مرشحون يستغلون حاجات الناخبين: الرشاوى تسيطر على المشهد الانتخابي فلا تبيعوا أنفسكم و أصواتكم!!
كتب المحلل السياسي
“نحنا ستة أفراد، شوف الموضوع بمعرفتك، و مين بيدفع أكثر مستعدين ننتخبه”، بهذه الكلمات تحدث أحد المواطنين المقهورين الى مفتاح انتخابي، راجيا أن يؤمن له مبلغا من المال لزوم توفير بعض ما يلزم أسرته من طعام، في زمن تعدت فيه نسبة الفقر في لبنان كل الحدود، و أصبح تأمين لقمة العيش من أصعب الممكن.
و لكن ذاك المواطن لا يدري انه يبيع ضميره و حقه الديمقراطي بانتخاب من يجده أهلا لتمثيله في الندوة البرلمانية و ليس من يشتري صوته لقاء حفنة من المال، و بالتالي لا يحق له أن يحاسبه لأنه اشترى صوته بماله الخاص.
و يبدو أن المال الانتخابي يسرح و يمرح في كل الدوائر الانتخابية، اذ يستغل الكثير من المرشحين حاجات الناس في هذه الاوضاع و الظروف المعيشية السيئة و الصعبة جدا و التي لم يشهد لها لبنان مثيلا منذ الاستقلال و حتى اليوم.
ازدادت الرشاوى و أصبحت أساسا في الانتخابات
المدير التنفيذي للجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات علي سليم يقول: “رصدت الجمعية ازديادا أكبر في وتيرة التقديمات و الرشاوى، مقارنة بالدورات الماصية”.
الرشاوى الانتخابية افة تاريخية
أما رئيس هيئة الاشراف على الانتخابات القاضي نديم عبدالملك فقد أوضح أن “الرشاوى الانتخابية ليست جديدة في لبنان، و مع الازمات المعيشية فان الرشاوى أصبحت أساسا في الانتخابات المقبلة، و تلعب دورا كبيرا في شراء الضمائر، و هذا معروف في البلاد على المفضوح”.
أضاف عبدالملك:”لن تستطيع الهيئة أن تكافح هذا الواقع، رغم أنها عازمة على ذلك”.
و قال:”تمثل الرشوة الانتخابية افة تاريخية في المجتمع اللبناني، من الصعب ضبطها و ملاحقتها أو انهائها بشكل كامل”.
أساليب و أشكال الرشاوى
في موسم الانتخابات الحالي تعددت أساليب و أشكال الرشاوى، منها ما هو متداول سابقا، ومنها ما هو حديث تبعا للاوضاع القائمة حاليا، و منها:
- دفع مبالغ نقدية، يصل بعضها الى مليون و نصف المليون ليرة لبنانية ” عالراس الواحد” و ربما أكثر. يترافق ذلك مع تعهد من الناخب، أو حلفان يمين، أو حجز بطاقة الهوية….
- تأمين تيار كهربائي لمناطق معينة.
- دفع بدل فواتير اشتراكات المولدات الخاصة.
- تقديم مولدات كهرباء للبلديات و المستشفيات مع محروقاتها.
- تركيب ألواح للطاقة الشمسية و مستلزماتها.
- تأمين منح تعليمية.
- تأمين أدوية مفقودة أو غالية الثمن.
- توزيع قسائم مواد غذائية.
- تقديم قسائم محروقات.
- اقامة ولائم.
- توزيع حليب أطفال.
- توفير وسائل النقل أو صرف بدلات النقل.
هذه التقديمات ليست سرية بل يتباهى المرشحون و يتنافسون في تقديمها، بينما تغيب برامجهم الانتخابية، كما هو سائد في البلدان الديمقراطية.
و لا يحق لمن يبيع صوته سلفا ان يحاسب لاحقا من اشتراه منه.
ماذا يقول القانون؟
تنص المادة الثانية من قانون الانتخابات، في فقرتها الاولى على:”حظر الالتزامات و النفقات التي تتضمن تقديم خدمات أو دفع مبالغ للناخبين، أثناء فترة الحملة الانتخابية، و منها، على سبيل البيان لا الحصر، التقديمات و المساعدات العينية و النقدية الى الافراد و الجمعيات الخيرية و الاجتماعية و الثقافية أو العائلية أو الدينية أو النوادي الرياضية و جميع المؤسسات الرسمية”.
أما الفقرة الثانية فقد نصت على:”يرفع الحظر عن التقديمات و المساعدات المذكورة أعلاه اذا كانت مقدمة من مرشحين أو من مؤسسات يملكها أو يديرها مرشحون أو مؤسسات أو أحزاب درجوا على تقديمها بذات الحجم و الكمية، و بصورة اعتيادية و منتظمة، منذ ما لا يقل عن ثلاث سنوات قبل بدء الحملة الانتخابية، و في هذه الحالة لا تعتبر المدفوعات و المساعدات المقدمة أثناء الحملة الانتخابية خاضعة للسقف الانتخابي”.
“تشريع الرشوة”
رئيس الهيئة المشرفة على الانتخابات القاضي نديم عبدالملك يصف الفقرة الثانية بانها “تشريع للرشوة المقنعة، و قد طالبت الهيئة مرارا بالغائها، و هو ما لم يحصل”.
من يشتري صوتك اليوم لن تراه غدا
اذا وضعنا القانون جانبا، فان واجب المواطن ان يرفض بيع صوته، مهما كانت الاسباب و الدوافع، لأن التجارب الماضية أثبتت أن من يفتح لك بيته و يشاركك أفراحك و أتراحك اليوم، سوف يوصد الأبواب بوجهك غدا، و لن ترى وجهه الا بعد أربع سنوات، أي عندما يحين موعد الموسم المقبل…. مصيرك بيدك… صوتك أمانة… فلا تبيعه لأي سبب كان، بل مارس حقك في الاقتراع لمن هو جدير بتمثيلك.