رأي

ما تأثير التقارب السعودي-الإيراني اقتصاديا؟

ستيفاني حداد.

خاص رأي سياسي…

في وقت يشهد فيه العالم توترات جيوسياسية غير مسبوقة حيث تنشغل القوى العظمى بالحرب في أوكرانيا، تحركت الصين وهي الشريك التجاري الأول لإيران والسعودية لتقريب وجهات النظر، إذ تستفيد بكين من أنها المشتري الرئيسي للنفط من كلا البلدين، ولديها اهتمام باستقرار المنطقة من أجل مبادرتها لضمان انسياب بضائعها لأوروبا وأفريقيا.

يفتح التقارب السعودي- الإيراني صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ومن المتوقع أن ينعكس هذا التقارب بخفض التصعيد والحد من التوتر في المنطقة.

وإنعكس اعلان عودة العلاقات الدبولماسية على الريال الإيراني الذي سجل إرتفاعا طفيفا مع 447 ريال إيراني مقابل الدولار في السوق الحرة. الريال الإيراني هبط إلى مستوى قياسي عند 601500 للدولار  أواخر شهر شباط لكنه عاد إلى الارتفاع في آذار بعد تراجع التوتر في شأن البرنامج النووي الإيراني تزامنا مع زيارة رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلى طهران.

وفقدت العملة الإيرانية  ما يقرب من 30% من قيمتها منذ بدء الاحتجاجات في إيران إثر وفاة الشابة الإيرانية مهسى أميني على يد الشرطة الإيرانية.

ولكن بحسب خبراء إقتصاديين سيكون لهذا التقارب آثار إقتصادية محدودة إذ من المتوقع أن يخدم هذا التقارب بشكل كبير المصالح الإقتصادية الصينية في المنطقة   الا ان استفادة إيران ستبقى في حدود ضيقة ومؤشرات بسيطة ما لن ترفع العقوبات الدولية عنها ، واولها العقوبات الأميركية.

الأكيد أنّ لهذا التقارب آثارًا اقتصادية إيجابية ولكنها لن تظهر في العاجل القريب وستكون مشروطة (برحرحة) أميركية ودولية على إيران والأمر بعيدا نوعا ما خاصة وأن التقارب الحاصل هو نتيجة وساطة صينية.

تأثير التقارب السعودي-الإيراني على الاقتصاد العالمي سيكون في المدى المتوسط محدودا إذ أن حجم الاقتصادين السعودي والإيراني مجتمعين لا يمثلان سوى 2 في المئة من إجمالي الاقتصاد العالمي، إذ يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي للسعودية تريليون دولار، فيما يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لإيران 460 مليار دولار، لكن في حال استمر هذا التقارب على المدى الطويل ستكون للرياض وطهران أهمية كبرى في خطط الصين ضمن مبادرة الحزام ما قد يعزز من الاقتصاد الصيني في حينها ويؤمن غطاء قوي للبريكس.

من المتوقع ان يريح التقارب السعودي-الإيراني الأجواء بين البلدين ما قد ينشط السياحية الدينية بين البلدين ولكنها ستبقى خجولة في الفترة الأولى .

على الرغم من التقارب الدبلوماسي والسياسي الذي أعلن عنه بين إيران والمملكة العربية السعودية إلا أن التنافس بينهما مازال قائما خاصة فيما يتعلق بمشتري النفط الآسيوي إذ أن كلا من السعودية وإيران يصدران النفط كمنتج أساسي خاصة وأن صادرات النفط الإيرانية إلى الصين تخرق العقوبات وتقلل حصة السعودية في ذلك السوق الهام للبلدين. والجدير بالذكر أن حصص مبيعات إيران من النفط تحددها العقوبات الأميركية.

قد يدفع هذا التقارب باتجاه القرارات في تحالف أوبك بلاس، لكنها لن تعزز بالضرورة من الموقف الروسي خاصة وأن موسكو أصبحت تستحوذ على حصص الصادرات نحو الهند والصين. هذا ولم تظهر أسعار النفط ردة فعل فورية بعد الاتفاقية الإيرانية-السعودية لكن الأكيد أن التقارب سيساهم في تخفيف التأثيرات التي تضرب السوق بشكل دوري نتيجة التوترات بين الخصمين.

قد يعزز الإتفاق الإيراني-السعودي من اللوبي الروسي داخل أوبك بلاس، بما يعني أن موسكو ستجد لها دعما أكبر ضمن هذا التحالف بتقارب الرؤية بين الرياض وطهران للحفاظ على مستويات أسعار للنفطتضمن إيرادات جيدة للدول المنتجة خصوصا وأن طهران والرياض مجموعان يسيطران على 14 في المئة من إنتاج النفط في العالم، ولديهما خطط ضخمة في قطاع الطاقة إضافة إلى ارتباطهما جغرافيا بمضيق هرمز الذي يمر عبره أكثر من 21 في المئة من إمدادات الطاقة حول العالم، حيث يذهب أغلبها نحو الأسواق الآسيوية.

 وتتعامل الصين في هذا الملف  مع واحدة من أكثر العداوات استعصاء في العالم، على الرغم من أن الصين غالبا ما تتردد في التدخل في أزمات الآخرين إلا أنها تدخلت أخيرا وقررت أن تحمل مسؤولية صنع السلام في المنطقة.

 وتتنافس القوتان الإقليميتان الكبيرتان على زعامة المنطقة منذ عقود عدة في إطار خصومة بدأت بشكل رئيسي مع قيام الثورة في طهران عام 1979، وتسعى السعودية، التي تواجه المقاتلين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن منذ عام 2015 إلى إنهاء الصراع الذي يعرض منشآتها النفطية لهجمات الطائرات المسيرة والصواريخ خلال السنوات الماضية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى