رأي

فك “شيفرة” الصين.. كيف تعزز بكين نفوذها في أفريقيا؟

دانغ يوانقبل – DW

يزداد اهتمام الصين بالقارة الأفريقية وتستمر في كسب المزيد من النفوذ أيضا. وتشتري بكين الولاء والدعم السياسي لها من خلال استثماراتها الكبيرة في القارة السمراء، كما أنها تعول على أفريقيا حينما يتعلق الأمر بتايوان أيضا!

إنه ليس مجرد تقليد، وإنما رسالة أيضا. فمنذ 34 عاما أول زيارة خارجية في عام جديد لوزير الخارجية الصيني كانت إلى أفريقيا. وشملت زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي الأفريقية من 13 إلى 18 يناير/ كانون الثاني: مصر وتونس وتوغو وساحل العاج، وبعدها جنوب أفريقيا. وتضمن جدول أعمال جولة الوزير الصيني بالإضافة أزمة الشرق الأوسط، التعاون الاقتصادي والتبادل بين المجتمع المدني.

وبالنسبة للصين المتعطشة للطاقة والمواد الأولية، تلعب أفريقيا دورا يزداد أهمية. فبعد الحرب العالمية الثانية أقامت الصين الشيوعية علاقات وثيقة مع أفريقيا. ومن منطلق أيديولوجي تحالفت الصين مع الدول التي تعرف اليوم بـ “الجنوب العالمي” وقدمت نفسها كمتحدث باسمها.

منذ بدء سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين قبل 45 عاما، كانت أفريقيا موردا موثوقا به للمعادن والمواد الخام. وفي المقابل استثمرت الصين في البنية التحتية والمجال الاجتماعي مثل التعليم والصحة في تلك البلدان.

وقد مولت الصين في سبعينيات القرن الماضي، سكة الحديد التي يبلغ طولها 1860 كيلومترا بين ميناء دار السلام في تانزانيا ومدينة كابيري مبوشي في زامبيا. تمر هذه السكة الحديدية عبر أهم مناجم النحاس في أفريقيا. وهكذا حصلت الصين على النحاس من زامبيا عبر شبكة سكة الحديد التي أقامتها هي. واليوم هناك العديد من مشاريع البنية التحتية الأخرى التي أقامتها الصين في أفريقيا على غرار سكة الحديد الرائدة هذه قبل نحو نصف قرن.

الربح والفائدة للطرفين

تتبع الصين مبادئ معيارية أخرى مختلفة، يقول فيليب جيغ، الباحث السياسي في جامعة فورتسبورغ في ألمانيا، ويضيف “تقول الصين: نحن لا نقول ما يجب عليكم فعله. المساعدات لأفريقيا يتم تحديدها بشكل عقلاني حسب دوافعها الخاصة، وهذا ما يقال بشكل علني. فحين تتحدث الصين عن الربح المتبادل، فإن ذلك يعني الربح لأفريقيا وللصين أيضا”.

بعد الانتخابات الرئاسية في تايوان، التي تنظر إليها الصين كمقاطعة انفصالية، تلقى وزير الخارجية الصيني خلال جولته الأفريقية عبارات التضامن السياسي. فقال الرئيس التونسي، قيس سعيد، إن “تونس ملتزمة بشكل واضح بمبدأ الصين الواحدة”. وقال رئيس وزراء توغو، فيكتوار توميغا دوغه إن بلاده “تؤيد إعادة توحيد الصين” أما رئيس ساحل العاج، الحسن وتار فقال “هناك صين واحدة فقط في العالم. تايوان جزء لا يتجزأ من الصين”.

وهناك الآن الدعم الدولي الذي تحتاجه الصين بشدة، فقد فاز المرشح المنتقد للصين والمؤيد للانفصال، لاي تشينغ تي في الانتخابات الرئاسية التي جرت في تايوان في السادس عشر من يناير/ كانون الثاني.

خلق التبعية!

وفي إطار مبادرة الرئيس الصيني شي جينبينغ ومشروع الحزام والطريق والذي يعرف باسم طريق الحرير الجديد، تم تكثيف التعاون الاقتصادي مع أفريقيا. ويمر طريق الحرير البحري عبر سواحل شرق أفريقيا على المحيد الهندي. وفي جيبوتي على القرن الأفريقي أقامت الصين عام 2016 أولى قواعدها العسكرية فيما وراء البحار.

وكل ثلاث سنوات تعقد قمة صينية أفريقيةيشارك فيها من قادة الدول الأفريقية، والمعروفة باسم منتدى التعاون الصيني الأفريقي، القمة الأخيرة كانت عام 2021 في السنغال. وحينذاك قال الرئيس الصيني في رسالته عبر الفيديو: إن العلاقات الصينية الأفريقية مثال يحتذى للمجتمع الدولي، لأن “الطرفين أقاما علاقات صداقة وأخوة لا تتزعزع في الكفاح ضد الإمبريالية والاستعمار”.

والتعاون الصيني الأفريقي متبادل بين الطرفين، تقول مارينا رودياك من معهد علوم شرق آسيا في جامعة هايدلبرغ الألمانية، وتضيف “تحصل الدول الأفريقية من الصين على الدعم من خلال الاستثمارات والتجارة ومساعدات التنمية. وفي المقابل تحصل الصين على الدعم السياسي” مثل التصويت لصالحها في الأمم المتحدة حين يتعلق الأمر بقضايا مهمة بالنسبة للصين، تقول رودياك.

والديمقراطية؟ غير مهمة!

وحسب دراسة لمؤسسة فريدريش ناومان المقربة من الحزب الليبرالي في ألمانيا، شيدت أو رممت الصين مباني أكثر من 15 برلمان في أفريقيا. ومن خلال صيانتها مباني هذه البرلمانات على المدى الطويل، تصل الصين إلى صناع القرار والمشرعين من مختلف الأحزاب وقد “أصبحت الصين لاعبا حاسما في إعادة تشكيل المؤسسات السياسية في أفريقيا”، وفق ما جاء في الدراسة.

“من الواضح أن الأمر بالنسبة للصين يتعلق بتكوين رأسمال سياسي أيضا” تقول خبيرة الشؤون الصينية مارينا رودياك. وفي نفس الوقت تحمي الصين نفسها من الانتقادات الغربية بأنها تراعي تحقيق أهدافها ومصالحها الخاصة فقط. وبالعكس من ذلك تتهم الصين الغرب بالتصرف على أساس المصلحة الذاتيةوالاكتفاء بتعزيز الظروف السياسية مثل الحكم الرشيد ودعم الديمقراطية وحقوق الإنسان. و”الصين تعتقد أن هذا، ليس كل ما تحتاجه أفريقيا” تقول رودياك.

وتختم رودياك حديثها بالقول: الدول الأفريقية لا ترى أن هناك منافسة بين الصين والغرب، فالصين تبني الطرق والغرب يقدم لها سلعا تنموية أخرى، فتأخذ أفريقيا ما تحتاجه.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى