
حسين زلغوط
خاص رأي سياسي
تتقاطع كل المعلومات والمعطيات عند رؤية واحدة مفادها بأن الأزمة الرئاسية معقدة جداً، وأن لا افق مفتوح يوحي بأن عملية انتخاب الرئيس ستتم في غضون ما تبقى من اشهر هذه السنة، ويعود ذلك الى اسباب داخلية وخارجية.
على المستوى الداخل اللبناني فالمشهد السياسي المبعثر هو ذاته منذ بداية الشغور الرئاسي، لا بل إنه إزداد شرخا مع ارتفاع منسوب الخطاب السياسي الحاد، ولعّل ما قيل في الساعات الماضية إن من قبل قائد “القوات اللبنانية “سمير جعجع، او النائب جبران باسيل، او النائب الاسبق وليد جنبلاط، لهو دليل واضح على ان الهوة التي تفصل بين الفرقاء اللبنانيين تتسع يوماً بعد يوم، وأن ردمها يتطلب جهدا دوليا غير متوافر الى الان.
اما على المستوى الخارجي فإن ما عبر عنه المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان من الاستحقاق، على مسافة ايام من عودته المفترضة الى بيروت الشهر المقبل، دليل واضح على تعثر المسعى الفرنسي ، وامكانية الوصول الى مرحلة الانكفاء عن مهمة السعي لايجاد توافق لبناني ينهي الازمة الموجودة.
وقد اعتبر موقف لودريان الذي دعا فيه المسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد خيار ثالث لحلّ أزمة الرئاسة ، وانه من المهم أن تضع الأطراف السياسية حداً للأزمة التي لا تطاق بالنسبة إلى اللبنانيين ، وإشارته إلى أن الدول الخمس التي تتابع الملف اللبناني منزعجة للغاية، بانه موقف واضح لجهة نعي المبادرة التي جاء بها الى لبنان، وانه يحمّل المسؤولين اللبنانيين مسؤولية استمرار الشغور الرئاسي وعواقب ذلك دولياً.
وكان لافتا استقبال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان للودريان بحضور المستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء السعودي نزار بن سليمان العلولا، وسفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري بعد يومين من موقفه المستجد على مستوى الملف الرئاسي ، الذي كان طبقاً رئيساً على طاولة المحادثات التي احيطت بالسرية التامة حيث صدر عنها بيان تضمن عبارات كلاسيكية بعيدا عن اي دخول في عمق المسائل التي بحثت.
غير ان هذا اللقاء أعطى تفسيراً واحداً وهو انه ربما يكون محاولة فرنسية أخيرة قبل عودة لودريان الى بيروت واجرائه مروحة من اللقاءات لكي يبني على الشيء مقتضاه ، وإن كانت المعطيات تميل الى توقع انسحاب فرنسا من الملف اللبناني بالمباشر، مع بقائها من ضمن مجموعة “اللقاء الخماسي” الذي ما زال ممسكا بهذا الملف.
اما لجهة التحرك القطري المتوقع انطلاقه رسميا في الاسبوع الاول من الشهر المقبل فانه غير واضح المعالم بعد، وان كل ما يقال بصدده مجرد تكهنات، سيما وان قطر حريصة على ان يحاط مسعاها بنوع من السرية تجنبا للقيل والقال الذي غالبا ما يؤدي الى تعثر اي مسعى توفيقي، وان كل ما هو متوافر يدل على ان قطر تنحاز الى قائد الجيش العماد جوزاف عون للرئاسة لكنها غير متمسكة به كونها تضع الى جانبه اكثر من اسم ، وان موفدها سيحاول تقديم اغراءات مالية واستثمارية لبنان بأمس الحاجة اليها في حال تم انتخاب رئيس للجمهورية وتشكلت حكومة جديدة تشرع سريعا في انجاز الاصلاحات المطلوبة من لبنان دولياً.
واذ تشكك مصادر دبلوماسية في نجاح المسعى القطري ما لم يطرأ متغيرات في الموقف الداخلي اللبناني، واصبح التعاطي الدولي اكثر جدية لانجاز الاستحقاق الرئاسي، فانها تكشف بان الانتخاب الرئاسي لن يحصل قبل تفاهم سعودي- ايراني، واميركي ايراني على ذلك، مع اشارتها الى ان واشنطن تحاول ربط انتخاب الرئيس بعملية استخراج النفط والغاز، اذ من الممكن ان تلجأ اميركا الى الضغط على الشركات التي تتولى عملية التنقيب للتباطؤ في عملها في حال استمرار التلكؤ في انجاز الاستحقاق الرئاسي، وان ذلك ربما يترافق مع رزمة عقوبات مالية على مسؤولين لبنانين تعتقد واشنطن انهم مسؤولين عن الاخفاق الحاصل في انتخاب رئيس للجمهورية.