رأي

قانون القوائم المهجن وأمن الوطن الإستراتيجي

كتب خالد محمد المغماس في صحيفة الراي:

طالعتنا الصحف أمس، عن قيام اللجنة التشريعية بالإعلان عن مقترح تعديل لقانون الانتخاب الحالي يتضمن الانتخاب على أساس القوائم النسبية والفردي، فهو خليط وحسب ما وصفته الصحف بأنه قانون انتخاب هجين. وفي محاولة الدفاع عن هذا القانون المهجن فقد حاول أعضاء اللجنة إعطاء المبرّرات للشعب بقولهم إن هذا التعديل سيحقق العدالة الانتخابية، وإنه يمهد للعمل الجماعي، ولا أعلم عن أي عدالة يتحدثون، وعن أي عمل جماعي يؤدي إلى انتخابات حقيقية. يبدو أن أعضاء اللجنة مستعجلون لإقرار مثل هذا القانون المهجن ولا أعرف سبب استعجالهم لهذا الأمر!
في مقالة سابقة لي نشرتها في صحيفة «الراي» بتاريخ 2023/11/23، أوضحت أن نظام القوائم النسبية نظام فاشل لأنه سيقوم من دون أسس حقيقية وأنه يمكن صياغة مجموعة معايير دقيقة وإسناد مهمة التقييم الانتخابي الأمثل كبديل لقانون الانتخاب الحالي إلى جهة محايدة وليس إلى نواب لهم هواهم السياسي أو أفراد حكوميين. من المعروف أنه غالباً ما يترتب على اختيار قانون نظام انتخابي معين تبعات هائلة على مستقبل الحياة السياسية في البلاد، فاختيار النظام الانتخابي هي مسألة سياسية بالدرجة الأولى وليست اختياراً فنياً، وتعتبر مسألة الاختيار من أهم القرارات المصيرية لأي نظام ديموقراطي على مستقبل الحياة السياسية، وان هذا كله سيحدد إلى أي مدى يعتبر مثل هذا النظام الانتخابي محصناً أو إلى أي مدى يبقى عرضة للتغيير من قِبل الأغلبية المنتخبة.
أعتقد أن ما يسوق له من مقترح لهذا النظام المهجن فيه من الخطورة بمكان على الوطن بمجمله، خصوصاً في ظل التركيبة السكانية التي نعاني منها من تزوير وتدليس في التجنيس، بالاضافة إلى تدني الوعي السياسي، الأمر الذي سيكون عليه الوضع العام في مهب الرياح، وقد تكون هناك صعوبة في السيطرة على هذا الوضع.

لقد كان الأجدر بأعضاء مجلس الأمة بداية وقبل طرح أي تعديل لقانون الانتخاب أن يقوموا بدعوة الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق لمن حصل على الجنسية من دون وجه حق.
والآن، وبعد مرور أكثر من سبعين عاماً على التوسع في منح التجنيس العشوائي دون تدقيق أو تطبيق للشروط الواردة في قانون الجنسية وذلك لهدف سياسي معروف لتخريب العملية البرلمانية من قِبل أطراف لم تكن ترغب في السير على النهج الديموقراطي الذي اختطه الشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، وأصبحنا كشعب غرباء في وطننا وتمكن المزوّرون والذين لا يمتون إلى الكويت بأي صلة من قريب أو بعيد، والذين حصلوا على الجنسية بطرق ملتوية وبكثافة كبيرة، الأمر الذي مكنهم من أن ينتشروا في مؤسسات الدوله كافة، وأعتقد أنه خلال الخمس أو العشر سنوات المقبلة ستكون الكويت بيد هؤلاء يتحكمون بها كيف يشاؤون، ويأتي هذا المقترح المهجن الغامض ليطرح تساؤلات كثيرة حوله.
لذا، فإني أطالب المخلصين من أعضاء مجلس الأمة برفض هذا المقترح المشبوه، وان على الحكومة التصدي له بكل قوة، فلا مجاملات على حساب الوطن وأمنه. كما أن عليها القيام بتشكيل جهة محايدة من مواطنين لهم من الخبرة القانونية الدستورية والدولية ويمتازون بالحنكة والمهارة السياسية ولديهم الاستقلالية والسمعة الطيبة للبحث عن أفضل السبل لإيجاد قانون انتخاب يحقق المصلحة الوطنية.
إن مثل هذه المقترحات الغامضة في أبعادها والخاضعة للتجربة لها آثارها السياسية السلبية والتي قد نعاني منها مستقبلاً، نحن حقيقة نحتاج إلى من يفكر بعقلانية وليس من يتسابق للحصول على مجد شخصي مزيّف.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى