رأي

مشروع أممي.. إنذار مبكر لإنقاذ البشر من ارتفاع الحرارة والأعاصير القاتلة

جاء في مقال للكاتبة آن صوفي برندلين في “دير شبيغل”:

مع زيادة وتيرة ظواهر الطقس المتطرفة خاصة موجات الحر القاسية، أقدمت مدن عدة مثل سانتياغو ولوس أنجلوس وملبورن على تعيين مسؤولين عن المناطق الحارة أو ما يُطلق عليهم في بعض الأوقات “مفوضي شؤون الحر” إذ ينوط بهم إيجاد طرق لحماية المواطنين من الآثار الخطيرة الناجمة عن الحر الشديد.

وتعد اليونانية إيليني ميرفيلي واحدة من “مفوضي شؤون الحر” إذ جرى تعيينها كبيرة مسؤولي المناطق الحارة في العاصمة أثينا.

وتؤكد ميرفيلي على أهمية زيادة الوعي بمخاطر الكوارث الطبيعية فيما بدأت مع فريقها منذ عامين على تصنيف موجات الحرارة في إطار تأثيرها على صحة الانسان ، مضيفة “لدينا الآن طريقة للتنبؤ بشتى موجات الحر التي ستضرب البلاد الأسبوع المقبل سواء أكانت سوف تشكل خطرا على الناس أم لا؟”

وقالت إنه بمجرد تحديد مدى خطورة أي موجة حر، فإنه يجري إبلاغ السكان الأكثر عرضة للخطر بكيفية الحفاظ على سلامتهم.

وتأتي المبادرة في إطار خطة الأمم المتحدة لإنشاء نظام مبكر بقيمة تزيد عن 3 مليارات دولار، لحماية كل سكان الأرض من كوارث الطقس بحلول عام 2027.

وفي ذلك، قال مدير خدمات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يوهان ستاندر، إن هذه المبادرة تعتمد على فكرة هامة تتمثل في أنه يمكن “إنقاذ حياة أي شخص قد تشكل ظواهر الطقس والمناخ أو الفيضانات أو المخاطر البيئية ذات الصلة خطرا على حيات

ما هي أنظمة الإنذار المبكر؟

ونظرا لتبايناحوال الطقس التي تتطلب إنشاء أنظمة إنذار مبكر، فتجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد حل واحد لإنقاذ السكان من خطر تداعيات ظاهرة تغير المناخ، لكن كورت شيكمان، مدير مبادرات المناطق الحارة في مركز “أرشت روك” الخاص بأبحاث مقاومة المناخ، قال إن رسائل التحذير تعد هامة “لأن هناك الكثير من الناس يمكنهم القيام بأمور للحفاظ على سلامتهم”.

وأفاد الاتحاد الدولي للاتصالات بأن خدمات الإذاعة والتلفزيون والرسائل القصيرة قد تكون وسائل أتصال هامة فيما قد يمكن إرسال رسائل نصية لسكان المناطق المعرضة للخطر، بيد أن في ظل وجود أكثر من 2.7 مليار شخص على ظهر الأرض محرمين من خدمات الشبكة العنكبوتية، فإنه قد يتعذر توافر مثل هذه الخدمات لكافة سكان المعمورة.

وفي ذلك، قال كوزماس لوكيسون زافازافا، مدير مكتب تنمية الاتصالات في الاتحاد الدولي للاتصالات، إن هذا الأمر يمثل “مصدر قلق بالغ”، مضيفا أنه يوجد في أفريقيا 26 دولة من بين 46 دولة صنّفتها الأمم المتحدة على أنها أقل البلدان نموا فضلا عن وجود بلدان كبيرة يعيش فيها مجتمعات في مناطق نائية ويصعب الوصول إلى سكانها لأنهم محرومون من شبكات الاتصال”.

وأشار إلى أن أحد الحلول يتمثل في إطلاق اقمار صناعية تدور في مدارات أرضية منخفضة وذات تكلفة منخفضة مما يتيح الاتصال بسكان المناطق النائية فيما يأمل في أن يشمل ذلك طرق الاتصال البدائية مثل أجراس الكنائس ومكبرات الصوت وصفارات الإنذار.

وفي أوروبا، يتم إرسال رسائل تحذيرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخطوط الهاتف الساخنة وتطبيقات الهواتف الذكية بشأن موجات الحر التي سوف تضرب مدن مثل ميلانو وباريس وروتردام.

وفي هذا السياق، قالت ميرفيلي إن “تطبيق إكستريما جلوبال الذي نستخدمه يظهر المخاطر التي يواجهها أي شخص اعتمادا على مكانه في أثينا وأيضا عمره وجنسه وهل يعاني من ظروف صحية موجودة مسبقا. وسيرشد التطبيق السكان إلى أماكن التي يمكنهم الاختباء

تجربة بنغلاديش في التكيف مع الفيضانات العارمة

ويرى خبراء أنه من المهم إبلاغ سكان المناطق المعرضة للخطر بالأماكن التي يمكنهم اللجوء إليها فيما تعد بنغلاديش رائدة في هذا المجال حيث باتت تشكّل مثالا يحتذى به على مستوى العالم في مجال مكافحة آثار التغيرات المناخية وخفض عدد الوفيات الناجمة عن الفيضانات والأعاصير.

ومنذ إعصار بولا الذي يعد الأكثر دمارا في تاريخ البشرية والذي أودى بحياة نصف مليون شخص عام 1970، قامت  بنغلاديش بزيادة عدد الملاجئ من 42 مأوى في السبعينيات إلى أكثر من 12 ألفا في الوقت الراهن فضلا عن تطوير نظم الإنذار المبكر وتحسين أنظمة التتبع والرصد باستخدام الأقمار الاصطناعية.

وقد أتت هذه الخطط بثمارها إذ أودى إعصار أمفان بحياة 128 شخصا في الهند وبنغلاديش وسريلانكا عام 2020 في حين لقى مائتي شخص مصرعهم في ألمانيا عندما اجتاحت فيضانات كبيرة البلاد عام 2021 رغم أن الأمطار كانت أقل غزارة والمناطق التي اجتاحتها كانت ذات كثافة سكانية أقل. بيد أنه ورغم ذلك، فإن الخسائر البشرية كانت أعلى.

وفي مقابلة مع DW، قال سليم الحق مدير المركز الدولي لتغيير المناخ والتنمية إن بنغلاديش “تتفوق على أي دولة أخرى في العالم في مجال تحسين قدرتها على إدارة مخاطر الكوارث الطبيعية إذ يمكن تحذير وإجلاء ما بين 2 إلى 3 ملايين شخص في كل مرة يكون هناك تحذير من حدوث إعصار ما يعني خفض عدد الوفيات بشكل كبير.”

وبحسب الأرقام، فقد نجحت بنغلاديش في خفض الوفيات الناجمة عن الكوارث الطبيعية من نصف مليون ضحية إثر إعصار بولا في 1970 إلى 26 ضحية في عام 2020.

يشار إلى أنه في عام 2021، اتخذت المنظمة قرارا بضرورة مشاركة خدمات الأرصاد الجوية بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بيد أنه ليست كافة الدول أقدمت على رقمنة معلومات الطقس الخاصة بها، إذ في طاجيكستان مازالت بيانات الطقس التي تعود لقرن من الزمان ورقية.

وقال ستادر إن “رقمنة سجل بيانات الطقس السابقة ليست مهمة سهلة، لكن في حالة النجاح في ذلك، فإن هذا الأمر قد يساعد في تحسين دقة عمليات التنبؤ بالطقس.”

ماذا بعد؟

ومن أجل مساعدة الخبراء على تحسين تحليل بيانات الأرصاد الجوية بهدف تطوير عمليات التنبؤ بأحداث الطقس، قامت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بتدشين مراكز إقليمية توفر إمكانية تدريب الخبراء على التنبؤ بظواهر الطقس المتطرفة

لكن زافازافا شدد على ضرورة أن يشمل ذلك تدريب السكان على التعامل مع رسائل التحذير المبكرة وكيفية العثور على أقرب طرق الهروب أو توضيح مواقع الملاجئ عند حدوث كوارث بيئة.

وقال “إنه في إحدى المرات، عندما جرى إطلاق إنذار للتحذير من كارثة وذلك من خلال صفارة كانت موسيقية، شرع الأطفال في هذه المدينة في الرقص ظنا منهم أنها موسيقى رغم أنها في الواقع كانت تحذيرا، لذا لم يهرع الناس إلى الملاجئ”.

وأضاف “يتعين تصميم أجهزة الإنذار على نحو يتسبب في إزعاج السكان فيما يلي ذلك إرسال رسائل باللغات المحلية تشرح ما يجب فعله. من شأن هذا أن يؤدي إلى إنقاذ الكثير من الأرواح بشكل تلقائي.”

ان الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن “رأي سياسي” وإنما تعبر عن رأي صاحبها حصرًا.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى