رأي

فرنجيّة قريباً إلى الحلبة الرئاسيّة… رسميّاً

كريستال خوري – اساس ميديا

على مشارف أسابيع من الاستحقاق الرئاسي ليس من مرشّح رسميّ، أو أقلّه لم يتقدّم أيٌّ من الموارنة إلى “الحلبة الذهبية” ليقدّم نفسه مرشّحاً جدّيّاً. لا يزال الجدل السياسي محصوراً بسؤالين يتمحوران حول النصاب القانوني والأغلبية النيابية، أي هل يكتمل نصاب الثلثين لكي يتحوّل مجلس النواب إلى هيئة ناخبة؟ وهل من مرشّح قادر على رفع “السكور” حتى 65 صوتاً ليضمن الرئاسة؟ وكيف ستصطفّ القوى المسيحية الأساسية؟

الأرجح أنّ هنا أصل العلّة.

في الاستحقاق الماضي تمكّن العماد ميشال عون من الاستفادة من الطاولة المستديرة التي التقت تحت سقف بكركي لتكريس قاعدة “الرئيس القويّ”، ليعبر من خلالها إلى بقية القوى السياسية وينسج تحالفات وتفاهمات عبّدت أمامه الطريق إلى بعبدا. اليوم، الوضع مختلف كليّاً.

فالخلافات وتضارب المصالح تمزّق علاقات القوى المسيحية بعضها ببعض، وتجعل من إمكانية حصول تقاطعات بينها صعبة جدّاً، ولو أنّ ثمّة مصلحة عامّة يُفترض أن تدفع بها إلى التعالي على الحسابات الفردية والفئوية. ربّما يكون الخطّ المفتوح بين جبران باسيل وسليمان فرنجية، منذ اللقاء الأخير مع السيد حسن نصرلله، الخرق اليتيم على رقعة الشطرنج المسيحية. أمّا غير ذلك، فثمّة متاريس قائمة، أو هدنة هشّة متقطّعة بين اشتباك وآخر.

دخلت البلاد مدار الاستحقاق الرئاسي في لحظات مفصلية على المستوى الإقليمي. وهذا ما قد يترك مصير الرئاسة الأولى معلّقاً حتى جلاء الصورة الخارجية

أسوأ ما في هذه الصورة هو تأثير هذا التشظّي على وضع المسيحيين بشكل عامّ. ليس من مشروع مشترك، وليس من أفكار مجدية وعمليّة قد تقي المسيحيين شرّ الأوضاع التي يمرّون بها أسوة بغيرهم من اللبنانيين. يقضي الانهيار على الطبقة الوسطى التي تشكّل عصب المجتمع. وتقضم الهجرة من حضور المسيحيين، وقد تبدّل في دورهم وفي وجه لبنان معهم. وحين سيلتقي الكبار لتحديد مصير البلد برمّته، قد لا يجد المسيحيون مكاناً لهم على هذه الطاولة لتحديد مكانتهم، خصوصاً أنّ كلّ السيناريوهات المرجَّحة تقود إلى ممرّ إلزامي، وهو التعديلات الدستورية التي ستعطي “الشيعية السياسية” أرجحيّة في الحكم.

“أهلية” فرنجية

في مطلق الأحوال، لا يزال سليمان فرنجية أكثر الأسماء جديّة لرئاسة الجمهورية لاعتبارات عديدة تتّصل أوّلاً بخياراته السياسية وكونه الحليف الاستراتيجي لـ”حزب الله”، ويُفترض أن تكمن مصلحته في تأمين وصول رئيس من صلبه، خصوصاً أنّ مسارات المنطقة تصبّ في كفّته وتجعله متقدّماً على غيره من اللاعبين، وهو ما قد يبعد عنه كأس الاتفاق على رئيس من قماشة “الوسطيين”، وثانياً لأنّ فرنجية أكثر أهليّةً من غيره من مرشّحي هذا الفريق لتوفير هذه الأغلبية النيابية، وبمعنى آخر، لأنّه أقلّ عرضة للفيتوات.

قد يتعزّز هذا السيناريو إذا توافر شرطان:

  • نصاب الثلثين المتوقّف على خيارات القوى المعارضة، وفي طليعتها “القوات” ونواب “17 تشرين”.
  • والأغلبية النيابية في محاولة لاستنساخ واحد من مشهدين: إمّا إعادة إحياء أكثرية نبيه برّي، وهنا لا بدّ من مشاركة وليد جنبلاط ونواب “قدامى المستقبل” في هذه الأكثرية، وإمّا إعادة إحياء أكثرية إلياس بو صعب، وهنا لا بدّ من مشاركة “تكتّل لبنان القوي”.

حتّى الآن الاحتمال الثاني ضعيف جداً، ولو أنّ الأجواء التي ينقلها زوّار باسيل لا تتّسم بالسلبية المطلقة (آخرها تجلّى في اللقاء مع فريد الخازن)، وقد تفتح الباب أمام خيارات تفاهمية لم تنضج بعد. فيما إشكالية الاحتمال الأول تكمن في موقف جنبلاط، خصوصاً بعد الانقلاب الذي نفّذه الجنبلاطيون في تكليف نجيب ميقاتي وذهابهم باتجاه تكليف نواف سلام، بحجّة أنّ “الجمهور عايز كده”، وهو ما قد يجعل احتمال سير جنبلاط بترئيس فرنجية محكوماً بالكثير من العقد، مع العلم أنّ ثمّة خطوطاً مفتوحة بين طوني فرنجية وتيمور جنبلاط من شأنها أن تسمح بتفكيك بعض الألغام.

في الواقع، دخلت البلاد مدار الاستحقاق الرئاسي في لحظات مفصلية على المستوى الإقليمي. وهذا ما قد يترك مصير الرئاسة الأولى معلّقاً حتى جلاء الصورة الخارجية، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام شغور سيكون هذه المرّة قاتلاً ومدمّراً بكلّ ما للكلمة من معنى بعدما فقدت الدولة كلّ مقوّمات الصمود، وقد تنهار في ليلة لا ضوء قمر فيها. ومع ذلك، يبدو أنّ فرنجية قرّر التحرّك بشكل جدّي ورسمي من خلال سلسلة لقاءات يعقدها بعيداً عن الأضواء قبل أن يقصّ شريط الترشيحات الرئاسية على نحو رسمي.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى