عودة الخليج إلى لبنان العربي

كتب راجح خوري في “النهار”:
بعد ساعات على إعلان وزارة الخارجية #السعودية عن عودة سفيرها الى #لبنان “إستجابة منها لنداءات ومناشدات القوى السياسية للقوى المعتدلة في لبنان”، نشر السفير وليد البخاري تعليقاً عميق الإيحاء والمعنى والرمز، عبر حسابه على “انستغرام”، في خطوة لافتة لتأكيد العودة الخليجية الى لبنان، وكان التعليق بليغاً في ايحائه وبُعده لأنه مثّل صورة عناق بين العلمين السعودي واللبناني.
وكانت الخارجية السعودية قد لفتت الى أنه تأكيداً لما ذكره رئيس الوزراء اللبناني عن التزام الحكومة اللبنانية إتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التعاون مع المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، ووقف كل الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية، التي تمس المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، فإن وزارة خارجية المملكة تعلن عن عودة سفير خادم الحرمين الشريفين الى جمهورية لبنان الشقيقة.
طبعاً كان من الضروري ان تؤكد السعودية أهمية وضرورة عودة لبنان الى عمقه والى هويته العربية المتمثلة بمؤسساته واجهزته الوطنية ومسالكه السياسية في علاقاته مع اشقائه العرب، لكنها اضافت تمنياتها بأن يعمّ لبنان السلام والأمن وان يحظى الشعب اللبناني بالإستقرار والأمن.
منذ مجيئه سفيراً الى لبنان، حاول وليد البخاري ان يضع بصمات تضيء على تاريخ عريق من العلاقات بين لبنان والسعودية، وتعود الى زمن الملك المؤسس عبد العزيز وزيارة الرئيس كميل شمعون الى المملكة عام 1952، إذ نظّم المعارض والندوات لتأكيد علاقة الأخوة بين البلدين، لكنه ادهشني كما ادهش الكثيرين عندما اختار ان يخاطب اللبنانيين قبل اشهر، وخصوصاً المتعامين عن الإساءات ومحاولات تهريب المخدرات الى المملكة ودول الخليج، مستعيداً في تغريدة رائعة على حسابه، ما ورد في قصيدة الشاعر شارل قرم “الجبل الملهم”، جاء فيها: “يا سيدة لبنان، أيتها الأرزة الواسعة الظلال، إجعلي اغصانك الخضراء سقف حماية لأولادك، حتى إذا هددهم إعصار، وزأر فيهم إبليس، تحلّقوا تحت اغصانك فيحميهم أمانك الغامر”!
رائع طبعاً، فكم من لبناني يقف ليتذكر ان لبنان يجب ان يبقى “الجبل الملهم”، في هذا العالم العربي الشقيق، الذي لطالما عامله على هذا النحو، فها هو السفير #الكويتي عبد العال القناعي يسبق البخاري في العودة الى بيروت، بعدما أبلغ لبنان موقف الخارجية الكويتية بقرارها عودته، بعد التزام قطعه رئيس الوزراء نجيب ميقاتي بوقف كل الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية التي تمسّ دول الخليج.
ومنذ الورقة التي حملها الى بيروت وزير خارجية الكويت الشيخ احمد ناصر المحمد الصباح، راكم المسؤولون في الحكومة اللبنانية سلسلة متواصلة من المواقف التي تشدد على انتماء لبنان وهويته العربية وحرصه على ان لا يكون منطلقاً لأي اعمال امنية او عسكرية او إعلامية، او منطلقاً للإفتراءات على دول الخليج ومحاولة اغراقها بمخدرات الكبتاغون. وسبق لميقاتي ان اكد ارتياح لبنان لمبادرة السعودية بإنشاء صندوق مالي يخصص لتوفير المساعدات الصحية والتربوية والإنسانية لدعم المؤسسات غير الرسمية.
ومعلوم ان انشاء الصندوق تقرر في الاجتماع الذي عُقد بين وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الفرنسي جان – ايف لودريان، والذي تبرعت السعودية عبره بـ 36 مليون دولار عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، وان الضوء الأخضر لبدء صرف المساعدات أعطي في الاجتماع الثاني الذي عقد في باريس وضم المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا والسفير وليد البخاري ومستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل.
في أي حال، ان هوية لبنان العربية وعلاقاته الخليجية هي ايضاً الشجرة الواسعة الظلال التي تحمي اللبنانيين، تماماً مثل شجرة “الجبل الملهم” التي ذكَّرنا بها مشكوراً السفير البخاري.