كتبت صحيفة “النهار”: عند مطلع اسبوعي الميلاد ورأس السنة الجديدة، بدا لبنان تحت وطأة صراعه المستمر مع رزمة أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية ولو ان توافد اعداد وفيرة من اللبنانيين العاملين والمقيمين في انحاء الاغتراب لتمضية عطلة الأعياد على ارض الوطن وبين عائلاتهم يخفف غلواء وقتامة أزمات اللبنانيين. ووسط جمود سياسي يبدو مرشحا لان يطول الى ابعد من بداية السنة المقبلة بعد اقل من أسبوعين، سار دولار السوق السوداء، الحار في عز كانون الأول، في مسار تصاعدي خارقا في مطالع الأسبوع الميلادي سقف ال44 الف ليرة ومنذرا ببلوغ سقوف تصاعدية بسرعة لاحقا في وقت “احتدمت” على وقع ارتفاعه أسعار المحروقات كما أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية. واذا كان هذا التطور المالي – المعيشي، بات من اليوميات التي لم تعد تحرك ساكنا فان المناخ السياسي يبدو مقبلا على انسداد غير محدود يتجاوز أيضا عطلة الأعياد. ذلك ان الأوساط السياسية على اختلاف توجهاتها باتت تؤكد المخاوف المتسعة من ان تكون العطلة السياسية منذ ما قبل الأعياد الى ما بعد بداية السنة الجديدة ابعد بكثير من مجرد عطلة بل هي فعل تسليم سياسي واسع بالعجز والتخبط في ازمة انتخاب رئيس الجمهورية التي صار مسلما بها تقريبا انها “بلا سقف” زمني. ولذا لا يبدو ان ثمة أي ثغرة محتملة في جدار الانسداد السياسي الذي تكرس مع عشر جلسات عقيمة بلا نتيجة عقدها مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية الا عبر الرهان الذي تعقده اكثر من جهة داخلية على تحركات ومداخلات خارجية . ولعل اخر هذه الرهانات وأكثرها جدية التعويل على قيام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لدى رعايته لمؤتمر “بغداد – 2 ” في عمان على تخصيص هامش من المباحثات الجانبية او الجماعية لبعض ممثلي الدول المؤثرة في الوضع اللبناني وابرزها المملكة العربية السعودية وايران لاثارة الازمة اللبنانية . اما الجانب الاخر من الانسداد السياسي فلم يعد يقتصر على ازمة الفراغ الرئاسي بل يشمل الواقع الحكومي بحيث تقفل السنة الحالية بعد أسبوعين على ازمة انقسام في صفوف الحكومة حول انعقاد جلسات مجلس الوزراء بما يهدد بشلها بعدما فشلت محاولة متقدمة للتوافق على برمجة الملفات الأشد الحاحا التي تقتضي عقد “جلسات الضروة” .
في هذا السياق بدا رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي حاسما امس عندما ابلغ نقابة محرري الصحافة انه “عند الضرورة والحاجة سأدعو مجلس الوزراء الى الانعقاد، وفق الصلاحيات الدستورية المناطة بي، لكن في الوقت الراهن لا شيء طارئا يستدعي عقد جلسة”. وأعلن رفضه صيغة المراسيم الجوّالة التي يقترحها البعض ”لأن لا سند دستوريا لها”، مشددا على أنه” لن يطبق الا ما ورد في الدستور وروحيته”. ولعل اللافت في موقف ميقاتي لهذه الجهة انه اذ نفى دخول اي أسلحة الى مطار بيروت، اعلن انه “لدى الحديث في ملف المطار، وبعد حادثة اليونيفيل، كنت بصدد دعوة المجلس الأعلى للدفاع الى الانعقاد بصفتي نائب رئيس المجلس، ولكنني عدلت عن الموضوع حتى لا يقال إننا نستفز احدا”.
وتفيد المعلومات في موضوع اخفاق محاولة التوافق الحكومي على جلسات مجلس الوزراء ان ميقاتي وجهات سياسية عدة رفضت رفضا تاما طرح الوزراء الذين يعكسون مواقف “التيار الوطني الحر” باعتماد المراسيم الجوالة فيما حمل وزير العدل هنري خوري الى اجتماع اللجنة الوزارية الرباعية قبل أيام موقفا سياسياً مسبقاً عنوانه عدم تمكن الحكومة من التئام جلساتها في ظل عدم وجود رئيس الجمهورية. وكشف مصدر وزاري ان اجتماع اللجنة “كان الاجتماع الاول والاخير” ولم يحقق المطلوب نتيجة جملة من الطروحات التي قدمها خوري الذي يعمل بتوجيهات من رئيس” التيار الوطني الحر” جبران باسيل المتمسك بان لا شرعية لكل جلسات مجلس الوزراء. وتناولت اللجنة جملة من الافكار مع الاخذ والرد الطويلين بغية تسيير عمل الحكومة مع توجه الاكثرية الى انه في امكان الحكومة ان تعقد جلسات وزارية مع الحاجة الى الاجابة عن سؤالين:
– أي ملفات لا تحتمل الانتظار ويقتضي على الحكومة عقد جلسة وتحديد جدول أعمالها.
– ما هو مصير المراسيم التي ستصدر تنفيذاً لمقرارات مجلس الوزراء من سيوقعها في الخانة المخصصة.
وفي المعلومات ان ميقاتي لا يريد تكرار وقائع الضجة التي رافقت الجلسة الاخيرة ويريد الانفتاح على الجميع بمن فيهم الوزراء المحسوبين على العونيين علماً ان المعطيات التي أبلغت الى ميقاتي تؤكد ان ” التيار الوطني الحر لن يبدل رأيه وهذا ما حصل بالفعل عندما كرر وزير العدل على مسامع زملائه ان جلسات الحكومة غير دستورية. ورد عليه وزير بأن البداية غير مشجعة وان “ما تم الاتفاق عليه غيرتم رأيكم فيه”. وادى مسار هذا الحديث الى تطيير نقطتي البحث اللتين اجتمع من اجلهما الوزراء الاربعة. ولكن وزير التربية عباس الحلبي اكد امس ان ميقاتي قد يدعو الى جلسة قبل رأس السنة ربطا بملفات عدة ولا سيما منها ترقيات الضباط المنوطة بمهلة قانونية واكد أيضا ان الثنائي الشيعي سيحضر في الاجتماعات المقبلة.