رأي

رئيس جمهوريّة في حقيبة السفيرة

كتب نبيه البرجي في “الديار”:

لا ندري ما نوع الضحكة التي أطلقها ذلك المسؤول المصري حين نسأله «لماذا ديبلوماسية أبي الهول، والمشهد العبثي بأبعاده التراجيدية، من اليمن الى لبنان، بحاجة الى صوتكم الذي تقولون انه خلاصة تجربة عمرها سبعة آلاف عام» ؟

أجاب «ربما الذي بنى أبا الهول، وسواء كان خفرع أم خوفو، كان يعلم أن تعرجات المنطقة التي لم تنتج رجلاً مثل أريسطو، وان انتجت رجلاً مثل أبي العلاء المعري، تجافي أي منطق. حقاً انه المشهد العبثي حين نرى التاريخ الذي غالباً ما يجر الايديولوجيا، أو تجره الايديولوجيا، استيقظ فجأة في الرأس التركي، وفي الرأس الايراني. هذان نجما المشهد الآن دون أن يدركا، رغم الدوران الجيوسياسي في الحلقة المقفلة، أنهما يلعبان في الزمن الضائع، وفي المكان الضائع».

أضاف «قد يصدمك كلامي، وهو كلامنا هنا في القاهرة ان هذا هو الزمن الأميركي، وليست فقط الحقبة الأميركية في الشرق الأوسط، ما دام هناك نفط وغاز، وما دامت تجاربنا، كمصريين من محمد علي باشا، وربما من تحتمس الثالث الى جمال عبد الناصر، اصطدمت بأكثر من حالة مستحيلة بسبب التشكيل القبلي للدول وللمجتمعات العربية، حتى في عصر العولمة، وحتى لو كانت البشرية على قاب قوسين للانتقال من الأرض الى المريخ» .

اذ وصف العالم العربي بـ»الرجل المريض»، وهو التوصيف الذي واكب السلطنة العثمانية منذ اطلاق «المسألة الشرقية»، عام 1823، لاحظ أن «اسرائيل وديعة أميركية في المنطقة، حتى اذا بدأ جو بايدن يحزم حقائبه للمغادرة، انفجرت أزمة النفط والغاز. تقول اليد اليهودية ؟ وأنا معك. هي اليد الأخطبوطية، حتى أن أحد وزراء الخارجية عندنا كان يصف أميركا بالوديعة اليهودية في نصف الكرة الغربي».

في رأي السياسي المصري «أن الذين رفعوا شعار تحرير فلسطين، وبينهم ياسر عرفات الذي أتانا أكثر من مرة، شاكياً أو باكياً، اكتشفوا أن تحرير فلسطين يقتضي تحرير اللاوعي الأميركي من اللوثة التوراتية أو من اللوثة الأمبراطورية، وهو المستحيل في الوقت الحالي».

سأل «ما جدوى أي ديبلوماسية الآن اذا كان اللاعبان التركي والايراني يغفلان حقيقة صارخة وهي أن صراعهما على المنطقة، والذي يتخلله بين الحين والآخر بعض التقاطع في المصالح، انما يخدم جهة وحيدة هي أميركا».

يأخذنا الاتصال الهاتفي الى الخشبة اللبنانية. قال «ما بال المسيحيين لا يعترفون بأنهم هم من قبلوا في الطائف بأن تكون رئاسة الجمهورية مجرد طربوش فارغ»!

وقال «منذ البداية كنا نعلم أن الجنرال (ميشال عون) الذي وصل الى القصر على قرع الطبول، انما كان عليه أن يتماهى، من اللحظة الأولى، مع شخصية دونكيشوت في رواية ثرفانتس الشهيرة . هذه هي الكوميديا اللبنانية، بالأحرى التراجيديا اللبنانية، حيث لا مجال للتفريق بين شخصية بونابرت وشخصية دونكيشوت» .

اعترف بدور مصري في «تصنيع» رئيس الجمهورية في لبنان. «كان هذا في السابق. الآن تعددت المطابخ كثيراً، مع أن المسألة لا تتعدى صناعة طربوش فارغ . في كل الأحوال، نصحنا من اتصلوا بنا من الساسة اللبنانيين بأن لا يقبلوا، ولو استتبع ذلك الفراغ الأبدي في الموقع، اختيار رئيس للجمهورية يكون امتداداً سياسياً، أو امتداداً قبلياً للرئيس الحالي، لأن المطرقة الأميركية لا تزال بالمرصاد».

دعا أركان الطبقة السياسية الى معالجة أكثر من ثغرة في الدستور، وحيث لا مقاربة جدية لمسائل فائقة الحساسية، وتتعلق بتكوين السلطة أو بأداء السلطة في الأزمات السياسية التي غالباً ما تكون أزمات بنيوية .

من تقترحون اذاً ؟ «انت تحدثت عن ديبلوماسية أبي الهول ثم تسألني ؟ شخصياً، وبمنأى عن موقعي، أو عن سياستنا الآن، بالفم الملآن أقول لكم اسألوا دوروثي شيا، هي المفوضة السامية في بلدكم ، بالاضافة الى خبرتها الطويلة في المجال الديبلوماسي هي خبيرة استراتيجية».

ماذا اذا اختارت سمير جعجع ؟ «أستطيع أن أؤكد لك بأنها أكثر وعياً بالتفاصيل اللبنانية مما تتصور. أعتقد أنها ستختار اسماً يحظى بموافقة غالبية الأطراف كونها تدرك عواقب أي خيار يقوم على مبدأ الغلبة أو الاستقطاب».

ختم ضاحكاً « ياصاحبي، اسم هذا الرئيس في حقيبة السفيرة، وليكن»… !! 

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى