روسيا تواصل هجومها المكثف في شرق أوكرانيا وكييف تمدد العمل بالأحكام العرفية
بعد نحو ثلاثة أشهر من بدء هجومها، واصلت روسيا قصف شرق أوكرانيا وبعدما فشلت في السيطرة على كييف ومحيطها، ركزت القوات الروسية جهودها منذ آذار/مارس على شرق أوكرانيا حيث يشتد القتال. مددت أوكرانيا العمل بالأحكام العرفية والتعبئة العامة الأحد لمدة ثلاثة أشهر، إذ وافق البرلمان الأوكراني بالأغلبية المطلقة على المرسومين الرئاسيين بشأن تمديد الأحكام العرفية والتعبئة العامة حتى 23 آب/أغسطس. ووقّع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، المرسومين في 24 شباط/فبراير، وسبق أن مدد العمل بهما مرتين لمدة شهر واحد.
واستهدف القصف الروسي ليل السبت -الأحد مدن ميكولايف وخاركيف وزابوريجيا، حسب الرئاسة الأوكرانية. وأعلن حاكم دونيتسك بافلو كيريلينكو، السبت، على تطبيق تلغرام مقتل سبعة مدنيين وإصابة 10 آخرين في ضربات روسية على منطقته.
كما أعلن حاكم منطقة لوغانسك الأوكراني، سيرغي غايداي، عبر تلغرام، مقتل شخص وإصابة اثنين خلال القصف، وأكد مساء السبت أن “الروس يبذلون كل جهودهم للسيطرة على سيفيرودونتسك” حيث “تضاعفت حدّة القصف في الأيام الأخيرة”. وأضاف مستنكراً أن “المدينة تتعرض للتدمير مثلما دُمرت قبلها روبيجني وبوباسنا”، مؤكداً أن القوات الروسية دمرت جسر بافلوغراد “الأمر الذي سيعقد بشكل كبير إجلاء المدنيين ووصول الشاحنات الإنسانية”.
وتكثف القصف على مدينة سيفيرودونتسك الواقعة في قلب القتال، لكن غايداي أشار إلى أن القوات الروسية تراجعت على الأرض.
وتشكل سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك الواقعة على الجانب الآخر عبر نهر سيفيرسكي دونتس الجزء الشرقي من جيب يسيطر عليه الأوكرانيون تحاول روسيا اقتحامه منذ منتصف أبريل/ نيسان بعد أن فشلت في السيطرة على كييف.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية، أمس الأحد، إن روسيا تستخدم عربات (ترمينيتور) المدرعة المصممة لحماية الدبابات في ذلك الهجوم. كما أشارت هيئة الأركان العامة الأوكرانية الأحد في إحاطتها اليومية الصباحية إلى أن الجيش الروسي يواصل “ضرباته الصاروخية والجوية في جميع الأراضي”، بل إنه “زاد من حدتها باستخدام الطيران لتدمير بنى تحتية حيوية”.
في المقابل، قالت وزارة الدفاع الروسية، أمس، إن قواتها قصفت القوات الأوكرانية جواً وبالمدفعية في الشرق والجنوب مستهدفة مراكز القيادة والجنود ومستودعات الذخيرة.
وقال الميجور جنرال إيجور كوناشينكوف، المتحدث باسم وزارة الدفاع، إن صواريخ أُطلقت من الجو أصابت ثلاث نقاط قيادة و13 منطقة تحتشد فيها قوات ومعدات عسكرية أوكرانية إضافة إلى أربعة مستودعات للذخيرة في دونباس. وأضاف أن الصواريخ الروسية أصابت نظاماً متنقلاً مضاداً للطائرات المُسيرة قرب هانيفكا على بعد حوالي 100 كيلومتر شمال شرقي مدينة ميكولايف في جنوب أوكرانيا.
وتابع: “الصواريخ والمدفعية أصابت 583 منطقة تجمع للقوات والمعدات العسكرية الأوكرانية و41 نقطة مراقبة و76 وحدة مدفعية وهاون (مورتر) في مواقع إطلاق النار بينها ثلاث بطاريات جراد إضافة إلى محطة بوكوفيل للحرب الإلكترونية الأوكرانية بالقرب من هانيفكا في منطقة ميكولايف”.
وقال كوناشينكوف إنه منذ بداية ما تسميه موسكو “عملية عسكرية خاصة” في 24 فبراير/ شباط، دمرت روسيا 174 طائرة و125 طائرة هليكوبتر و977 طائرة مُسيرة و317 نظاماً صاروخياً مضاداً للطائرات و3198 دبابة ومركبة قتالية مدرعة أخرى و408 قاذفات صواريخ متعددة.
ومساء السبت، أكد زيلينسكي في رسالته المعتادة عبر الفيديو أنّ الوضع العسكري “لم يتغيّر بشكل كبير… لكنّه كان صعباً جداً”. وحذّر من أنّ الحرب “ستكون دمويّة”، لكن في النهاية سيتعيّن حلّها “عبر الدبلوماسيّة”. وأكّد زيلينسكي في مقابلة مع محطّة “آي سي تي في” المحلّية: “ستجري حتماً محادثات بين أوكرانيا وروسيا”. وأبدى استعداده مجدّداً عقد لقاء إن تطلّب الأمر “على المستوى الرئاسي” مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي يرفض ذلك حتّى الآن.
وشدّد على أنّ “الوضع في دونباس في منتهى الصعوبة”، لكنّ أكّد أنّ الجيش الأوكراني “يصدّ هذا الهجوم. فكلّ يوم يُعطّل فيه مُدافِعونا خطط الروس يُقرّبنا من اليوم الحاسم (…) الذي نرغب به جميعاً والذي نقاتل من أجله. يوم النصر”.
وفي الأثناء، قال مسؤول أوكراني ووكالة أنباء روسية إن رئيس بلدية عينته موسكو في بلدة أوكرانية احتلتها أصيب في انفجار وقع أمس الأحد. وذكرت وكالة الإعلام الروسية نقلاً عن مصدر في أجهزة الطوارئ أنه تم نقل آندريه شيفتشوك الذي عُيّن رئيساً لبلدية إنيرهودار بعد احتلال الجيش الروسي للبلدة للعناية المركزة عقب الهجوم.
وقال دميترو أورلوف، الذي تعتبره أوكرانيا رئيساً لبلدية إنيرهودار، في منشور على تطبيق تيليغرام: “لدينا تأكيد دقيق بأنه أثناء الانفجار أصيب شيفتشوك الذي نصب نفسه رئيس الإدارة الشعبية وحرسه الخاص”. وإنبرهودار بلدة كان عدد سكانها قبل الحرب يتجاوز 50 ألف نسمة نسمة. ويعمل كثيرون من سكان البلدة في محطتين للطاقة تقعان بجوار المدينة إحداهما هي محطة زابوريجيا أكبر محطات الطاقة النووية في أوروبا.
وأعلنت الشرطة الأوكرانيّة على فيسبوك أنّها أجلت نحو 60 شخصاً بينهم أطفال من كنيسة تعرّضت لقصف في قرية بوغوروديشني. مشيرة إلى عدم وقوع ضحايا.
وإلى الشمال، قال حاكم منطقة خاركيف (شمال شرق) أوليغ سينيغوبوف إن المناطق المحيطة بالمدينة استُهدفت بنيران مدفعية مكثّفة في الساعات الـ24 الماضية، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة 20 آخرين.
أما في مدينة ماريوبول (جنوب شرق) التي دمرها النزاع إلى حد كبير، فبات نحو 2500 عنصر من القوات الأوكرانية أسرى هذا الأسبوع بعد تسليم أنفسهم، وفق ما أعلن الروس. ووعد الرئيس الأوكراني في حواره المتلفز بأن هؤلاء المقاتلين الذين ظلوا متحصنين لأسابيع تحت القنابل في مجمع آزوفستال للصلب بعد سيطرة الروس على المدينة، “ستتم إعادتهم إلى بيوتهم”، في إشارة إلى نقاشات جارية مع فرنسا وتركيا وسويسرا حول هذا الموضوع.
وقال النائب والمفاوض الروسي ليونيد سلوتسكي، السبت، إنّ روسيا “ستدرس” إمكانية تبادل مقاتلين أسرى من فوج آزوف الأوكراني، بفيكتور ميدفيدتشوك القريب من فلاديمير بوتين. وميدفيدتشوك (67 عاماً) سياسيّ أوكراني معروف ورجل أعمال يُعرف عنه قربه من بوتين، واعتُقل منتصف نيسان/أبريل في أوكرانيا أثناء فراره.