاضح على السيادة اللبنانية ، وتدخل سافر في الشأن اللبناني الداخلي، ويعكس وجود نوايا خبيثة مبيتة ضد لبنان ، وان هذا الموقف يجب ان يواجه بالرفض لقطع الطريق على اي دولة تفكر بانتهاك السيادة اللبنانيية لحفظ مصالحها، حيث وكما هو معروف فان النازحين السوريين وغيرهم من المهاجرين من العديد من الدول باتوا يشكلون عبئا كبيرا على الاقتصاد الاوروبي الذي اصيب بنكسة كبيرة نتيجة الحرب القائمة بين روسيا واوكرانيا ، ولذلك فان الاوروبيين اخذوا قرارهم للحد من تدفق النازحين الى بلدانهم وهم اعتقدوا بان لبنان يشكل في ظرفه الراهن الحلقة الأضعف ، وانه لا يستطيع ان يأخذ موقفا جامعا من هذه المسألة وبالتالي يسهل فرض هذا الموقف الذي ربما يليه اغراءات مالية وغيرها ، وقد بدأت منظمات دولية جس نبض لبنان منذ سنوات حول هذا الامر مستغلة الازمة الاقتصادية والمعيشية الموجودة من خلال طرحها برامج ومشاريع اما في مؤتمرات وندوات تعقد ، او من خلال لقاءات تنظم مع سياسيين ومسؤولين في المجتمع المدني ، لمساعدة لبنان ، وكان الموقف الابرز في هذا المجال ما اعلنه في حزيران مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن إبقاء النازحين في الدول المضيفة وربط عودتهم بالحل السياسي في سوريا ، وللأسف انذاك لم يلق هذا الموقف الرد المناسب والحاسم لا بل ان الردود كانت خجولة ، وهو ما شجع البرلمان الاوروبي الى اخذ قراره من دون الوقوف على رأي لبنان المعني الأول بهذا الملف.
ويفترض ان يتفاعل في لبنان القرار الاوروبي، الذي تزامن مع موقف للاتحاد الاوروبي اعلن فيه صراحة ان لا مساعدات للبنان من دون اصلاحات ، وكأنه بذلك يضغط على لبنان من باب المساعدات لحمله على قبول ما يملى عليه والا فانه سيغرق أكثر فاكثر في ازماته المالية والاقتصادية والمعيشية حيث من الطبيعي ان يصار الى استدعاء سفراء الاتحاد الاوروبي وابلاغهم رفض لبنان بالمطلق لهذا القرار ، الذي يشكل سابقة خطيرة ، لناحية فرض قرارات على دولة ذات سيادة وعضو دائم في الامم المتحدة.  

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى