كتبت رينا الحصري زيلع في صحيفة “اللواء”: رغم تأجيل انطلاق عمل الوفد القضائي الأوروبي المشترك الذي سيزور بيروت خلال الأيام المقبلة الا ان زيارة هذا الوفد لا تزال محور اهتمام داخلي وتساؤلات وتحليلات حول خلفياتها وأهدافها وتوقيتها والمهمة الذي سيقوم بها الوفد المؤلف من دول فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ، مع تضارب في المعلومات عن عدد الأشخاص الذين سيتم استجوابهم وهم ما بين 15 الى 30 شخصية مصرفية ومالية ونواب لحاكم مصرف لبنان حاليين وسابقين بصفة شهود وغيرهم من المشتبه بهم ربما، وقد عُرف منهم نبيل عون.
وسيتركز التحقيق حول تهم تتعلق بالفساد والاختلاس وتبييض أموال وتهرّب ضريبي مع عدم الاستبعاد ان تلي هذه الزيارة زيارات لاحقة لهؤلاء المحققين، علما ان بعض الشهود قد تم الاستماع إليهم في وقت سابق، كذلك فانه من غير المستبعد انه وبناءً على بعض الإفادات قد يتوسع التحقيق ليضم شخصيات ليست على جدول المحققين الدوليين ومنهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رغم ان مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات أشار الى ان اسم الحاكم ليس من ضمن الأسماء المطلوبة للتحقيق معها.
حول هذا الموضوع وخلفياته ودستوريته تؤكد مصادر قضائية رفيعة المستوى لـ«اللواء» انه وبناءً على توقيع لبنان اتفاقية دولية لمكافحة الفساد في العام 2008 فانه وبموجب هذه الاتفاقية أصبح على لبنان وجوب التعاون الدولي باعتبار ان الفساد يعتبر جريمة عابرة للحدود، وتكشف المصادر ان هناك عددا من الدعاوى العالقة في كل من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ ضد عدد من المصارف ومصرف لبنان، لذلك فإنه وترجمة للاتفاقية التي وقّعها لبنان فانه يحق لهذه الدول طلب التعاون معه من خلال الاستنابات القضائية، وتشير المصادر الى انها ليست المرة الأولى التي تطلب فيها بعض الدول التعاون القضائي مع السلطات اللبنانية التي لم ترد هذه المرة على بعض طلبات هذه الدول لذلك قررت إرسال وفود قضائية الى بيروت للاستماع شخصيا الى التحقيقات مع المتهمين.
وتكشف المصادر بأن دور القضاة الأجانب هو تحضير الأسئلة وتوجهيها من خلال القضاة اللبنانيين والاستماع المباشر الى أجوبة المدعى عليهم لأنه ربما يكون لديهم بعض التساؤلات والمطالبة بإيضاحات لبعض الأمور التي يرونها دقيقة ومهمة، خصوصا ان الدعاوى موجودة أمامهم في بلادهم وليست على الأراضي اللبنانية.
وتشدد المصادر على ان صلاحية من يطرح الأسئلة هم القضاة اللبنانيون وذلك مراعاة لسيادة الدولة التي تنفذ الاستنابات القضائية ضمن التعاون الدولي وبطبيعة الحال فإن هناك ترحيبا قضائيا بهؤلاء الوفود لأهمية استمرار لبنان بالبقاء على خارطة الأمم المتحدة قضائيا.
وتؤكد المصادر ان أولوية القضاة الأوروبيين إنهاء الملفات الموضوعة بين أيديهم وممارسة صلاحياتهم الطبيعية من خلال استكمال القيام بالاستجوابات المطلوبة، وهم يعتبرون ان لا حصانات لدى أي كان، فالسلطة القضائية تعلو على كل السلطات من خلال الاحترام الكامل لتنفيذ كل القوانين.
وتنفي المصادر القضائية الرفيعة أن يكون لخطوة القضاة الأجانب أي خلفيات سياسية معتبرة ان الأمور أخذت أكبر من حجمها وان كل ما يثار حول هذا الموضوع هو في غير محله على الإطلاق، والأكيد والذي يجب على الجميع معرفته حسب المصادر انه ليس هناك أي تعدٍّ على السيادة اللبنانية ولا على السلطة القضائية لا من قريب ولا من بعيد كما يزعم البعض، كما انه ليس هناك تدخّل بصلاحيات القضاء اللبناني، ولكن بعض الجهات الداخلية تريد تحطيم الدولة ومؤسساتها وتحديدا القضاء من خلال إشاعة بعض الأخبار غير الدقيقة حول هدف زيارة هؤلاء القضاة، علما ان هناك آلاف الاستنابات القضائية يتم إرسالها الى مكتب المدعي العام التمييزي وهذا أمر ليس بجديد.
وردا على سؤال تؤكد المصادر ان الدعاوي التي سيتم النظر بها من قبل الوفود القضائية الأوروبية غير مترابطة وبعضها منفصل في كل من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ ولكن تم الاتفاق بين هذه الدول لزيارة لبنان والبت في القضايا محور المتابعة من قبلهم في آن واحد.
وتشير المصادر القضائية الى انه بعد تحقيق كل فريق في القضية المرفوعة في بلده مع الشهود أو المتهمين يتم العمل على استكمال التحقيقات وإصدار الأحكام وليس للقضاة في لبنان أي علاقة بهذه الأحكام.
وتعتبر المصادر الى انه وبعد إبرام أي اتفاقية بين لبنان وأي دولة في العالم تصبح جزءا من النظام اللبناني وقيد التنفيذ لان الاتفاقيات تعلو فوق القوانين المحلية، وتلفت المصادر الى ان هناك أكثر من 50 اتفاقية تعاون موقّعة بين لبنان وعدد من الدول على الصعيد القضائي وحده.
وعن أسماء المصارف المسرّبة في وسائل الإعلام والتي سيتم التحقيق مع المسؤولين فيها، تشير المصادر الى ان هذه الأسماء صحيحة. وعن صفة السيد نبيل عون الذي سيستمع إليه القضاء الأوروبي بصفة متهم، تلفت المصادر الى ان هذا الشخص هو الذي استلم لفترة مسؤولية التداول في أسهم «سوليدير» ثم تعاطى العمل بشركات وساطة مالية.