رأي

عوامل نجاح التحوُّل الرقمي الخليجي

كتب د. ضاري عادل الحويل في صحيفة القبس.

أشار أحد التقارير الحديثة إلى أن الإنفاق الخليجي المتوقّع على البنية الرقمية بحلول عام 2024 سيتجاوز حاجز 70 مليار دولار، وتتصدر السعودية والإمارات وقطر قائمة الإنفاق. ويأتي هذا الإنفاق الضخم لأننا نعيش في عالم لا ينام بعصر متسارع تتسابق فيه الأمم في رحلاتها للتحوّل الرقمي على المستوى الوطني بهدف استدامة الدولة وتعزيز تنافسيتها. على عكس ما يعتقد الكثيرون، التحوّل الرقمي ليس أمرًا تقنيًا فحسب، ولكنه يعتمد على إجراء تغييرات في ثقافة وفلسفة العمل وإحداث طفرة في الإجراءات التشغيلية من خلال الاعتماد على تقنيات رقمية مبتكرة في سبيل تقديم الخدمات والمنتجات ذات القيمة المضافة. هذا التحوّل هو أشبه بالشامل، حيث يؤثر في الحكومات والشركات والمواطنين على حد سواء.

قطعت دول الخليج العربي شوطًا كبيرًا في هذا المجال وحققت مراكز متقدّمة وإنجازات كبيرة، وبشهادة المستفيدين أنفسهم وليس فقط المؤشرات العالمية المعروفة في المجال. ألهمتنا رحلات التحوّل الرقمي الخليجية، وحين كتبنا هذه السطور المتواضعة صرنا نفكّر مليًا، ما عوامل تحقيق النجاح في التحوّل الرقمي؟ وخصوصًا أن الاستثمار والإنفاق في هذا الجانب ضخم.

وبعد بحث في تجارب الدول الخليجية يتجلى لنا أن دول الخليج قامت بالاستثمار الكبير في تحديث بناها التحتية الرقمية التي تسهم في توفير البيئة المناسبة للابتكار والتحوّل الرقمي، وهذا يشمل شبكات الاتصالات العالية السرعة. لن تنجح جهود التحوّل الرقمي الوطني دون التوجيه والالتزام الحكومي والرؤية الواضحة والقيادة الفعّالة وتحفيز القطاع الخاص وتشجيع الابتكار. كما لا يمكن إنكار سعي بعض دول الخليج من تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن الاعتماد الكلي على الوقود الأحفوري، مما يسهم في تمكين الاقتصاد المعرفي الوطني وتعزيز جهود التحوّل الرقمي في مختلف القطاعات للمنافسة في هذا الاقتصاد الجديد. كما لا يمكن إغفال أهمية التفاعل الفعّال بين القطاعين العام والخاص في تسريع عمليات التحوّل الرقمي وتطبيق التكنولوجيا الحديثة في مختلف الصناعات والمجالات.

ويكاد يكون عامل دعم التعليم وتطوير الكوادر البشرية وتأهيلها بالمهارات اللازمة أهم العوامل الممكّنة للتحوّل الرقمي، حيث قامت العديد من دول الخليج بالاستثمار في التعليم الرقمي وتطوير المهارات اللازمة لمواكبة التكنولوجيا الحديثة، مما يسهم في إعداد الكوادر الوطنية القادرة على العمل والقيادة في بيئة رقمية.

لا شك أن لكل دولة سياقها الفريد وتحدياتها الخاصة، ولذلك يمكن أن تكون هناك عوامل أخرى قد تؤدي دورًا في فهم لماذا حققت بعض الدول نجاحًا أكبر في التحوّل الرقمي دون غيرها. لكن، علّنا نستفيد من هذه العوامل والشواهد من حولنا في إنشاء بيئة تسهل التحوّل الرقمي وتعزز التنمية الاقتصادية المستدامة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى