قوة الحق.. وحق القوة
كتب حسام فتحي في الأنباء الكويتية
ما تقوم به سلطات الاحتلال الغاشم تجاه الفلسطينيين العزل من مذابح بشعة وتقتيل مشين وممارسات لا علاقة له بالإنسانية تعتمد فيه على «حق القوة» التي لا تضع أي اعتبار لأخلاقيات أو قيم أو مثل، ولا تلجمها قوانين دولية ولا أعراف مستقرة، ولا حتى قواعد قتال واشتباك حتى لو كان بين قوتين غير متكافئتين لا في العدد ولا في العتاد.
و«قوة الحق» وتماسك العقيدة ومتانة الاعتقاد بالحقوق هي ما يعضد عزيمة الفلسطينيين ويشد أزرهم في وجه بطش عدو غاشم غادر لا عهد له ولا ميثاق ولا أخلاق.
لكن الحق كما أنه يعطي صاحبه القوة على المقاومة والصمود في وجه الباطل، هذا الحق يحتاج إلى قوة تحميه وتجعل الباطل يخشاه ويجفل من أصحابه ويقيم له وزناً وحساباً، فهل عملنا على أن نصنع «قوة» للحق تحميه وتعلي صوته وتقوي شوكته وتزهق به الباطل؟
لقد كشفت لنا مأساة أهلينا في فلسطين حقائق عدة، ومزقت أقنعة كادت أن تلتصق بوجوه أصحابها الشائهة، وأوضحت حقائق كان أغلبنا قد «تعاموا» عنها.
مأساة غزة أحيت في نفوسنا نكبة احتلال فلسطين، وفتحت عيونا كانت جفونها مغلقة أمام صور قهر وظلم وعجز يعاني منها أهلنا في فلسطين كل يوم، بل وكل ساعة حتى تعودنا على رؤية الدماء البريئة تراق، والصرخات الملتاعة ترتفع دون مجيب.
مأساة غزة أعادت تذكيرنا بخطط الكيان الصهيوني الخاصة بتهجير أهل غزة إلى سيناء وأهل الضفة إلى الأردن للحصول على «دولة» ذات عرق ديني واحد، فانتبه المصريون والأردنيون والفلسطينيون للخطر القائم وبالتالي خرج الإجماع العربي بـ «لاءات» جديدة: لا.. لتصفية القضية الفلسطينية.
لا.. للتهجير القسري للفلسطينيين.
لا.. بديل سوى حل الدولتين..
و(أعدوا لهم ما استطعتم من قوة).. ولأن محددات «القوة» تختلف من عصر إلى عصر، ومن زمان إلى زمان، فالقوة اليوم تعني نبذ أي خلافات عربية – عربية، والعمل بجدية على تواؤم المصالح الاقتصادية، وتوحيد الأهداف المشتركة والتكتل في مواجهة الأخطار والتحديات بالعمل الحقيقي والواقعي على التكامل الاقتصادي والسياسي والعسكري، وياحبذا التفكير الجدي والعملي لإحياء فكرة مصر بتأسيس قوة عسكرية عربية تدعم الحق العربي وتصون الأمن القومي وتذود عن المصالح العربية.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.