كتب أمجد جبريل في “العربي الجديد”: فاقمت الحرب الروسية على أوكرانيا، تأثير التحولات العالمية والإقليمية على سياسات مصر الداخلية والخارجية؛ إذ كرّست انكشافَ “الأمن الغذائي” لمصر (تستورد 50% من احتياجاتها من القمح من روسيا، و30% من أوكرانيا). كما تصاعدت الأزمات الداخلية المصرية، اقتصاديًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا. وهي مؤشّرات تدلُّ على اجتياز البلاد “مرحلة مفصلية/ حاسمة”، قد تضعها على أعتاب “اضطراب محتمل”، بسبب تراكم الاحتقان والتوتر، ما قد يُدخل “الحالة المصرية” في سيناريوهات خطيرة، في المدى المنظور.
والمؤكّد، في هذا السياق، أن النظام المصري، يعمل جاهدًا على إعادة تسويق نفسه خارجيًّا، عبر الاستناد إلى منح صندوق النقد الدولي مصر قرضًا بقيمة ثلاثة مليارات دولار في 27 الشهر الماضي (أكتوبر/ تشرين الأول)، للتدليل على تحسّن محتمل في الأداء الاقتصادي، وكذا عبر استضافة مصر مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ “كوب 27″، (شرم الشيخ 6 – 18 نوفمبر/ تشرين الثاني). وأخيرًا الجولة الخليجية لوفد الصندوق السيادي المصري، برئاسة أيمن سلامة، بغية مواجهة الفجوة التمويلية التي تواجهها الحكومة المصرية، والتي تقدر بنحو 16 مليار دولار.
في السطور التالية، قراءة لسيناريوهات المشهد المصري بعد 11/11، في سياقاته وتفاعلاته الداخلية والعربية والإقليمية والدولية.
قيود على توظيف استضافة مؤتمر المناخ
ثمة أربعة قيود تقلّص إمكانية توظيف مؤتمر المناخ، في إقالة السياسات المصرية من عثراتها المتراكمة؛ أولها تفاقم وطأة الضغوط المعيشية/ الاقتصادية على المواطن المصري (سيما بعد جائحة كورونا، ثم بعد تداعيات حرب أوكرانيا)، واتضاح “هلامية” المشاريع الاقتصادية الكبرى للنظام، مع استمرار تنصّله من تحمّل المسؤولية عن ذلك، وتكرار الخطابات المتناقضة التي تمزج بين عناصر الوعود المعسولة (“إنتو ما تعرفوش أنو إنتو نور عنينا”، “بكرة تشوفوا مصر”، “مصر حتبقى قد الدنيا”)، ثم مطالبة المواطنين بالتحمّل ستة أشهر، أو عامين، في إطار خطاب التبرير والتعلّل بالزيادة السكانية الكبيرة على الرغم من محدودية الموارد، (محاسبة الرئيس إذا أصبح “دخل مصر تريليون دولار سنويًّا”، أو القول إن “مصر شبه دولة وليست دولة”، أو “إحنا فقراء أوي أوي”)، وأحيانًا خطاب الغضب والتهديد (“اللي هيقرب من مصر هشيله من على وش الأرض”… إلخ).
وثانيها تشديد السلطات المصرية قبضتها الأمنية، خصوصًا في مواجهة الدعوات إلى مظاهرات 11/11/2022، ما يعكس الهلع الرسمي من أي “حراك شعبي” أو “دعوات إلى التظاهر”، على الرغم من استناد النظام نفسه إلى شرعية مظاهرات 30 يونيو/ حزيران 2013، لإقصاء الرئيس السابق، محمد مرسي، ووصفها بالثورة في أدبياته. وثالثها تضاؤل مساحة المناورة والحركة أمام النظام ومؤيديه، بعد استنفاد أدوات شراء الوقت السياسية (مثل: تفعيل لجنة العفو الرئاسي عن المعتقلين، والإعلان عن إطلاق الحوار الوطني أبريل/ نيسان الماضي، ودعوة رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات، الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى عدم الترشّح في الانتخابات الرئاسية عام 2024.. إلخ). ورابعها محدودية جدوى توظيف الأدوات الدعائية/ الإعلامية (مثل عقد المؤتمر الاقتصادي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لإعادة إنتاج خطاب نموذج “القائد البطل” الذي أنقذ مصر من تفكيك الدولة و”أخونتها”، وكذا عبر استمرار خطاب مؤيدي النظام، وإطلاق قنوات جديدة “القاهرة الإخبارية”، لترسيخ سردية نظام 3 يوليو/ تموز واستدعاء “فزّاعات الإخوان المسلمين، و”الإرهاب، والتطرّف الديني، والمؤامرات الكونية (الخارجية والداخلية) لتفكيك الدولة المصرية.. إلخ”).
الأزمة الأوكرانية والدعم الدولي للنظام
لا يمكن تقييم انعكاسات البعد الدولي على استمرارية دعم النظام المصري من دون إدراك تداعيات “اللحظة الأوكرانية”، والنشوة باستعادة مدينة خيرسون من قبضة الروس أخيرا؛ إذ يُرجّح أن تغض إدارة بايدن، في الشهور القليلة المقبلة، النظر عن الملف الحقوقي المصري، ربما مع استثناءات محدودة جدًا، (ملف علاء عبد الفتاح)، بل قد تتقرّب واشنطن من القاهرة، مثلما يكشف وعد الرئيس بايدن في قمّة المناخ “كوب 27″، تقديم 500 مليون دولار لمساعدة مصر في التحوّل إلى الطاقة النظيفة، ومعالجة مشكلاتها في الأمن الغذائي، وكذا الثناء الأميركي على الدور المصري في غزة. لذا لن تترك إدارة بايدن حليفًا بوزن مصر الإقليمي لكي يذهب بسهولة إلى خصمها الروسي، ناهيك عن رغبة واشنطن في زيادة عزلة روسيا، كما اتضح في قمتي آسيان ومجموعة العشرين في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. بالإضافة إلى المحاولة الأميركية لتخفيف سرعة تقارب موسكو مع العواصم العربية، سيما الرياض وأبوظبي والجزائر؛ إذ انطلقت مناورات عسكرية مشتركة بين الجيشين، الروسي والجزائري، في منطقة بشار جنوبي الجزائر، تحت شعار “درع الصحراء 2022″، وهي استمرار لمناورات جرت بين الجيشين في أوسيتيا الشمالية الروسية في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، كما يجري التحضير لزيارة يؤدّيها الرئيس عبد المجيد تبون إلى موسكو، قبل نهاية العام (2022)، ناهيك عن زيارة رئيس الإمارات، محمد بن زايد، روسيا أخيرا، وقرار تحالف “أوبك+”، (5/10/2022)، خفض إنتاج النفط مليونَي برميل يوميًّا، الذي يعني رغبة سعودية في الاستفادة من أسعار النفط في دعم مشروعاتها التنموية، وتوسيع علاقاتها الخارجية عبر “التقارب النسبي” مع موسكو.
وإجمالًا، رفعت تداعياتُ حرب أوكرانيا الطلبَ الدولي على دور مصر، على الرغم من حاجتها لموازنة موقفها بين واشنطن وموسكو وكييف، حفاظًا على المساعدات الأميركية، وعلى تدفق القمحين، الروسي والأوكراني في الوقت نفسه. وصحيحٌ أن لدى دول عربية أخرى مشكلات مشابهة في أمنها الغذائي (مثل تونس، المغرب، ولبنان، واليمن) لكنها ليست بحدّة مشكلات مصر، ولا بأهمية القاهرة حليفًا لواشنطن. ومن مفارقات تداعيات الأزمة الأوكرانية أن واشنطن وموسكو باتتا أكثر حرصًا على جذب مصر، التي ربما تستضيف مفاوضات التفتيش المتبادلة على المنشآت النووية الأميركية والروسية، بموجب اتفاقية “نيوستارت” المتوقفة منذ مارس/ آذار 2020.
صعود أدوار تركيا وإيران وإثيوبيا وتراجع مصر
بخلاف البعد الدولي الداعم لاستقرار “الحالة المصرية”، تتفاوت تأثيرات البعد الإقليمي الذي تبرُز فيه قضايا جديدة تحتل أولوية ربما تتقدّم على الملف المصري حاليًّا. وعلى الرغم من محورية العلاقة الإسرائيلية المصرية في إقليم الشرق الأوسط، وعدم توقع اهتزازها بعد فوز زعيم حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، في الانتخابات الإسرائيلية، نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، فإن هناك احتمالًا بأن يُحدِث تصاعد المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وتجدّد أشكالها ضغوطًا على علاقة مصر والأردن بإسرائيل، سيما إذا انفلتت الأوضاع الفلسطينية من عقالها، وعادت إلى حالة ما قبل التسوية، أو اتجهت نحو انتفاضة شعبية شاملة. وكذلك إذا توترت العلاقة بين إدارة الرئيس بايدن وحكومة نتنياهو، سواء بسبب الاعتراض الأميركي/ الغربي على شخصيات متطرّفة في الحكومة الإسرائيلية مثل إيتمار بن غفير، أو قرار مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (FBI) فتح تحقيق في الولايات المتحدة في اغتيال صحافية قناة الجزيرة، شيرين أبو عاقلة، ورفض كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي يئير لبيد، ووزير الحرب بيني غانتس، التعاون في هذا الصدد.
ولعل مما يؤكد تراجع أولوية استقرار مصر على الأجندة الإقليمية بروز أربع قضايا رئيسة تخص صعود أدوار الفاعلين الإقليميين الآخرين؛ تركيا وإيران وإثيوبيا والجزائر؛ إذ نأت أنقرة بنفسها عن الدعوات إلى التظاهر في مصر (في 11/11)، بل أوقفت الإعلامي، حسام الغمري، حرصًا على قطع أي اتهاماتٍ لها بتأييد المعارضة المصرية، بعد أن دخلت علاقتها بجماعة الإخوان المسلمين حالة “فتور واضح”، ربما يكشف عن تغير وضعهم بوصفهم “قضية إقليمية” تعيق التقارب المصري التركي. كما جرى إغلاق قناة “مكملين” بالكامل أبريل/ نيسان الماضي، ضمن سلسلة إجراءات بدأت بخفض سقف الانتقادات وانتهت بالإغلاق ومغادرة تركيا، في إطار “التهدئة الإعلامية” بين أنقرة والقاهرة، توطئةً لتطبيع العلاقات السياسية بينهما، على الرغم من استمرار خلافاتهما في ملفات السياسة الخارجية، خصوصًا ليبيا.
واللافت أن تركيا نجحت في توظيف تداعيات الأزمة الأوكرانية في تنشيط دبلوماسيتها ووساطتها بين روسيا من جانب، وأميركا وأوكرانيا من جانب آخر، ليس في توقيع اتفاقية الحبوب 22 يوليو/ تموز الماضي فحسب، بل في تمديدها أيضًا، لتصبح أكثر الوسطاء قبولا بين هذه الأطراف جميعًا. كما نشطت الدبلوماسية التركية لعقد القمة التاسعة لمنظمة الدول التركية في سمرقند (11/11/2022). إضافة إلى ضغط أنقرة على واشنطن بعد تفجير إسطنبول (13/11/2022)، بما يدفع إدارة بايدن إلى دعم أدوار الوساطة التركية في أزمة أوكرانيا، وكذا دعم واشنطن حصول أنقرة على مقاتلات “إف-16”.
وعلى ضوء تفاقم معضلة إسرائيل في أزمة أوكرانيا، واحتمال تحوّلها ساحةً أخرى للصراع الإيراني الإسرائيلي بالوكالة، زادت الحاجة الإسرائيلية إلى العلاقة مع تركيا، بوزنها الصاعد إقليميًّا، بالتوازي مع تآكل قدرة إسرائيل على توظيف تداعيات الحرب، وتحوّل تل أبيب من ادّعاء “الحياد” في البداية، ومحاولة ممارسة جهود الوساطة بين الطرفين، الروسي والأوكراني، مرورًا بـ”الانحياز التدريجي” لكييف، وربما وصولًا إلى تزويدها بأنظمة دفاعية إسرائيلية، ردًّا على دور إيران في تزويد روسيا بالمسيّرات، وقلق تل أبيب من إمكانية مواجهتها لاحقًا، عبر حلفاء طهران في سورية ولبنان وغزّة واليمن.
وبالنسبة لإيران، ثمّة احتمال لعودة واشنطن وعواصم أوروبية إلى استخدام “الفزّاعة الإيرانية”، عبر اتهام طهران بزعزعة الاستقرار الإقليمي، والتحضير لهجماتٍ على منشآتٍ نفطيةٍ سعودية، ما يعكس تضاؤل احتمال العودة الأميركية إلى الاتفاق النووي الإيراني، وتحرّك الأميركيين والأوروبيين نحو تشديد العقوبات على إيران، والتصعيد ضد ملفها النووي عبر تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ناهيك عن دعوة فرنسا وبريطانيا وألمانيا الأمم المتحدة إلى فتح تحقيق عن استخدام روسيا مسيرات إيرانية الصنع لمهاجمة أوكرانيا، إضافة إلى قيام إيران باستهداف ناقلة النفط “باسيفيك زيركون”، التي تشغلها شركة “باسيفيك شيبينغ”، ومالكها الملياردير الإسرائيلي عيدان عوفر، ما يعني إجمالًا عودة الصراع الإيراني الإسرائيلي، سواء بالوكالة (في سورية، ولبنان، وغزة) أم بحروب الظل (في البحار، والمجال السيبراني، والاغتيالات … إلخ)، إلى صدارة الأجندة الإقليمية، مع تآكل أكبر في وزن مصر الإقليمي.
وهذا قد يدفع إثيوبيا إلى تشدّد أكبر في أزمة سد النهضة (مع مصر والسودان)، ورفض أية مطالب بتعديل مسار عملية ملء خزان السد، ما يعني في المحصلة احتمال تعزيز موقع إثيوبيا إقليميًّا على حساب مصر، سيما في حال نجاح “الاتفاق الدائم لوقف الأعمال العدائية”، بين إثيوبيا وجبهة تحرير تيغراي (2/11/2022)، الذي جرى توقيعه في جنوب أفريقيا، عبر جهود وسيط الاتحاد الأفريقي الخاص، الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانجو، ما قد يفتح الباب أمام تحسّن علاقات أديس أبابا الخارجية، على ضوء الترحيب الأميركي والبريطاني والجزائري والسوداني والصومالي والقطري بالاتفاق.
في مقابل حالة الارتباك في العلاقات العربية لمصر، وقيام القاهرة بمناورات يائسة تكاد تنحصر في دور المنافس المعطِّل (في الملفين الفلسطيني والليبي)، كونهما يبتعدان تدريجيًّا عن مساحة نفوذها، ويشهدان دخول فواعل عربية وإقليمية تتنافس مع الأجندة الإقليمية للقاهرة، تلوح في الأفق فرصة ثمينة أمام الجزائر، استنادًا إلى موقفها الجديد في أزمة ليبيا ورفض “عسكرتها” ودعم الشرعية وإجراء انتخابات، ورفض الاعتراف بالحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي، برئاسة فتحي باشاغا. بالإضافة إلى نشاط الدبلوماسية الجزائرية، في التوصل إلى إعلان المصالحة الفلسطينية 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وخطاب الرئيس عبد المجيد تبون في القمة العربية الحادية والثلاثين في الجزائر وتشديده على مركزية القضية الفلسطينية.
وعلى عكس حالة تآكل أوراق نفوذ مصر إقليميًّا، ورهاناتها الخاسرة على محور الثورات المضادّة بقيادة دولة الاحتلال الإسرائيلي، يبدو تصاعد قوة السياسة الخارجية الجزائرية بفعل ثلاثة عوامل؛ زيادة الطلب على الغاز من الدول الأوروبية بعد الأزمة الأوكرانية. متانة العلاقات الجزائرية الروسية، كما أشير آنفًا. نشاط الجزائر لمنع تعزيز وضع إسرائيل في القارة الأفريقية، وتوجسها من تسارع خطوات التطبيع المغربي الإسرائيلي.
واستطرادًا في تقييم انعكاسات الأوضاع العربية على مصر، يبدو أن التطورات السياسية في السودان وتونس والعراق تؤكد فشل نماذج الثورات المضادّة والانقلابات على الثورات العربية الأصلية عام 2011، والحراك الشعبي ضد الفساد والطائفية، ما قد يسفر، في النهاية، عن تداعيات ارتدادية عربية، ربما تؤدّي إلى حراك شعبي جديد، أو انفجارات اجتماعية، أو حالات فوضى، وصولًا إلى احتمال الانزلاق نحو مسارات “الحرب الأهلية”، في أسوأ السيناريوهات.
إجمالًا لسيناريوهات المشهد المصري، في ظل بيئة خارجية معادية لحدوث تحوّل ديمقراطي في مصر والإقليم، يمكن القول إن إطلاق ثورة جديدة ليس مهمة سهلة على ضوء صعوبة استعادة نموذج ثورة 25 يناير، وغياب “التوافق الوطني”، وتجذّر سياسات تعميق الانقسام المجتمعي والسياسي منذ انقلاب 3 يوليو/تموز 2013.
وفي هذا السياق، يرى عبد الفتاح ماضي، في كتابه “عثرات في الميدان: كيف أخفقت ثورة يناير في مصر؟” (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، الدوحة، 2020)، ضرورة طرح خمس إشكالات أساسية للنقاش العام والعمل على معالجتها؛ “فبعد عقود طويلة من تجريف السياسة وزرع قيم السلبية والخوف والعزوف عن السياسة، تعاني مصر إشكالية عدم وجود قوى اجتماعية ونخب سياسية حقيقية تعكس مطالب الجماهير وتدافع عن التغيير الحقيقي وتفهم أولوياته ومتطلباته ومخاطره الداخلية والخارجية. وثانيها إشكالية الفهم الخاطئ للعلاقة بين الدين والسياسة. وثالثها إشكالية الجيش والسياسة. ورابعها إشكالية الفوارق الاجتماعية والاقتصادية ودولة الامتيازات والاستثناءات القائمة. وخامسها إشكالية الإقليم المعادي للديمقراطية، ودعم القوى الكبرى للاستبداد في مصر”.
يبقى القول إن تجاوز مصر حالتها الراهنة مرتبط، أساسًا، بهزيمة الثورات المضادّة، عبر كسب معركة الوعي وتصحيح الأفكار، وإدراك أهمية “الحراكات الجزئية”، في بناء فعل ثوري ناجح آخر المطاف.
وصحيح أنه لا يمكن تحديد موعد الثورة في يوم محدّد، بيد أنه لا يجب الاستسلام أيضًا لفكرة تمديد/ تأبيد سياسات “جمهورية الخوف والجباية”، في ظل “مراحل انتقالية لا نهائية”، وخطاب سلطوي يخلو من أية رؤية استراتيجية حقيقية للإصلاح السياسي أو الاقتصادي، ناهيك عن امتلاك مشروع مستقبلي يضع مصر المحروسة في مكانتها اللائقة بها، على الصعد العربية والإقليمية والعالمية