رأي

مستقبل لبنان مرتبط بالترسيم… فمَن يؤخّره؟

كتب غسان حجار في “النهار”:

لا حلول في #لبنان قبل إنجاز الترسيم البحري، وتالياً البرّي، مع اسرائيل. ليست دعوة الى التطبيع كما يحلو للبعض ان يفسرها دائماً، لكنها الواقعية تقتضي الوقوف على الحقائق التي يعيها معظم المسؤولين، من دون التجرؤ على قول الحقيقة. كل الدول التي ظهرت فيها منابع نفطية أو حقول غاز، تعرضت لـ”اجتياحات” اجنبية من أجل استثمار تلك الثروات التي عملت دول كبرى على استثمارها والافادة منها وحفظ مخزونها لزمن مقبل بعد تجفيف منابع النفط الاخرى.

يدرك لبنان ان شركة “توتال” كذبت بقولها إنها لم تكتشف كميات كافية، ومع ذلك لم تنسحب من لبنان، بل طالبت بتمديد عقدها رضائياً لوقت إضافي، ليس ضرورياً اذا لم تتوافر الكميات التي تستحق العناء. ويدرك لبنان جيدا ان اسرائيل، ومعها الدول الراعية لها، تستعجل إنجاز الترسيم، لمساعدة الدولة العبرية على البدء بالتنقيب، بعدما حجزت حصتها من الاسواق العالمية للتصدير، واتفقت على خطوط النقل مع الدول المعنية، وباتت تعتبر ان كل تأخير يشكل لها خسارة كبيرة.

بالأمس قرأت تصريحاً للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم، إثر عودته من زيارة اميركية بدعوة رسمية، قال فيه ان “الجانب الاميركي هو الوسيط الاساسي في عملية التفاوض في شأن #ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وهو حريص على نجاحها في انهاء هذا الملف. وكلما كان الحل أسرع، اصبحت نسبة ظروف النجاح اكبر. الجانب الاميركي متحمس لانهاء هذا الملف وطيّ صفحة يمكن ان تؤدي الى انفجار الوضع مع العدو الاسرائيلي”.

يتضمن كلام ابرهيم تهديداً مبطّناً من الجانب الاميركي بان التأخير يمكن ان يؤدي الى انفجار الوضع جنوباً، في بلد، رغم تنامي قوة مقاومته، لا يحتمل أي خسائر في هذا الظرف بالذات، ولم يعد انسانه مستعداً لقبول أي حرب أو مواجهة أو مزيد من التدمير لبناه التحتية المتهالكة أصلاً.

وقال ابرهيم: “لم يزل الجانب الاميركي ينتظر الرد من السلطات اللبنانية على ما أودعه لديها الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين في زيارته الاخيرة الى بيروت. من المؤكد ان هذا الرد سيفتح باب النقاش والتفاوض مجدداً بين الاطراف المعنيين، ودائما تحت رعاية الامم المتحدة وبوساطة اميركية”.

يُذكر أن هوكشتاين قصد بيروت في كانون الثاني الماضي، اي قبل نحو 5 أشهر، وقدّم عرضاً، سواء كان جيداً أو سيئاً، لكنه لم يحظَ بعد بجواب إيجابي أو سلبي بما يوحي بان لبنان غير مهتم، وغير مستعجل، أو أنه غير قادر على اتخاذ أي قرار.

بالأمس أيضاً أطل السيد حسن نصرالله ليقول: “‏يوجد لدينا ثروة هائلة، ‏‏200 مليار دولار أو 300 مليار أو 500 مليار، وهذه ‏الثروات نسدد بها دَين لبنان، ‏ونعمّر بها لبنان، ونخلق ‏من خلالها فرص عمل، ويتحسن بها سعر الليرة. ‏تصوروا أن لبنان يستطيع ‏بيع النفط، نستطيع ‏أن نعمّر ‏أنفاقاً وجسوراً ومستشفيات وجامعات، ونصبح ‏بذلك دولة غنية بكل ما للكلمة من معنى. نحن ‏ندعو ‏إلى الدولة الغنية، لبنان يستطيع ان يكون دولة غنية ‏بالنفط والغاز وأيضا بالزراعة والصناعة ‏اللتين دُمرتا ‏ضمن السياسات الاقتصادية السابقة، لأنها كلها بُنيت ‏على مشروع التسوية الذي طار، هذا ‏لبنان القوي ‏والغني…”

ربما هي رسالة من السيد الى من يعنيهم الامر، بان الامر قابل للنقاش، وان التفاوض على الترسيم ليس مرفوضاً، وهو يحض الدولة على الرد “الايجابي”. لكن السؤال البارز في هذا المجال: “مَن يؤخّر الرد اللبناني؟”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى