رأي

دول الخارج تصرّ على إجراء الإنتخابات النيابيّة في أيّار… وقد لن تتوانى عن تمويلها

كتبت دوللي بشعلاني في “الديار”:

تصرّ دول الخارج على ضرورة إجراء الإنتخابات النيابية المقبلة في مواعيدها الدستورية في 15 أيّار المقبل للناخبين اللبنانيين المقيمين على الأراضي اللبنانيين، وفي 6 و 8 منه لغير المقيمين عليها، كما تريدها إنتخابات حرّة وشفّافة ونزيهة بمراقبة أوروبية ودولية توصل الممثلين الفعليين عن الشعب الى الندوة البرلمانية. وتؤكّد السلطات المعنية في لبنان للموفدين الدوليين أنّ «التحضيرات قائمة لإجراء الإنتخابات في أيّار المقبل، من دون أي تأخير أو تأجيل، أو حتى التمديد للمجلس النيابي الحالي». وقد أكّد رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي أمس الخميس بأنّه لا يقبل بتأجيل الإنتخابات النيابية ولو دقيقة واحدة.

غير أنّه يجري الحديث عن أنّ الإنتخابات النيابية لغير المقيمين على الأراضي اللبنانية والذين يبلغ عددهم من المسجّلين والمستوفية طلباتهم المستندات القانونية المطلوبة 225114 ناخباً، قد لا تحصل في 6 و 8 أيّار المقبل، والسبب يعود لعدم توافر الكلفة المالية لإجراء هذه الإنتخابات في السفارات والقنصليات والبعثات اللبنانية في الخارج، التي تُعاني أساساً إمّا من عدم قبض الرواتب، أو من التخفيف من عدد موظّفيها لعدم قدرة الدولة على تحمّل أعباء نفقاتها الباهظة نسبة الى الدولار الأميركي والعملات الأجنبية التي يجري القبض على أساسها في دول الخارج، ويتمّ المطالبة حالياً من الجاليات اللبنانية في دول الإنتشار بتقديم المساعدات في هذا السياق.

أوساط ديبلوماسية عليمة تحدّثت عن أنّ مشكلة تأمين النفقات لإجراء الإنتخابات النيابية المقبلة، لا تطال السفارات والقنصليات في الخارج فقط، إنّما أيضاً الإدارات الرسمية في لبنان التي تعاني من نقص حاد في اللوازم المكتبية، من الأقلام الى الأوراق والحبر وغير ذلك، وحتى من عدم توافر الكهرباء أو المازوت و «الإنترنت» وسواها منذ الآن وقبل الوصول الى موعد الانتخابات النيابية بعد ثلاثة آشهر، ما يُعيق عملها أو يوقفه في أحيان كثيرة. غير أنّ إصرار دول الخارج على إجراء هذه الإنتخابات في الداخل والخارج في مواعيدها الدستورية، لا بدّ وأن تُواكبه إتفاقية ما تؤمّن كلّ النفقات التي تحتاجها العملية الإنتخابية برمّتها.

وذكرت الاوساط بأنّ الحكومة تواصل دراسة مشروع الموازنة العامة للعام 2022 التي تدخل من ضمنها ميزانية وزارتي الخارجية والمغتربين والداخلية والبلديات، كما سائر الوزارات، وقد اعتمدت التقشّف بالنسبة لميزانية كل من منها، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر سلباً على إنتاجيتها بشكل عام، وعلى العملية الانتخابية المقبلة بشكل خاص. علماً بأنّ إيرادات موازنة العام الجاري بلغت 39154 مليار ليرة لبنانية، بعجز بقيمة نحو 10262 مليار ليرة، ما يعني بأنه لا يمكن زيادة المزيد من النفقات، غير أن تمويل العملية الانتخابية يجب ان يحصل من ضمنها، كما انه على الحكومة إيجاد حلّ آخر لمشكلة تغطية تكاليف العملية الإنتخابية المقبلة، من خارج جيوب الجاليات اللبنانية في الخارج.

وأبدت الأوساط نفسها تفاؤلها فيما يتعلّق بقدرة الدولة على تأمين المبلغ اللازم للعملية الإنتخابية من ضمن توقيع الإتفاقية المرتقبة مع صندوق النقد الدولي، أو من خلال توقيع إتفاقية تمويل خاصّة بين الدولة اللبنانية والإتحاد الأوروبي، إلّا إذ كانت تنوي استخدام هذا الأمر كذريعة لعدم إجراء الإنتخابات النيابية في دول الخارج، أو حتى في الداخل. وذكرت الاوساط بأنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعلن بالأمس عن زيادة المساعدات التي تُقدّمها بلاده الى لمدارس الكاثوليكية في لبنان 15 مليون يورو. فهل سيتمنّع عن تمويل الإنتخابات النيابية المقبلة، وهو من أكثر المتحمّسين لإجرائها في مواعيدها الدستورية؟!

علماً بأنّ الإتحاد الأوروبي جاهز لفرض عقوبات على الجهات التي يُمكن أن تُعرقل العملية الإنتخابية المرتقبة، بموجب القرار الأوروبي التي جرى اتخاذه في وقت سابق، على ما أوضحت الاوساط، وهو لن يجعلها تُلغى في دول الخارج بسبب حجة مالية وهي «عدم توافر المواد الأولية اللازمة لها». من هنا، فإنّ الإتحاد يُمكنه أن يقدّم المساعدة للبنان، إمّا عن طريق الدول المانحة، أو بشكل ثنائي بينه وبين الدولة اللبنانية. ولفتت الى أنّ الإتحاد الأوروبي خصّص في مرحلة سابقة إعتمادات مالية للسلطات المحلية والإقليمية في دول جنوب وشرق المتوسط، ومن ضمنها لبنان، وهو لن يتوانى اليوم عن مدّ لبنان بالمساعدات لإجراء الإنتخابات، من ضمن المساعدات المستمرّة التي يقدّمها للدولة اللبنانية.

وبرأي الاوساط، أنّ الولايات المتحدة الأميركية التي تموّل بعض المجموعات اللبنانية المعارضة في الداخل والخارج بهدف خوض الإنتخابات المقبلة وإحداث التغيير في المجلس النيابي الجديد، لن تتوانى عن تقديم المساعدات الخاصّة في هذا السياق.

وأكّدت الاوساط في المقابل، أنّ بعض المجموعات المعارضة في دول الخارج قد أعلنت عن قدرتها على تأمين نفقات العملية الإنتخابية من خلال بعض الصناديق المشتركة أو جمعيات الصداقة بين لبنان وبلدانها، إلّا أنّ شيئاً لم يُصبح ملموساً حتى الآن، ولكن مع إثارة هذا الموضوع، قد يتشّجع بعضها على مدّ يدّ العون للبنان، مقابل عدم إلغاء الإنتخابات في الدول العربية والأجنبية.

وختمت الاوساط بأن هذه المسألة ستُحلّ فوراً كوّن تغطية نفقات العملية الانتخابية لا تصل الى مبالغ طائلة، بل هي محدودة، ولكن لا بدّ من القيام ببعض الجهود والمساعي لدى دول الخارج المعنية لتأمينها في أسرع وقت ممكن. 

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى