رأي

إنشائيات حكومة جهيضة!

كتب الصحافي راجح خوري مقالاً في صحيفة “النهار” سال فيه: “هل كان من الضروري ان يتحفنا الرئيس نجيب ميقاتي يوم الثلثاء، بتلك الحفنة من الأفكار النيّرة، التي لا تقدّم ولا تؤخر في الأزمة القاتلة التي تخنق لبنان واللبنانيين، والتي بدت وكأنها رد ضمني على ما سبق ان أتحفنا به الرئيس ميشال عون يوم الإثنين، لتكتمل معالم تفكك العلاقات بين الرؤساء الثلاثة، بعد داحس والغبراء بين بعبدا وعين التينة؟”.

واضاف: “ما هو الإكتشاف المثير في قول النجيب، ان توقف جلسات الحكومة منذ 12 تشرين الأول يشكّل خللاً بنيوياً في عمل الحكومة لا يمكن تجاهله او التغاضي عنه، عندما تكون هذه الحكومة الجهيضة اصلاً، جاءت نتيجة خلل جعلها تولد من رحم “حزب الله”، الذي يوقف اجتماعاتها على خلفية تمسكه بقبع القاضي طارق البيطار، وهو ما تطوّر في كواليس الصفقات الانتخابية، و”سقطة” المجلس الدستوري، ليصل الى حد قبع السلطة القضائية كلها؟

وما معنى قوله انه سيسعى دائماً لعودة عقد مجلس الوزراء، عندما يستعيض عن هذا بعقد الجلسات الحكومية، في وقت ينافسه رئيس الجمهورية بعقد جلسات لمجلس الدفاع الأعلى، الذي صار يطلب من الوزراء ان يفعلوا هذا او ذاك، بينما تنام مفاتيح المجلس النيابي هانئة في عين التينة؟ والأهم من كل هذا، ما معنى الإستفاضة في تدبيج الإنشاء السياسي غيرالقابل للصرف، عندما يكرر الدعوة الى سياسة “النأي بالنفس” في حين يتهم التحالف الخليجي المدافع عن الشرعية اليمنية الدولة اللبنانية، بالعدوان الذي يستهدف اليمن والسعودية، والذي يقول ان “حزب الله” ينخرط فيه قتالاً وتدريباً وتسليحاً وتمويلاً وفق الأجندة الإيرانية؟

وكيف يتحدث ميقاتي عن طاولة حوار لتمتين علاقات لبنان العربية، ولا سيما مع #دول الخليج، وعدم الإساءة اليها وعدم الإنخراط في ما لا شأن لنا به، وخصوصاً ما يجري في اليمن، ومن سيحضر هذه الطاولة التي تبدو منافسة لدعوة عون الى مؤتمر وطني يدرس الإستراتيجية الدفاعية، لن يحضرها او يلتزمها “حزب الله”؟”.

وتابع كاتب المقال: “لقد شبع الأشقاء في السعودية ودول الخليج من المواقف الكلامية الإنشائية، التي يحاول المسؤولون في هذه الدولة المسخرة بيعهم إياها، وليس مبالغة القول ان الأمر يبدو مثيراً في تناقضه الفاضح، عندما يقول النجيب، حفظاً لخط الرجعة مع “حزب الله” الذي هندس حكومته، “ان لبنان دولة مستقلة ولا أعترف بوجود نفوذ إيراني في لبنان، و”حزب لله” هو حزب سياسي موجود على الساحة اللبنانية”، ولكأنه لم يسمع إعلانات طهران عن انها صارت تسيطر على بيروت، ولا سمع الحزب يقول انه يقاتل في صفوف ولاية الفقيه، بينما يقول عون ان الحزب ملتزم القرار 1701 رغم أنه يقوم على القرار 1559 الذي يدعو الى نزع سلاح الميليشيات وبينها “حزب الله” الذي يلوّح بمئة الف مقاتل ومئة الف صاروخ!

وليس كثيراً ان يبدو ميقاتي كمن يقدم تحية الى “حزب الله” عندما يرد على دعوة عون الى مناقشة الإستراتيجية الدفاعية، التي يُفترض ان تضع قرار السلم والحرب في يد الدولة حصراً، بقوله انه يفضّل ان تركز طاولة الحوار على تمتين علاقات لبنان العربية، ولكن كيف ان لم تصبح هذه الإستراتيجية في يد الدولة؟

المضحك المبكي يا دولة الرئيس، قولك ان الحوار ليس مقطوعاً مع جميع الافرقاء، سعياً لعودة مجلس الوزراء الى الاجتماع، في وقت تراهن انت وعون على دعم من صندوق النقد الدولي، الذي يشترط طبعاً وجود دولة فيها حكومة ومسؤولون وسلطة قضائية، وانت تعرف كما يعرف العالم ويعلن البعض ان لبنان لم يعد موجوداً.”

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى