رأي

ماذا استفاد الغرب من الديموقراطية ؟

كتب حمد الحمد في صحيفة الراي.

ماذا استفاد الغرب من الديموقراطية؟ هذا السؤال طرحه شخص ما في أحد المجالس، وكان ردي عليه بالحال: إن الديموقراطية الحقيقية أساسها حرية الفكر والنهج الليبرالي وتداول السلطة، وقلت لمن طرح السؤال، أنت أتيت لهذا المجلس وأنت تقود سيارة من مُخترعات الغرب الديموقراطي، وحتى هاتفك وحتى النظارة وحتى جهاز الكمبيوتر وحتى الطائرة التي قربت المسافات، وحتى تلك الأدوية والأجهزة الطبية التي لا غنى عنها في كل مستشفى و و و، بمعنى ان كل نواحي حياتنا مُخترعات ومنتجات من دول الغرب الديموقراطي الذي نطلق عليهم في أحاديثنا «الدول المُتقدمة» وكأننا نعترف بأن دولنا غير ذلك.

إذاً، الغرب استفاد من الديموقراطية التي منحت للإنسان صوتاً وقوة واستقراراً سياسياً، وحتى في هذا العقد الأخير، مواقع التواصل من التويتر والفيس بوك وغيره، وهي مُنتجات غربية أعطت للإنسان العادي قوة هائلة لم يكن يملكها من قبل، بالسابق إذا أردت عرض رأي لا تجد منفذاً إلا عبر صحيفة أو إعلام مُحتكر من صحف أو إذاعة أو تلفزيون، الآن بإمكانك خلق قناتك وصحيفتك الخاصة في النت.
لكن مع هذا لا يمكن أن نضع دولنا الخليجية في خانة الدول بغير المُتقدمة، أو نقول المُتخلفة، لأن دولنا لو قارنت وضعها قبل سبعة عقود، لأمكن أن نجزم بأنها من الدولة المُتقدمة حضارياً في مجالات عدة في التعليم والصحة وحقوق الإنسان وغيره، لكن مع هذا علينا أن نجزم بأن التقدم مقرون بحرية الفكر والقول، وهذا حتى الآن غير مُتوافر، فإذا أردت ان تصدر كتاباً فلابد أن تعرضه على جهاز حكومي ليسمح بتداوله، وإذا أردت قولاً ما، كذلك قد يطالك قانون صُمم ليكبت حريتك، ونذكر حادثة الدكتور أحمد البغدادي -رحمه الله، رُفعت عليه قضية بسبب رأي ما، وبسبب تلك الجُملة الذي قالها سُجن، وهو الأستاذ الجامعي والمُفكر الذي له مكانة في مجتمعه (الحادثة عام 1999م).

لهذا، التقدم لا يُقرن بكثرة المال أو بحجم الموارد إنما بحرية الفكر، والغرب لم يغيره المال أو موارده الطبيعية، إنما غيره الفلاسفة وأصحاب الفكر، ومنهم الفيلسوف ديكارت (1596- 1650م)، وهو من فلاسفة القرن السابع عشر الذي أعاد للعقل مجده، ونجم عن ذلك التقدم العلمي الهائل، حيث جعل كل الأفكار السابقة والموروثة تحت المجهر والنقد، ضمن مقولته الشهيرة: (أنا أفكر، إذاً أنا موجود)، حتى أن الكنيسة صنفت كُتبه من الأعمال المحظورة.

الكاتب في عالمنا، وهو يبدأ بالكتابة تحوم حول رأسه رقابات عدة، رقابة الأسرة والقبيلة والدين والتقاليد الموروثة والتيارات المؤدلجة ورقابة الحكومة وحتى رقابة المجتمع بأكمله، وبالتالي تلك الرقابات تحجب كل الأفكار التي في رأسه وتمنعها أن تخرج للوجود، لهذا أرى أن التقدم لا أن نكون بدولة تعيش بأمان ورفاهية فقط، إنما ما تقدمه هذه الدولة للعالم من مُخترعات وإنجازات تفيد الإنسانية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى