مجلس الأمة والقفز للمجهول
كتب
عدنان عبدالله العثمان في صحيفة القيس:
الصراحة مثل مجلسنا الحالي ما مرّ عليّ، فعلاً مجلس الكتلة الواحدة والإصلاحي كما يحلو أن يطلق على نفسه والمتطابق بشكلٍ كبير مع الحكومة، ونراه الآن يحاول ان يجر البلد إلى القفز للمجهول كما أراد أحد النواب أن يفسر مستقبل الحالة التشريعية في البلاد، هذا المجلس ترك كل الملفات العالقة، سواء المجتمعية منها أو الخدماتية، وكذلك الاقتصادية ولكن ارتأى خلط الأوراق ليجر البلاد إلى المزيد من التشرذم السياسيّ والتموضع المذهبيّ والقبليّ والعائليّ، ومن الواضح أن مشروع القوائم النسبية واللي طرحه بوعبدالعزيز هو الخطوة الأولى لجرّ البلاد إلى الأحزاب ومن ثم الحلم بكابوس الحكومة المنتخبة وأعتقد هذا هو الهدف، وهنا أستغرب طرح بعض النواب بأن المجتمع الكويتي وصل إلى مرحلة النضج السياسيّ، الذي يؤهله لمرحلة جديدة، لا بل ويضربون المثل بأنفسهم! ويعتبرون وصولهم إلى هذا المجلس هو شهادة النجاح والنضج للناخب الكويتي، وفي الواقع أن وصول كتلة متفاهمة للمجلس لا يعني النضج السياسيّ أبداً، فمن وصل إلى المجلس وصل معظمه بطريقته السابقة نفسها، إن كان قبليّا أو عائليّا أو مذهبيّا أو حزبيّا، كل اللي تغيّر أن الظروف ودرجة التذمر الشعبي من خلافات المجلس فيما بينهم وبين الحكومة جاءت بتلك التشكيلة، وأعتقد لو صارت انتخابات جديدة فإن المشهد قد يتغير 180 درجة، ولذا نشوف الربع مستعجلين لتغيير النظام الانتخابي باعتقاد البعض منهم أن هذه الحكومة أضعف من أن تقول «لا»، وهذا قصر نظر من قبلهم، فباعتقادي الشخصي إن كانت الحكومة تتماشى مع المطالبات الشعبوية ليس خوفاً من مجلسكم، بل لتلمسها حاجة المواطن ولكن الخلاف قادم لا محالة، خصوصاً عند تقديمها الإصلاحات الاقتصادية من ضرائب وغيرها، ومشروع تغيير النظام الانتخابي وارد وممكن، ولكن ليس بتلك القوائم النسبية، فهو نظام معقد وغير دستوري، ومثالبه لا تعد ولا تحصى، والتي أعتقد بأنها لن ترى الضوء الأخضر من قبل الحكومة ولا من قبل عامة الشعب، إلّا إذا انتوا شايفين انه أنتم الشعب ولستم ممثلي هذا الشعب، وأعتقد أن الملتقى اللي عُقد قبل كم يوم، والذي نظمته لجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية ملتقى «نظام انتخابي متقدم لمشاركة شعبية فاعلة» خير دليلٍ على ذلك، واللي المفروض أن يتم مع المواطنين ومن أهل الاختصاص لطرح فكرهم وسماع آراء المواطنين، واللي صار أنكم قعدتم تتكلمون وتنَظرون على الناس وما تركتم فرصة للآخرين لإبداء وجهة نظرهم، ونسيتوا أن هؤلاء هم اصحاب النضج السياسيّ الذين تتكلمون عنهم، وأعتقد أن خير من علق وتكلم عن هذا الملتقى الأخ نصار الخالدي أثناء استضافته قناة الشاهد، فبوسليمان وضع النقاط على الحروف، وأنقل بعض مِما قال وأوصي بمشاهدة الحلقة لِما بها من تفسير منطقي لمثالب مشروع القوائم النسبية: «نصار الخالدي ينتقد الملتقى الإعلامي في مجلس الأمة الذي تحول لخطب وشعارات ولم يكن حلقة نقاشية فاعلة ويكمل ويقول: فشلتم في إعداد جلسة نقاشية حقيقية لبحث قانون القوائم النسبية، بدلاً من ذلك سمحتم لبعضكم بإلقاء خطب قصيرة أمام الكاميرات واختياركم لمقترح قانون القوائم النسبية دون النظر الى تجارب عالمية أخرى خطأ كبير قد يؤدي لمشاكل مستقبلية»، ويتساءل: «60 عاماً مرت دون معالجة قضايا النظام الانتخابي، فهل سيستطيع مجلس الأمة وضع قرارات فاعلة بهذا الخصوص؟»، المهم المقابلة شيّقة وبدوري أقول: لا للقوائم ولا للأحزاب ولا للقفز إلى المجهول، ومن أراد القفز إلى المجهول فعليه بنفسه.. اقفز بها على كيفك، أما نحن ووطنا فلا وألف لا…