أبرزرأي

لمصلحة من تشوه صورة لبنان؟

باسم المرعبي _ناشر موقع رأي سياسي…

صحيح أن الفقر في لبنان لم يعد محصوراً ضمن الطبقات التي تعيش على الحد الأدنى من الأجور، أو تلك التي تتقاضى راتبها بالليرة اللبنانية، بل بات الفقر متعدد الأوجه، يطال جميع الطبقات الاجتماعية، بعدما تبدلت قيمة العملة اللبنانية، وطالت الأزمة الاقتصادية أسس الحياة المعيشية، بشكل أدى الى تبدل المفاهيم التي تحدد أسس الطبقات الاجتماعية في لبنان، وأصبحت الطبقة المتوسطة الأكثر تأثراً، على نحو خلق هوة كبيرة بين الأثرياء والفقراء، لكن ذلك، لم يمنع أيضاً من تأثر الطبقة الميسورة بالأزمة الحالية، وإن بطرق مختلفة.

كل ذلك لا يعني ان لبنان أصبح آيلاً للسقوط كما يعتقد البعض، رغم كل ما حّل به من كارثة اقتصادية، والمستغرب أن هؤلاء ومنهم وسائل إعلامية للأسف تساهم عن قصد أو غير قصد، وربما من بينها لغايات مشبوهة في تشويه صورة لبنان، من خلال الإضاءة على المواضيع السلبية، وتصوير اللبنانيين على أنهم باتو “شحاذين” على الطرقات، وعلى أبواب المؤسسات الإجتماعية والخيرية، فيما تحجب الرؤيا عن المطاعم والمقاهي التي تعج يومياً باللبنانيين، وكذلك الأماكن السياحية حيث كان موسم التزلج هذا العام من أهم الأعوام ، وقد يقال أن معظم هؤلاء هم من المغتربين وليسوا فقط مقيمين وقد يكون في ذلك شيء من الصحة لكن هذا الصرف الكبير يساهم بشكل فعلي في تحريك الدورة الاقتصادية ويساهم في استقرار سعر الليرة ايضاً.

ان لبنان يملك قدرات عالية جداً بشكل يجد فيه اللبناني كل ما يحتاجه إن لناحية الترفيه وارتياد الاماكن السياحية على تنوعها، ولكن ينقصه في المقابل طرق الترويج، والابتعاد عن دمج المواضيع السياسية بالاقتصادية والسياحية، فهناك الجبل وهناك البحر والمسافة بينهما قصيرة على عكس ما هو موجود في العالم بحيث يستطيع السائح مقيم كان أم مغترب أن يستفيد من السباحة والتزلج في يوم واحد، وهذا الأمر للأسف الشديد يحتاج الى حملات اعلانية وترويجية هي الى الآن غير موجودة وان وجدت لا تفي بالغرض المطلوب.

فعلى سبيل المثال لماذا يسارع اللبناني عند أي مناسبة تسمح بالسفر الى تركيا أو مصر أو أي دولة أخرى لتمضية العطلة او للتسوق، بماذا يختلف مناخ هذه الدول عن المناخ اللبناني، علما أن الأسعار لا تختلف كثيرا عن لبنان ان من حيث سعر الغرف في الفنادق أو من حيث اسعار المقاهي والمطاعم والتنقل، وبما يختلف البحر في شرم الشيخ او اي منطقة في تركيا أو دول اخرى مجاورة عن بحر لبنان، أليس العالم كله يتغنى ببحر لبنان وجبال لبنان وطقس لبنان؟ فيما نحن نسارع الى السفر الى الخارج بحثاً عن أشياء هي موجودة في الأصل في بلدنا.

إن ما يجري على هذا الصعيد يدخل في اطار مشروع ممنهج لتشويه صورة لبنان، وتصويره على أنه بات أشبه برجل معّوق على قارعة الرصيف ينتظر أن تأتيه المساعدات من أي جهة، وهذا يدخل أيضا في باب التوظيف السياسي ليبقى لبنان تابعاً.

صحيح هناك ازمة مالية واقتصادية ودول عدة مرّت بهكذا مراحل، لكن لبنان يملك من الثروات المتعددة التي تجعله قادراً على النهوض من جديد والانتقال نحو الأفضل اذا تأمن الاستقرار السياسي، وإذا اقتنع أهل الحل والربط في لبنان بضرورة أن تنتظم المؤسسات فيه من خلال انتخاب رئيس للجمهورية، وإدراك أن الاستمرار في النكد السياسي سيغرق البلد في المزيد من الأزمات.

كل ذلك نقوله من باب الحرص على هذا البلد الجميل الذي قيل فيه يوماً ” لبنان يا قطعة سما “، و”نيال يلي ألو مرقد عنزة بلبنان”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى