
ديما حسين صلح – خاص “رأي سياسي”:

أن تطلّ من مجلسٍ عائليّ في البقاع لتتّهم لائحة “بعلبك مدينتي” بأنها في خدمة المشروع الأميركي الصهيوني، فذلك ليس مجرد زلّة لسان، إنّه إهانة موصوفة لتاريخ مدينةٍ قاومت بالكرامة كما قاومت بالسلاح، وأذلّت كل غازٍ وظالمٍ من بوابة الأرض، لا من منابر الشعارات.
هل أبناء عواضة والجمال وطه وعساف، أبناء الأحياء التي صبرت على الحرمان وعاشت على الوفاء، صاروا “مشروعًا خارجيًا” لأنهم أرادوا بعلبك نظيفةً وعادلة؟
هل أبناء صلح والرفاعي والشمالي، من مشى بعضهم على تراب الشهداء، وبعضهم دفن أحبّاءه في طريق الوطن، صاروا سفراءَ سفارات؟
هل طه والشياح وحليحل، من يعيشون في قلب غفرة والقلعة والعسيرة وحي المسيحية وغيرها، ويحلمون بتزفيت الطرقات وتنظيف الأرصفة، يُباعون بالمواقف؟
هل صوت امرأة من آل عثمان، أو شاب من آل ياغي أو مرتضى، صار تهديدًا للمقاومة؟
هل مناداة “رعد” جديد بعدالة أحيائه، خيانة؟
عيب.
بعلبك التي أنجبت كل هؤلاء، بعلبك التي صبرت على حرمانكم وتسلّطكم وتقسيمكم، ليست في حاجة إلى شهادة من أحد. نحن أبناء هذه الأرض، لم نُخلفها يومًا، ولم نستورد مشاريعنا من الخارج. مشروعنا واضح: إنماء، عدالة، نظافة، كهرباء، ثقافة، مهرجانات، فرص عمل، صوت حرّ لا يُقصى، وكرامة لا تُشترى.
أما أن تتحوّل كل معارضة إلى خيانة، وكل صوت إلى مشروع صهيوني، فهذه أسطوانة مشروخة لا تصمد أمام وعي الناس، ولا أمام تاريخ العائلات التي تعرف من قدّم ومن نهب، من بنى ومن خرّب، من حرّر ومن قايض دماء التحرير بالمصالح والصفقات.
“بعلبك مدينتي” ليست لائحة أسماء فقط، هي لائحة كرامات، لائحة حلمٍ موؤود نريد أن نعيده للحياة.
فمن يخدم فعلًا المشروع الصهيوني؟ من ينادي بالإنماء؟ أم من يريد بعلبك تابعة، مهمشة، ومقصية حتى من شوارعها؟
نحن من هذه الأرض، ولها وحدها نخدم…