رأي

لماذا يرتاح الثنائي اليوم أكثر… وما هي حساباته للمعركة الإنتخابيّة؟

كتبت محمد بلوط في “الديار”:

ازداد منسوب التفاؤل باجراء الانتخابات النيابية في موعدها في الآونة الاخيرة على وقع مسارعة القوى السياسية الى حسم اسماء مرشحيها وتكثيف الجهود لبلورة اللوائح وحسم التحالفات في الدوائر العالقة.

كأنها كلمة سرّ سقطت من فوق على الجميع تقول «الانتخابات حاصلة في ايار كما هو مقرر او محدد، وحسابات او نسبة التأجيل او التطيير صارت شبه معدومة».

صحيح ان التطورات الدولية بعد اندلاع حرب اوكرانيا تنذر بتداعيات خطرة على الساحتين الدولية والاقليمية، وتعزز مناخات التفجيرات الامنية، غير ان الجميع في لبنان يتصرفون على اساس انهم ذاهبون الى صناديق الاقتراع في ايار المقبل، ويتحضّرون للمعركة التي ستكون حامية الوطيس.

وفي هذا الاطار، عزز اعلان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اسماء مرشحي الحزب خيار اجراء الانتخابات في موعدها، وشكل جوابا عمليا على تشكيك بعض الخصوم في تأييده ورغبته بحصول الاستحقاق النيابي.

ويقول احد نواب كتلة الحزب: منذ البداية كنا اول من اكد على اجراء الانتخابات في موعدها، وبدأنا الاعداد لها منذ فترة غير قصيرة، ونحن واثقون من انفسنا ومن اهلنا وجمهورنا الذي وقف معنا دائما في كل الظروف. اما التشكيك في موقفنا، يضيف النائب، فهو أمر اعتدناه من البعض ولا يستحق الرد او التعليق.

الانتخابات ستجري في موعدها، ونحن نعمل على هذا الاساس من البداية ولم نضع في حساباتنا اي شيء آخر. اما اتهامات الاخرين فهي تندرج في اطار الحملات علينا، والمحاولات التي يقوم بها هؤلاء لايهام الرأي العام بأنهم اقوياء ونحن في موقف أضعف.

ويبدو النائب مرتاحا للاجواء اكثر مما كان عليه قبل اسابيع، حيث ان الحذر اكبر واعلى، لكنه في الوقت نفسه يرى ان المعركة ليست سهلة ، وقد اعتدنا التعامل مع هذا الاستحقاق بكل دقة، ولدينا ماكينة انتخابية فاعلة ونشيطة، وهي تعمل بوتيرة عالية في احتساب كل الاصوات وتأمين اكبر قدر من الجهوزية ليوم الاستحقاق.

لماذا هذا الشعور بالارتياح والتفاؤل؟ يتحدث عضو كتلة الوفاء للمقاومة بطريقة مقتضبة، لكنه لا يخفي الارتياح لنجاح الجهود التي بذلها حزب الله أخيراً لتخفيف حدّة الاحتقان بين حليفيه «حركة امل» و»التيار الوطني الحر» في مرحلة اولى، ثم الاتفاق على التحالف الانتخابي الثلاثي في عدد من الدوائر (بقيت دائرتا بعبدا وجزين ـ صيدا قيد التفاوض).

وفي هذا السياق، تشير مصادر معنية متابعة اجواء وتحضيرات القوى السياسية للمعركة الانتخابية، الى ان الاسابيع الثلاثة الاخيرة حفلت بتطورات متسارعة تؤشر الى ان الفريق السياسي الذي يوصف بفريق المقاومة والممانعة حقق تقدما مهما على صعيد لمّ الشمل وتوحيد صفوفه، وبات اليوم في وضع افضل مما كان عليه في الاشهر الماضية. ومما لا شك فيه ان الاتفاق على لوائح مشتركة في العديد من الدوائر وكسر حدة الاحتقان بين «امل» والتيار الوطني الحر على هذا الصعيد يساهم مساهمة اساسية في هذا التقدم، ويعزز من فرص نجاح هذه اللوائح من دون خروقات تذكر.

اما الفريق الآخر، تضيف المصادر، فيبدو اليوم بحالة ارباك بعد أن كان يسعى الى مسك زمام الامور في خوض المعركة الانتخابية وتحقيق مكاسب ملحوظة من خلالها. ويظهر بوضوح ان انسحاب الرئيس سعد الحريري وتياره من خوض هذه المعركة قد انعكس سلبا على هذا الفريق اكثر من فريق الثنائي الشيعي وحلفائه.

وبرأي المصادر ان فكرة استثمار جمهور «المستقبل» لمصلحة الفريق الذي تسعى «القوات اللبنانية» الى قيادته قد فشلت ولا سبيل لنجاحها لاسباب عديدة ابرزها:

1 ـ رفض الحريري القاطع تغطية اي شخص ينخرط في خوض المعركة الانتخابية مهما كانت المبررات، وبالتالي رفع الغطاء السنّي عن اي محاولة للتحالف في هذه المعركة او لاحقا مع «القوات اللبنانية».

2 ـ فشل الرئيس فؤاد السنيورة في بلورة وتشكيل لوائح يمكن ان يكون لها دور وازن في الاستحقاق الانتخابي. ولذلك يشير البعض الى انه ما زال مترددا ولم يحسم امره في خوض هذه المغامرة بشكل صريح وعلني.

3 – لم تتمكن الشخصيات والقوى السنية الاخرى من توفير حضور مهم بديل عن تيار المستقبل فشقيق الرئيس الحريري بهاء الحريري عاجز عن احداث خرق مهم يوفر له تأمين كتلة نيابية وازنة او مؤثرة. والنائب فؤاد مخزومي الذي جنح مؤخرا الى رفع الشعارات المتشددة والمتطرفة ضد حزب الله لكسب الصوت السني، لم يتمكن من تحقيق نجاح يذكر.

4 – ما زال الرئيس ميقاتي يدرس الموقف ولم يتخذ قرارا نهائيا في الترشح او خوض المعركة الانتخابية. واذا ما قرر خوضها فانه سيحقق نجاحا على صعيد الشمال كما حصل في الانتخابات السابقة. وهنا لا بد من التأكيد انه ليس واردا عنده الاصطفاف او التحالف مع اي طرف من فريقي الصراع.

والى جانب ذلك، يواجه هذا الفريق اي الفريق الذي تسعى «القوات اللبنانية» لان تكون رأس حربة له تحديات كبيرة وقاسية، فحزب «الكتائب» اتخذ خياره منذ البداية وبادر الى ترتيب وضع معركته بالتحالف مع بعض الجماعات المحسوبة على المجتمع المدني ولن يقبل ان يكون تحت مظلة «القوات» في المعركة الانتخابية ولا بعدها.

اما مجموعات المجتمع المدني فهي بدورها غير موحدة، وان كان عدد منها قد تمكن من تكوين لوائح انتخابية ستكون في مواجهة مع القوى السياسية والحزبية المحسوبة على السلطة ومع لوائح لمجموعات اخرى من الهيئات والناشطين في «الثورة» ومنها القوى اليسارية التي تسعى ايضا لخفض المعركة بلوائح اخرى مستقلة في العديد من الدوائر.

ولا يعني توحد فريق الثنائي الشيعي وحلفائه، ان معركته للاحتفاظ بالاكثرية النيابية ستكون سهلة، فهناك عوامل عديدة تساهم في تصعيب مهمته لعل ابرزها تراجع قوة التيار الوطني الحر وتوقع خسارته لبعض المقاعد، بالاضافة الى توقع حصول خروق محدودة من قبل المجموعات المدنية لا سيما ان الحواصل الانتخابية ستخفض في كل الدوائر بسبب توقع انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات لاسباب متعددة ابرزها الضائقة المعيشية والازمة الاقتصادية والمالية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى