رأي

مجزرة رفح.. بأيدٍ أمريكية

كتب فارس الحباشنة في صحيفة الدستور.

كان يمكن ان تقصف الطائرات الاسرائيلية المدنيين العزل النازحين في رفح، والقيام بالمجزرة المبرمجة التي ينفذها جيش الاحتلال على النازحين، ويستخدم قنابل ونيرانا فسفورية، وبالتزامن مع نطق محكمة العدل الدولية في لاهاي في قرار وقف كل العمليات الحربية واصدار مذكرة للقبض على نتنياهو ومجرمي الحرب في تل ابيب.
موقف واشنطن من مجزرة رفح مطابق لتل ابيب. ويبدو ان الرسالة الامريكية والاسرائيلية مبرمجة في رفض قرار محكمة العدل الدولية والدعوة الى وقف اطلاق النار والعمليات العسكرية في رفح.
ومن اول ما نطقت المحكمة الدولية في قراراتها، فعبر نتنياهو عن سخريته من قرارات المحكمة، ورفضه الالتزام في تطبيقها، واستخدم لغة
فوقية وعنصرية لا اخلاقية وسياسية وقانونية في الرد، ومواجهة قرار العدل الدولية. مجزرة رفح التي تسببت في استشهاد 50 طفلا وامرأة حرقا بالنيران، تمت بتنسيق امريكي واسرائيلي.
و حملت المجزرة مؤشرا واضحا امريكيا في الرد على المحكمة الدولية.
و السياسة الامريكية تتقيأ كراهية وعدوانية الى الاخر.. فمن ليس في خندق وحلف امريكا، فهو ضدها وعدوها.
مقاربة امريكية تشي في بناء صور وخيالات وافكار حول العلاقات مع دول وشعوب العالم. و من 75 عاما، ماذا خبر الفلسطينيون من امريكا، وفي اكثر من محطة في الصراع العربي / الاسرائيلي. اسرائيل الابنة الكبرى لامريكا، والابنة المدللة.. وهي الابنة الكبرى للشيطان، وشراهة مروعة للقتل والخراب والتدمير. و يبدو كما لو ان امريكا تنتقم وتثأر من البشرية جمعاء.
ومن وصايا التوراة اقتلوا. في واشنطن وصفوا مجزرة رفح بالحدث الصادم، وطالبوا في اتخاذ الاحتياطات لحماية المدنيين.
و جون كيربي، الناطق باسم مجلس الامن القومي الامريكي قال : لاسرائيل الحق في ملاحقة حماس.
و اضاف نتفهم ان الغارة ادت الى مقتل ارهابيين كبار في حماس، وكانوا مسؤولين عن هجمات على مدنيين اسرائيليين. في غزة، هي حرب امريكية واسرائيلية. المساعدات الامريكية المذهلة بارقامها، والتعهد الامريكي في انتشال اسرائيل من الهزيمة والانهيار، واخرجها من تحت الانقاض.
و كما ان سياسة واشنطن في الشرق الاوسط تفتح مسارات استراتيجية لاخراج اسرائيل من هزيمتها وعزلتها، والترويج الى موجة من التطبيع العربي، وفتح ابواب ونوافذ دول عربية الى «حاخامات اورشليم».
و في فلسطين المحتلة امريكا تدشن وجودا عسكريا، وهي خطوة غير مسبوقة، ولاول مرة امريكا تدخل مباشرة على خط الصراع والحروب الاسرائيلية، وفي غزة دشنت رصيفا بحريا، وذلك لاستقبال المعدات والمدرعات والاليات العسكرية الامريكية، وجنوب فلسطين المحتلة حوالي 23 الف جندي امريكي يقيمون في قاعدة عسكرية حديثة التأسيس.
و اسرائيل ام امريكا ؟ ترسانة عسكرية قوية، وقوة ومنظومات صاروخية عملاقة لحماية اسرائيل، وتكريس ابدية الوجود للدولة العبرية في فلسطين المحتلة والبحث عن مجال حيوي لاسرائيل الكبرى، الحلم التوراتي اليهودي.
امام سياسة امريكية منحازة مطلقا لاسرائيل، ولو ان العالم كله انقلب الى جانب فلسطين، وان الدولة والحكومات تبدلت مواقفها، ولو ان نخب ومنظمات العالم انقلبت على اسرائيل، وان الشارع الامريكي تحول رأسا على قاع، فان النخبة في الحزبين الديمقراطي والجمهوري مصممان على توفير الدعم اللامحدود والمطلق لاسرائيل، ودعمها بالاستمرار في جرائم الابادة والقتل الجماعي بحق الغزيين.
امريكا مطمئنة، وغير آسفة ولا مترددة من دعم اسرائيل. وتعرفون ما هي كلمة السر ؟ مصالح امريكا في العالم العربي لم تتعرض الى خطر، ومصالحها قائمة ونشطة مع العالم العربي، ولا شيء قد تغير بحسابات امريكا السياسية والاقتصادية في العالم العربي، بل انها تعمقت اكثر.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى