رأي

على الولايات المتحدة أن تكون حذرة في التعامل مع فخ فنزويلا

إن تعزيز القوة البحرية قبالة السواحل الفنزويلية يحمل عواقب طويلة الأمد يتعين على الولايات المتحدة أن تأخذها في الاعتبار. أورلاندو بيريز – The Dallas Morning News

يبدو تعزيز البحرية الأمريكية قبالة الساحل الفنزويلي وكأنه حسم لطريقة المواجهة مع فنزويلا، ولكنه فخ يجب الحذر منه. وما يتبلور ليس استعراضاً منفرداً للقوة، بل جزء من حملة أوسع لمكافحة المخدرات عبر ممرات جنوب البحر الكاريبي.

لقد أُعيد توجيه السفن إلى ممرات متعددة ينقل فيها المهربون البضائع، وهذا التواجد الإقليمي مهم للدبلوماسية بقدر ما هو مهم للردع. وتحويل الإشارات البحرية إلى إجراءات فعلية في البحر يهدد بتصادمات غير مقصودة مع القانون والشركاء والسياسة. وهذا الانتشار حقيقي ومتزايد وهو الآن قاتل.

لقد نفذت القوات الأمريكية في 2 سبتمبر أول عملية قاتلة في هذه الحملة، حيث دمرت زورقاً سريعاً قال مسؤولون إنه غادر فنزويلا محملاً بمخدرات غير مشروعة، مما أسفر عن مقتل 11 شخصاً حددتهم الإدارة على أنهم أعضاء في عصابة ترين دي أراغوا. وتُظهر هذه الضربة الضعف الجوهري في التعامل مع عمليات الاعتراض كاستراتيجية: فهي تدعو إلى التعبئة القومية في كاراكاس، وتزيد من المخاطر القانونية ومخاطر التصعيد في البحر.

وصعّدت الولايات المتحدة الأمور عندما ضاعفت مكافأة اعتقال نيكولاس مادورو إلى 50 مليون دولار، وفرضت عقوبات على شخصيات تدّعي أنها مرتبطة بعصابة كارتل دي لوس سولس، بينما صنّفت جماعات مثل ترين دي أراغوا كمنظمات إرهابية أجنبية.

ومع ذلك، فإن الإجماع على الأدلة محل نزاع دبلوماسي: فقد صرحت رئيسة المكسيك بأن حكومتها لا تملك أي دليل يربط مادورو بعصابة سينالوا، ولم تفتح أي تحقيق. وهذا الموقف من شريك رئيسي يشير إلى أساس ضعيف للتحالف الإقليمي وينذر بالمشاكل التي قد تنشأ في التحالف بعد تعرض السفن للهجوم.

أما داخل فنزويلا فإن هذا التصعيد يُعزز الائتلاف الحاكم ويمنح البلاد حق الدفاع عن أمنها القومي ويعزز التعبئة الجماهيرية. وقد تعهد الرئيس مادورو فعلاً بحشد أكثر من 4 ملايين من عناصر الميليشيات.

إن الوضع الراهن يدعو إلى المقارنة بما حدث في بنما عام 1989، تلك الضربة السريعة التي أطاحت بالزعيم مانويل نورييغا، المتهم بتهريب المخدرات. لكن هذا التشبيه مضلل من حيث القدرة والنتائج. ففي بنما، كان للولايات المتحدة قواعد عسكرية داخل البلاد، ووجود دائم، ومعرفة عميقة بالأهداف. 

لكن فنزويلا اليوم أكبر مساحة، وأكثر حضرية، وأكثر تسليحاً، وهي ظروف تسفر عن تكاليف سياسية تتزايد بوتيرة أسرع من أي مكاسب تكتيكية.

وأشارت التغطية الإعلامية المبكرة إلى ردود فعل إقليمية متباينة تجاه التحرك البحري، وليس إلى تحالف مُوحّد، كما أن مشهد السفن الحربية الأمريكية قبالة سواحل أمريكا الجنوبية يحمل في طياته إرثاً تاريخياً لا يمكن لأي توجيه صحفي أن يمحيه. كما أن مهاجمة السفن تهدد بعزل واشنطن في الوقت الذي تحتاج فيه إلى التعاون في مجال القواعد والاستخبارات والقضاء.

تعتمد مصافي تكرير ساحل الخليج على النفط الخام الثقيل؛ وفي الوقت نفسه، سمحت الولايات المتحدة لشركة شيفرون بترخيص محدود، مما أعاد استئناف صادرات فنزويلا المحدودة إلى المصافي الأمريكية. وتتيح هذه السياسة للمصافي القدرة على التنبؤ وتحافظ على استقرار الأسعار. لذلك فإن اندلاع أعمال عنف بحرية يمكن أن يهدد قناة خاضعة للعقوبات ومدارة بإحكام، أعادت الإدارة نفسها فتحها.

في الواقع يجب التعامل مع كارتل دي لوس سولس والجماعات المتحالفة معه كأهداف مالية وقضائية، ونشر السرد المستند إلى الأدلة ليتمكن الشركاء من التصرف. كما يجب تحويل المعلومات الاستخباراتية المشتركة إلى عمليات تسليم وملاحقات قضائية في ولايات قضائية تتمتع بسيادة قانون موثوقة، مع إعطاء الأولوية للوسطاء الذين يسهّلون العمليات اللوجستية وعمليات غسيل الأموال.

ويجب أيضاً الحفاظ على إجراءات منع قانونية، وإجراء تنسيق فوري مع شركاء منطقة البحر الكاريبي، وتقديم تقارير ربع سنوية عن مقاييس تتبع سلاسل التوريد المعطلة بدلاً من الكميات المصادرة. كما يجب تحقيق الاستقرار في قطاع الطاقة من خلال إبقاء أي ترخيص محدوداً ومشروطاً بخطوات حقوق إنسان وانتخابات قابلة للتحقق، مما يمنح مصافي التكرير القدرة على التنبؤ مع حرمان كاراكاس من المكاسب غير المتوقعة.

إن الخيار قبالة سواحل فنزويلا ليس بين عدم القيام بأي شيء و”التشدد”. إنه بين إجراء دراماتيكي يعمّق المشكلة واستراتيجية مؤسسية صبورة تضيّقها.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى