رأي

لا حلول في لبنان قبل انقشاع الأجواء الإقليمية والدولية

سركيس نعوم- النهار

لا يزال رئيس “#التيار الوطني الحر” النائب #جبران باسيل يؤكد رداً على ما قاله الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي تصريحاً وتلميحاً وعلى ما يقوله معارضون له في الإعلام والسياسة أنه لم يتقدّم بأي طلب من الأخير أي ميقاتي يتعلّق بمطالب استيزارية وبالاحتفاظ بحقيبة أو حقائب معيّنة. وهو لا يزال ينفي أن يكون رئيس الجمهورية ميشال عون اشترط على ميقاتي تنفيذ مطالب عدة له من شأن تلبيتها التسبب بخضة كبيرة سياسية وشعبية في البلاد. ولا يزال مصدر سياسي مطلع جدّي وذو علاقات عميقة مع جهات سياسية عدّة متنوّعة ومتناقضة المواقف في آن يؤكد أنه كانت لعون شروط لتكليف ميقاتي وتالياً لنجاحه في تأليف الحكومة أبرزها أربعة. الأول إلتزامه إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في إحدى الجلسات الأولى لمجلس الوزراء. الثاني تغيير قائد الجيش العماد جوزف عون وإحلال آخر مكانه يحظى برضى سيد العهد المقترب بسرعة من نهايته غير السعيدة تماماً ولا يتوافر له الوقت للطموح الى الموقع الدستوري الأول في الدولة. وهو طموح سيطر على غالبية قادة جيش لبنان منذ قيام دولته واستقلالها حتى الآن. وقد أصبح هذا الطموح شاملاً الكثيرين من القادة العسكريين والأمنيين ولا سيما بعدما نجح أربعة منهم في التربّع على كرسي الرئاسة الأولى هم اللواء فؤاد شهاب والعماد ميشال عون الذي مارس الرئاسة يوم عُيّن رئيساً لحكومة عسكريين إنتقالية بعد تعذّر إنتخاب خلف للرئيس أمين الجميل، والعماد إميل لحود وأخيراً العماد ميشال سليمان. الشرط الثالث هو ملء الشواغر المسيحية الـ29 في الفئة الأولى داخل الإدارة العامة اللبنانية والمؤسسات العامة والمستقلة، والحرص على أن يكونوا في معظمهم موالين للرئيس عون ولرئيس “التيار” الذي أسّس أي جبران باسيل. أما الشرط الرابع والأخير فهو اختيار باسيل لشغل حقيبة وزارة الخارجية في الحكومة الميقاتية الجديدة. وإذا لم يأخذ رئيس الحكومة المستقيلة والمصرّفة للأعمال بالشروط المذكورة فإن الأشهر القليلة جداً الفاصلة بين تكليفه تأليف حكومة جديدة وانتهاء الولاية الرئاسية لعون فإنه سيبقى رئيساً لحكومة مستقيلة سيكون عليها عند شغور موقع رئاسة الجمهورية ممارسة الصلاحيات الرئاسية الى حين إنتخاب رئيس جديد هذا أمر كان مسلماً به على وجه الإجمال من سياسيين ونواب وقيادات مهمة، لكن عدداً من الاجتهادات الدستورية التي أطلقها خبراء وفقهاء في الدستور كما في سائر القوانين جعل “الفأر يلعب” في عب ميقاتي وجهات سياسية عدة. إذ أنها شكّكت في دستورية قيام الحكومة المستقيلة بمهام رئاسة الجمهورية في حال شغور سدّتها. لهذا السبب ربما صار هم الرئيس المكلف تجديد الثقة بحكومته المستقيلة سواء بعد إجراء تغيير بسيط لعدد من أعضائها أو من دون ذلك، ولكن بعد مثولها في الحالتين أمام مجلس النواب طلباً لثقته. ونيل هذه الثقة يعني أن الحكومة ستكون في حال عجز النواب عن إنتخاب خلف لعون كاملة الأوصاف دستورياً وقادرة على القيام بمهمات الرئاسة الى أن يهدي “الله” أعضاء مجلس النواب وقادة شعوب لبنان فيختارون رئيساً للبلاد بمعونة الخارج كالعادة وتصوّت له الغالبية النيابية الدستورية.

هل تُجرى #الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري؟ يقول المصدر السياسي المطلع والجدّي نفسه وذو العلاقات العميقة مع جهات سياسية عدّة متنوّعة ومتناقضة المواقف في آن أو بالأحرى يرجّح عدم حصول انتخابات رئاسة جمهورية في الموعد الدستوري المحدّد لها. ولا بد أن تكون لذلك آثار سلبية على الداخل اللبناني وعلى الاستقرار في ظل الإنهيار الكبير لأوضاع لبنان دولةً ومؤسسات ونقداً ومالاً ومصارف ومادياً، كما في ظل ضيق متنوّع لم يشعر به اللبنانيون في كل أزماتهم السابقة وحروبهم رغم طول مدتها وقسوتها. إلا أن ذلك لن يفجّر عنفاً غير محدود أي حرباً أهلية بين اللبنانيين، كما لن يفجّر على الأغلب حرباً طاحنة بين لبنان واستطراداً “حزب الله” وإسرائيل رغم المناوشات غير العسكرية المستمرة بين الأخيرين وآخرها تطيير ثلاث مسيّرات استطلاع فوق موقع كاريش والباخرة إنرجين التي رست قبل مدة في المياه الإسرائيلية استعداداً لنقل الغاز المستخرج ببواخر الى مصر حيث يسال في مصانعها. هذه الحال “الملقلقة” ستستمر الى أن تنضج الظروف الداخلية والإقليمية والدولية للبحث الجدي والفعلي في إيجاد حل نهائي للأوضاع الشاذة في لبنان. والحل النهائي يُفترض لكي يكون نهائياً أن يتضمن صيغة جديدة للبنان ونظاماً جديداً ودولةً جديدة. هل تكون الصيغة موضوع البحث منبثقة من اتفاق الطائف الذي “توصل” إليه البرلمانيون اللبنانيون في الطائف عام 1989 برعاية عربية وسعودية في آن وأخرى أميركية؟ أم تكون صيغة جديدة تعكس ميزان القوى الحالي في لبنان أي الديموغرافي – الطائفي – المذهبي المختلف عن ميزان القوى يوم تأسّس لبنان ثم استقل بدولته عام 1943، وعن ميزان القوى الذي خلفه بعد حروب 1975 – 1990 الذي هدّده جدياً لا بل أنهاه عملياً ميزان قوى ثالث بدأ ظهورها مع بداية ممارسة سوريا دورها اللبناني بتكليف عربي ودولي عام 1989 ومع انتهاء هذا الدور بإنسحابها منه عام 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومع خروج إسرائيل من لبنان عام 2000، وأخيراً مع دور لبناني أو بالأحرى إيراني بقيادات وعسكر لبنانيين عددهم كبير جداً في سوريا ولاحقاً في العراق واليمن وفلسطين ومناطق أخرى. هذه الأسئلة لا جواب عنها حتى الآن، ولن يتوافر الجواب المطلوب قبل تبدّد الصراعات المهمة في الإقليم وتحوّل الجهات الدولية المتدخلة فيها الى دور آخر هو البحث عن إنهائها.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى