أبرزاقتصاد ومال

صندوق الاستثمارات العامة السعودي وتوسيع خيارات التمويل

يسعى صندوق الاستثمارات العامة للعمل نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030؛ كونه المحرك الأساسي للاقتصاد والاستثمار في المملكة. حيث اعتمد الصندوق استراتيجيته الطموحة التي تساهم في تحقيق مستهدفاته، والوصول لمجموعة من الإنجازات الفريدة من نوعها على مستوى الصناديق السيادية حول العالم.

يقود الصندوق عجلة التحول الاقتصادي في المملكة ويدفعه نحو التغيير المستدام، من خلال توطين التقنيات والمعرفة ، وتنويع محافظه الاستثمارية، والاستثمار في القطاعات والأسواق العالمية عن طريق بناء الشراكات الاستراتيجية وإطلاق عدد من المبادرات التي تساهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030.

ويعد صندوق الاستثمارات العامة السعودي واحدًا من أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، حيث يدير أصولًا تتجاوز 925 مليار دولار. منذ إطلاق رؤية 2030، يلعب الصندوق دورًا محوريًا في تنويع الاقتصاد السعودي وتقليل اعتماده على النفط، عبر استثمارات ضخمة في قطاعات متعددة مثل التكنولوجيا، السياحة، والبنية التحتية. ولكن مع تزايد التزامات الإنفاق على مشاريع ضخمة مثل نيوم، وتنظيم فعاليات عالمية مثل كأس العالم 2034، تتزايد الحاجة إلى خيارات تمويل أكثر تنوعًا.

وفقًا لوكالة بلومبيرغ، يدرس الصندوق إصدار سندات مقومة باليورو لأول مرة هذا العام، بالإضافة إلى جذب مستثمرين أمريكيين محليين. هذه الخطوة تعكس توجّه الصندوق نحو تنويع مصادر التمويل وتقليل الاعتماد على التمويل الحكومي، وهو ما يعزز من مرونته المالية ويزيد من قدرته على تحقيق أهدافه الاستراتيجية.

كما يشجع الصندوق شركاته التابعة على الاقتراض بشكل مستقل، وهو ما قد يشمل شركات مثل نيوم وأفيليس. ويُنظر إلى هذا النهج على أنه خطوة نحو استراتيجية تمويل طويلة الأجل، تهدف إلى تقليل الحاجة إلى الدعم الحكومي المباشر، وتعزيز دور القطاع الخاص في تمويل المشاريع الكبرى.

تأتي هذه التحركات وسط بيئة اقتصادية تتسم بتباطؤ الاستثمار الأجنبي المباشر، وانخفاض أسعار النفط، واستمرار عجز الموازنة. وتشير تقديرات بلومبيرغ إيكونوميكس إلى أن السعودية تحتاج إلى سعر نفط يبلغ حوالي 108 دولارات للبرميل لتمويل إنفاقها بالكامل، وهو رقم أعلى بكثير من الأسعار الحالية التي تدور حول 70 دولارًا.

في هذا السياق، يسعى الصندوق إلى تعظيم العوائد من استثماراته عبر مزيج من الأرباح المحتجزة، والاقتراض، والتحويلات النقدية من الحكومة. لكن مع تراجع أرباح أرامكو السعودية – التي يمتلك الصندوق 16% منها – قد يضطر الصندوق إلى استكشاف خيارات أخرى، مثل بيع جزء من محفظته الاستثمارية أو إدراج شركات جديدة في البورصة المحلية، مثل نوبكو للمشتريات الطبية، والشركة السعودية العالمية للموانئ.

كما تشير تحركات صندوق الاستثمارات العامة إلى نهج متزايد في الاستفادة من أدوات الدين والأسواق المالية العالمية، لكن يبقى السؤال: إلى أي مدى يمكن للصندوق الحفاظ على توازن صحي بين التوسع الاستثماري والاستدامة المالية؟ وهل ستؤثر تقلبات أسعار النفط وأداء السوق العالمي على خططه التمويلية؟

كما يطرح دفع الشركات التابعة للاقتراض بشكل مستقل تساؤلات حول مستوى المخاطر المالية التي قد تتحملها تلك الشركات، وما إذا كان ذلك سيؤثر على استقرارها المالي.

في ظل هذه التحديات والفرص، يبقى النقاش مفتوحًا حول مدى فاعلية هذه الاستراتيجية في تحقيق أهداف رؤية 2030، وما إذا كانت التحركات الجديدة للصندوق ستسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام للمملكة.

*رأي سياسي*

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى