أبرزرأي

ما الذي أعاد لبنان إلى الحضن السعودي فأرجع المملكة عن مقاطعته؟

كتبت سابين عويس في “النهار”

من #الكويت التي زارها وزير الخارجية الفرنسي جان – ايف لودريان في اطار جولة خليجية له بدأها من الدوحة، جاءت أولى الاشارات المواكبة للانفتاح الخليجي المستجد على #لبنان، بعد اسبوع على بيانات الترحيب السعودية والكويتية بتعهدات الحكومة اللبنانية التي عبَر عنها بيان رئيسها نجيب ميقاتي، بما يشي بتسارع وتيرة الاجراءات المرتقب الاعلان عنها مواكبةً للقرار الخليجي الرسمي بالعودة الى البلد.

لم يخرج كلام لودريان غداة لقائه نظيره الكويتي احمد ناصر المحمد الصباح عن السقف الذي اعتمدته الديبلوماسية الفرنسية منذ فترة، انطلاقاً من المبادرة الفرنسية التي سبق للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ان اطلقها والرامية الى مساعدة اللبنانيين. وهو اذ رحّب بالورقة الكويتية التي تهدف إلى خروج لبنان من الأزمة والانغلاق الذي تسبب هو نفسه به، مجدداً التذكير “بتمنّي فرنسا أن يكون لبنان على قدر المسؤولية وأن يعي ذلك من أجل مصلحة شعبه”، أكد “وجود بوادر وإشارات صغيرة توضح وجود آفاق جديدة”، تلمّسها حكماً من الحركة الديبلوماسية الخارجية التي تساهم بها فرنسا الى جانب السعودية والكويت، ولا تغيب عنها مصر والامارات وأخيراً قطر.

كانت باريس في الأسابيع القليلة الماضية، وتحديدا منذ أقل من شهر، محطة لحركة ديبلوماسية ناشطة محورها لبنان. فإلى اللقاءات التي عُقدت في الخارجية الفرنسية بين مسؤولين فرنسيين وسعوديين، كانت لقاءات مماثلة مع عدد من القيادات اللبنانية التي تدور في الفلك السعودي. وفي حين كان ملف الانتخابات محور المشاورات اللبنانية – السعودية، كانت مسألة عودة الدعم الخليجي من باب المملكة محور المشاورات الاخرى، وذلك من اجل وضع آليات المساعدات التي ستُقدم الى الشعب اللبناني من خلال مذكرة تفاهم لتأهيل مشاريع إنمائية وصحية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، او من خلال انشاء الصندوق الائتماني الذي ربطت المملكة المساعدات المحوّلة اليه بحصول تطور إيجابي في العلاقات بين بيروت والرياض، الامر الذي تلقّفه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بسرعة وعبّر عنه ببيانه الاخير الذي يلتزم فيه وقف التهريب وعدم السماح بجعل لبنان منصة لاستهداف المملكة خصوصاً والخليج عموما.

لمس زوار باريس تقديراً حقيقياً لدى المسؤولين السعوديين بأن غياب المملكة عن لبنان كانت له تداعيات سلبية. وليست هذه الانطباعات شخصية، بل تعبّر عن مناخ سعودي رسمي في هذا الاتجاه.

وفي الحديث عن الاستحقاق النيابي حيث طلبت قيادات لبنانية دعماً مالياً وسياسياً للنجاح في حصول تغيير في ميزان الأكثرية، او على الأقل عدم خسارة المكتسبات المحققة في الانتخابات السابقة، بدا ان هناك ادراكاً سعودياً بأن المساعدات الانسانية لن تكون كافية لتغيّر في ميزان القوى، خصوصا ان المملكة دخلت على الخط متأخرة. ولكن يقابل هذا الإدراك اقتناع بأن ثمة حاجة ملحّة الى عدم ترك الأمور تنزلق اكثر نحو إعطاء حصة اكبر للمحور الممانع في البرلمان، وان في الإمكان إحراز تقدم ولو بطيئاً.

ليس واقع التمدد الإيراني في لبنان وحده ما دفع الخليج الى التحرك نحو احتضان لبنان، بل كان للتطور الروسي -الاوكراني أثره، ولا سيما لجهة تأثيره على المفاوضات النووية في فيينا، حيث تبرز خشية من ان يؤدي رفع العقوبات عن طهران للإفادة من نفطها، الى تسييل أموال ضخمة مجمدة بسبب تلك العقوبات، سيؤدي تحريرها الى الضغط اكثر على المملكة بهدف عزلها.

الثابت ان الإقليم يشهد تطورات متسارعة ولا سيما بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، لن يكون لبنان بمنأى عنها، او بعيداً من نتائجها. وقد تظهّر ذلك بالانفتاح الخليجي بعد مقاطعة لأشهر عديدة. واذا كان الداخل اللبناني يترقب أولى خطوات الانفتاح بعودة قريبة لسفيري السعودية والكويت وتعيين سفير جديد للامارات، فإن مصدراً ديبلوماسياً دعا الى عدم حرق المراحل والسير بخطوات متأنية حتى تأتي النتائج إيجابية وبناءة، خصوصاً ان لبنان اليوم بأمسّ الحاجة الى استعادة الحضن العربي تحت وطأة تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية والمالية، وما رتبته الحرب الروسية من مزيد من الضغط على المستوى المعيشي في ظل المخاطر التي تتهدد الامن الغذائي وأمن الطاقة.

وفي حين كان يُنتظر ان يصدر موقف في شأن عودة التبادل التجاري بين لبنان و#دول الخليج في قرار يصدر عن مجلس التعاون الخليجي الأحد الماضي، الا ان الموضوع لم يُطرح، وقد فُسر ذلك بأنه لا يزال امام لبنان بعض الخطوات او الإجراءات الواجب اتخاذها والاجابة عن النقاط التي كانت أساساً السبب في حظر عدد من الدول تعاملها مع لبنان قبل بضعة أشهر.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى