منصوري: حديث المحاسبة يسمعه الجميع لكنه لا يرى تطبيقًا

كشف حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، أنّ الاجتماع الذي عُقد، الأربعاء، مع وفد صندوق النقد الدولي كان إيجابياً، مشيراً إلى أنّ لبنان يسعى للتفاوض مع الصندوق لوضع برنامج يحفظ أموال المودعين وحقوق الدولة، ومعتبراً أنّ من الممكن الوصول إلى نتائج جيدة من هذه المفاوضات.
وأوضح منصوري أنّ صندوق النقد منفتح لمساعدة لبنان، وأنّ المجتمع الدولي ينتظر من لبنان تنفيذ الإصلاحات لبدء مسار المساعدات. وأكد أنّ الحكومة الحالية، من خلال بيانها الوزاري المتناغم مع خطاب قسم رئيس الجمهورية جوزاف عون، قد وضعت النقاط العامة للإصلاح، وهي ثابتة وراسخة، ويبقى تنفيذها، مشيراً إلى أنّ بعض النتائج بدأت تبرز.
ولفت إلى أنّ الحكومة اللبنانية عقدت اجتماعاً واحداً حتى الآن، لكنه يعتقد أنّ اجتماعات أخرى ستليه، وستكون النتائج جيدة، ومن بين هذه النتائج ستُنجَز بعض التعيينات الأساسية في جلسة مجلس الوزراء الخميس، على أن تُستكمل التعيينات الأخرى في جلسات لاحقة، بما في ذلك تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان.
وأشار منصوري إلى أنّ الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي معروفة، وأبرزها تلك المتعلقة بأموال المودعين، وإقرار قوانين إعادة هيكلة المصارف، وتعزيز الشفافية المصرفية، وإعادة هيكلة القطاع العام. ولفت إلى أنّ هناك قصوراً كبيراً في الإدارات العامة، وقد لمس الوزراء الحاليون ذلك عند تسلُّمهم حقائبهم الوزارية، وهم يعملون حالياً على إصلاح ما يمكن إصلاحه بالشكل الصحيح. وأضاف أنّ هناك العديد من القوانين التي لم تصدر مراسيمها بعد، والحكومة منكبّة على إصدارها فوراً، مشدداً على أنّ تنفيذ هذه الإصلاحات على مختلف الأصعدة سيُعزّز موقف لبنان في التفاوض مع الصندوق، إذ كلما زادت الإصلاحات، تحسّنت إمكانية استفادة لبنان من برنامج الصندوق.
وفي ما يتعلق بإعادة الثقة إلى القطاع المصرفي، أوضح منصوري أنّ هناك أربعة أعمدة يمكن بناء الدولة عليها، أولها المحاسبة، التي يجب أن تتمّ عبر القضاء وضمن الأصول القانونية، مع ضرورة تحصين السلطة القضائية ودعم استقلاليتها. أما العمود الثاني، فهو إعادة أموال المودعين، إذ لا يمكن استعادة الثقة بالقطاع المصرفي دون ذلك. أما الثالث، فهو إصلاح القطاع المصرفي، لأنّه لا يمكن للاقتصاد أن يعمل دون وجود قطاع مصرفي قوي. وأخيراً، العمود الرابع يتمثل بإصلاح الدولة وهيكليتها بمختلف الوزارات. وأضاف منصوري أنّ الحديث عن المحاسبة يسمعه الجميع، لكنه لا يرى تطبيقاً فعلياً لها، موضحاً أنّ السبب الرئيسي هو أنّ الجميع يريد أن يُحاسب، بينما المحاسبة يجب أن تتم عبر القضاء، وليس عبر أي جهة أخرى.
في ما يخصّ الودائع في القطاع المصرفي، أوضح منصوري أنّها تبلغ 86 مليار دولار، وهي موزعة بين المصارف بحسب أحجامها، سواء المصنّفة ضمن الفئة “أ” أو الأقل منها. وبيّن أنّ مصرف لبنان لديه تفاصيل دقيقة عن توزيع الودائع، بدءاً من الحسابات الصغيرة التي تقل عن 3 آلاف دولار، وصولاً إلى الحسابات الكبيرة التي تبلغ عشرات الملايين. وأكد أنّ هذا التوزيع الدقيق يساعد في وضع خطة مستقبلية، مشيراً إلى أنّ الدراسة التي أعدّها مصرف لبنان حول هذا الموضوع دقيقة جداً، ويمكن للحكومة الحالية الاعتماد عليها لوضع خطة مقبولة لاستعادة أموال المودعين.
أما بالنسبة إلى مسألة تحمّل الخسائر في ميزانية مصرف لبنان، فقال منصوري إنّ المسألة تشمل أربعة جهات، هم المودعون، والمصارف، ومصرف لبنان المركزي، والدولة. وأكد أنّ المودعين لا يتحمّلون أي مسؤولية، وأنّ على الجميع العمل على إعادة ودائعهم من خلال خطة عادلة تساعد في استرداد الأموال في أسرع وقت ممكن، مشيراً إلى أنّه بعد ستّ سنوات من التأخير، أصبح لزاماً أن يحصل المودع على إجابة واضحة من مصرف لبنان والحكومة والبرلمان، خصوصاً في ما يتعلق بآلية استعادة وديعته والفترة الزمنية المحددة لذلك.
واعتبر أنّه ينبغي للمصارف ومصرف لبنان والدولة التعاون من أجل إعادة أموال المودعين، ضمن خطة تحافظ على القطاع المصرفي، لأنّ الاقتصاد لا يمكن أن يعمل من دونه. ورأى أنّه يجب تحميل المصارف مسؤولية ردّ الأموال، ولكن في الوقت نفسه، ينبغي الأخذ بالاعتبار أنّ أي خطة تُعتمَد يجب أن تحافظ على استمرارية القطاع المصرفي اللبناني. وأكد أنّ المصرف المركزي سيضع كل إمكاناته للقيام بواجباته ودفع ما عليه، لافتاً إلى أنّ الدولة اللبنانية تمتلك ثروات غير مستغلة يمكن دراستها لمعرفة كيفية مساهمتها في ردّ هذه الأموال.
وأشار منصوري إلى أنّ هذه المواضيع تخضع لنقاش يومي داخل الحكومة اللبنانية، وبين الحكومة والمصرف المركزي، مضيفاً أنّه بات من الممكن القول إنّ هذه النقاشات بدأت تُترجم عملياً، وقد تترجم قريباً عبر إصدار قوانين جديدة.