حسين زلغوط
خاص: رأي سياسي
في كل مرة يقترب فيها موعد التجديد لقوات “اليونيفل” في لبنان ، يحصل جدلاً حول مهام هذه القوات المتواجدة في الجنوب تطبيقاً لمندرجات القرار 1701 الذي صدر في اعقاب العدوان الاسرائيلي في تموز من العام 2006 ، وبما ان شهر ايلول هو الموعد المقرر لبحث مسألة التمديد في الامم المتحدة كون ان ولاية “اليونيفل” تنتهي اواخر اب، وعلى لبنان ان يتقدم بطلب التمديد في شهر تموز الحالي، وتحسبا لأية مفاجئة تأتي على حساب لبنان إرتأى وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب ان يلتقي في مكتبه في قصر بسترس السفيرة الفرنسية آن غريو وطلب منها العمل على إزالة الفقرة التي تضمنها قرار التجديد للقوة الدولية العام الماضي في ما يتعلق بتوسيع حركتها في الجنوب، وإبلاغها استعداد الجيش اللبناني لمواكبة “اليونيفيل” في تحركاتها.
هذا التحرك الاستباقي من الخارجية اللبنانية يأتي في ضوء قلق لبنان من النوايا الاميركية في ما خص ملف التمديد لولاية جديدة لـ”اليونيفل” والتمسك بفقرة توسيع تحركاتها، انطلاقاً مما تعتبره واشنطن “فشل القوة الدولية” في تطبيق كل مندرجات القرار 1701 “وعدم تنفيذ مهامها كاملة”.
وبالطبع فان الفقرة التي تتمسك واشنطن بها، كانت محط اعتراض لبنانياً منذ أدرجت في متن قرار التجديد لـ”اليونيفيل” لمدة سنة معدلا في آب الماضي لناحية توسيع حرية حركتها، استنادا الى مسودة اقتراح قدمتها الولايات المتحدة، بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا، قضت بمنح القوة الدولية حرية القيام بعمليات تفتيش ودوريات ضمن منطقة عملها، من دون حاجة إلى إذن مسبق من الجيش أو مؤازرته، وفي مقابل هذا الطرح الاميركي فان الدبلوماسية اللبنانية تعمل على تأمين الحماية لدوريات “اليونيفيل” تجنبا لاشكالات محتملة، فالجيش يمكنه التعامل مع البيئة الموجودة في منطقة عمل عناصر “اليونيفل”بما يجعل المهمة اسهل، بغض النظر عن الحادثة الاخيرة والتي اودت بحياة عنصر من “اليونيفل” من التابعية الايرلندية ، علما ان القضاء اللبناني لم يتهاون في التحقيق الذي انتهى الى اصدار احكام قاسية بحق المتسببين بمقتل العنصر ، بما يعكس حرص لبنان على هذه القوات وعدم التهاون مع اي عمل يعيق مهامها.
ووفق المعلومات فان الخارجية اللبنانية اجرت مروحة اتصالات ومشاورات وتلقت اشارات واضحة من الدول الكبرى تطمئن لبنان حول أن التمديد للقوة الدولية سيكون تمديداً تقليدياً من دون أية عراقيل، ومن دون أن يعني ذلك ان لبنان لم يعد قلقا من امكانية ان تعمد بعض الدول في مجلس الامن إلى طرح أية أفكار جديدة حول تعديلات في مهمة “اليونيفيل” في ضوء مقتل الجندي الإيرلندي وتحميل المسؤولية لـ “حزب الله”، كذلك في ضوء ان قرار مجلس الأمن الذي مدد للقوة في آب الماضي تضمن امكان أن تقوم “اليونيفيل” بدورياتها في الجنوب من دون مواكبة من الجيش اللبناني.
وقد طلب الوزير بو حبيب وفق المعلومات، من سفراء الدول التي هي أعضاء في مجلس الأمن، حذف الفقرة التي تضمنها القرار الأخير للتمديد لـ “اليونيفيل” وعدم ادراجها في القرار الجديد الذي سيصدر في آب المقبل عن مجلس الامن للتجديد مرة أخرى لهذه القوة، من دون ان يكون هناك اي معطى يفيد بامكانية ان تنجح الدبلوماسية اللبنانية في تحقيق هدف ازالة الفقرة المذكورة، وهو ما يعني ان التعديل الذي سيحصل لمدة عام كما درجت العادة لن يتضمن اي جديد ، وان واشنطن قامت بما يتوجب عليها فعله من خلال اداة الضغط التي تملكها لإفشال التحرك اللبناني الذي يبقى يتيما في ظل التحالفات الدولية الموجودة ، التي لن تراعي الموقف اللبناني على حساب مصالحها، خصوصا في هذا الارباك الحاصل لدى الكثير من الدول نتيجة الصراعات الموجودة في اكثر من مكان على مساحة العالم.