مشهد الكويت الرقمي

كتب د. ضاري عدل الحويل في صحيفة القبس :
يقول أستاذ التحوّل الرقمي بكلية إدارة الأعمال في المعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD) الدكتور ديديريه بونيه: «عندما يتعلّق الأمر بالتحوّل الرقمي، فالخطوة الخطأ الوحيدة هي عدم المضي به أو اتخاذ أي خطوة بشأنه على الإطلاق!».
نكتب سطورنا اليوم ونحن نحلّق فوق السحاب متجهين إلى رياض المحبة والسلام في الشقيقة، المملكة العربية السعودية، لحضور ملتقى الحكومة الرقمية والذي تشرّفنا بتحكيم «جائزة الحكومة الرقمية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية» مع نخبة من الهامات الخليجية في المجال، وإذا شاء الرحمن سنقوم بتسليط الضوء قريبًا على الجهود الكبيرة التي تقوم بها دول المنطقة، وإبداعاتها الرقمية في مجالات عدة.
نتناول في سطورنا المتواضعة تقريرًا حديثًا أطلقته شركة مايكروسوفت على هيئة «ورقة بيضاء» تناقش فيه القضايا المتعلّقة بقضايا التحوّل الرقمي في الكويت. لأهمية الموضوع ومن واقع انخراطنا في المجال وجهودنا البحثية المماثلة، نتناول أبرز القضايا المشار إليها في التقرير وليس بالضرورة تأييدًا أو تسويقًا للشركة والقائمين عليها، لذا وجب التنويه. تناول التقرير واقع التحوّل الرقمي وربطه مع رؤية الدولة الاستراتيجية، متناولًا أهمية التحوّل الرقمي في قطاعات مختلفة مثل التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية. كما أشار التقرير إلى كيف للقطاع العام تعزيز رحلته نحو التحوّل الرقمي المستدام استنادًا إلى الأعمدة السبعة للتحوّل الرقمي التي حددتها الشركة.
لا شك أننا نتفق مع الكثير مما جاء في التقرير والمتمثّل في تحسين تجربة العملاء من خلال المنصات والقنوات الرقمية المختلفة، بل والحد من أوجه الفساد، كما أشارت هيئة مكافحة الفساد في استشهادها بالتطبيق الحكومي الموحّد للخدمات الإلكترونية «سهل»، حيث تناولت في عرضها المرئي الذي قدمته الأمينة العامة المساعدة لقطاع الوقاية على هامش أعمال الدورة العاشرة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، جهود دولة الكويت في سعيها نحو التحوّل الرقمي وتعزيز مكافحة الفساد. من خلال حصر أهم الخدمات التي تعتبر مدخلًا للفساد – إن جاز التعبير– وربطها بالخدمات المقدّمة رقميًا من دون وسيط سيؤدي ذلك إلى «انخفاض الرشوة في القطاع العام وارتفاع رضا المواطنين عن الخدمات العامة المقدمة».
لن تنجح جهود أي تحوّل رقمي من غير الاعتماد على إدارة محكمة للبيانات والمعلومات والاستناد إليها في اتخاذ القرارات باستخدام التقنيات المختلفة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي. لهذا من الضروري جدًا تبني مبادرات البيانات المفتوحة والعمل على رفع مستوى جودة البيانات الوطنية. علاوة على ذلك، فإن المبادرة في حماية الخصوصية ورفع مستويات الأمن السيبراني واجبة وحتمية، ويأتي ذلك من خلال سن القوانين والأطر التنظيمية اللازمة للتحوّل الرقمي التي تراعي توفير بيئة موثوقة وآمنة تضمن حماية البيانات والخصوصية وفي آن واحد تُمكّن الابتكار لا تكبحه. كما لا يمكن إغفال أهمية تحسين العمليات التشغيلية من خلال الاعتماد على بنى تحتية تقنية حديثة ومتطوّرة مثل شبكات الجيل الخامس والحوسبة السحابية.
تمكين الموظفين ودعمهم رقميًا يُعدان ركيزة أساسية في نجاح التحوّل الرقمي، وذلك من خلال تزويدهم بالمهارات الرقمية اللازمة والأدوات التكنولوجية المتطوّرة. لا شك أن هذا التمكين سيؤول إلى زيادة الإنتاجية وتحسين جودة العمل، إضافة إلى تحفيز الابتكار والإبداع وتطوير حلول مستدامة تلبي الاحتياجات المتغيّرة. الاستثمار برأس المال البشري وتطوير قوى عاملة رقمية ماهرة لقيادة هذا التحوّل ومجابهة التحديات المعاصرة يكاد يكون الركيزة الأهم لتحقيق تحوّل رقمي فعّال ومستدام.
غاب القلب الكبير برحيل أمير العفو والتواضع، المغفور له بإذن الله الشيخ نواف الأحمد الصباح. اللهم ارحم واغفر لمن كان قلبه معلّقًا بالمساجد واشمله بواسع رحمتك ورضوانك واجعل الفردوس مستقره وداره. اللهم احفظ سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح وأعنه على حمل الأمانة في قيادة البلاد لكل ما فيه خير للكويت وشعبها.