أبرزرأي

عودة الإرهاب


كتبت صحيفة ” الخليج”: أعاد تفجير شارع تقسيم في إسطنبول أمس الأول، والذي أدى إلى مصرع 6 أشخاص وإصابة 81، مخاوف الأتراك من العودة إلى عامي 2015 و2016، عندما اجتاحت تركيا موجة من الإرهاب نفذها تنظيم «داعش» وجماعات تركية محظورة، وأدت إلى مقتل نحو 500 شخص وإصابة أكثر من ألفي شخص بجروح.

التفجير الأخير الذي اتهمت فيه تركيا حزب العمال الكردستاني بالوقوف وراءه، من دون استبعاد تنظيم «داعش» الإرهابي، يؤكد أن لا تركيا ولا غيرها من الدول بمنأى عن الإرهاب الذي يشكل تحدياً عالمياً لم تتمكن كل الجهود التي بذلت من التصدي له ووضع حد له، لأن هناك من لا يزال يشكل حاضنة للإرهاب أو يعمل على استثماره متى وجد حاجة إلى ذلك.

وإذا كانت العمليات الإرهابية في تركيا وغيرها قد شهدت ضموراً في السنوات الأخيرة، فهذا لا يعني أن الإرهاب انتهى أو في طريقه إلى نهايته. إذ إن الخلايا الإرهابية تنام ثم تستنفر في لحظة الحاجة إليها كي تقوم بعمليات إرهابية مستغلة حالة الاسترخاء الأمني. ثم إن ساحة الإرهاب ما زالت مفتوحة في سوريا والعراق وليبيا ومنطقة الساحل وفي القرن الإفريقي وأفغانستان وغيرها، وكلها ساحات تشكل تهديداً فعلياً للأمن والسلام العالميين.

ويمكن للإرهاب أن يسلك شتى الطرق والأساليب لتنفيذ هجماته، من رجال ونساء وأطفال و«ذئاب منفردة»، ولا يقيم وزناً لضحايا أبرياء أياً كانوا، لأن هدفه القتل فقط لهز الأمن الاجتماعي والاستقرار في المجتمعات، ومواجهة الضربات الأمنية واستيعابها، وإنهاك قوى الأمن من خلال المواجهات المفتوحة أو استهداف قواعدها ومراكز انتشارها.

أعلنت تركيا اعتقال 46 شخصاً لهم علاقة بالتفجير، من بينهم المرأة التي نفذته، ما يعني أن هناك شبكة من المتورطين، بدءاً من منفذة الهجوم والمخططين والمدربين والمسهلين، وهو حال كل التنظيمات الإرهابية التي تعتمد على شبكة عنقودية تعمل وفق خطط مدروسة لإنجاح عمليتها من جهة، وإرباك أجهزة الأمن المعنية من جهة أخرى.

إن تفجير شارع تقسيم في إسطنبول يأتي فيما تركيا تحاول لعب دور الوسيط النشط في الحرب الأوكرانية، كما أنها تتخذ موقفاً حيادياً في تلك الحرب، وأيضاً هي على أبواب انتخابات رئاسية، ولا تزال في حالة مواجهة مفتوحة مع حزب العمال الكردستاني، الأمر الذي يفسح المجال للاعتقاد بأن الهدف من التفجير هو الضغط على تركيا لإعادة النظر في مجمل مواقفها، وهو ما يشي بأننا أمام عمل يتم فيه استخدام الإرهاب من جانب مخابرات دول كبرى لتحقيق أهداف لم تتحقق بالسياسة.

هذا ما تبين خلال السنوات القليلة الماضية منذ بداية ما يسمى «الربيع العربي» الذي اجتاح العديد من الدول العربية وعمل على تدميرها وتفكيكها. وكان كل ذلك بفعل أدوار مفضوحة استهدفت منطقتنا من جانب إرهاب معولم عملت قوى كبرى على رعايته وتمويله وتدريبه وتسليحه، ثم تسخيره أداة ضغط واستنزاف.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى