“دم.. مي.. شاي”… تلويح بـ”طرح الثقة” بحكومة الأردن
تلويح بعض أعضاء البرلمان الأردني بـ”طرح الثقة“ بوزارة الرئيس الدكتور بشر الخصاونة أقرب إلى صيغة “رصاصة فارغة” عمليا لكنها من الصعب أن تصيب هدفها سياسيا بكل الأحوال، حتى وإن كان الخلاف مع البرلمان على قضية كبيرة أو تضخمت أكثر من ما ينبغي بعنوان الاتفاقية الإماراتية لتبادل خدمات الكهرباء والماء بين الأردن وإسرائيل.
وبحسب ما اشارت صحيفة “القدس العربي” فان جلسة الأربعاء النقاشية المؤجلة كانت صاخبة إلى حد كبير.
والفرصة متاحة كما ذكر النائب الإسلامي ينال فريحات لطرح الثقة بالحكومة أو بوزير المياه إذا ما تجاهلت الحكومة أغلبية الأصوات البرلمانية التي تعارض تلك الاتفاقية.
ألمح النائب صالح العرموطي أيضا لمسألة طرح الثقة.
لكن يصعب التفكير بأن الدولة الأردنية يمكنها أن تسمح لمجلس النواب بإسقاط الحكومة ولأسباب عامة يعرفها الجميع، وإن كانت المصاعب كبيرة في وجه حكومة الخصاونة برلمانيا الآن فالمجلس وعلى حد تعبير أحد أركان الحكومة “منفلت تماما”، والسيطرة على الاتصال معه باتت صعبة ومعقدة في ظل عدم وجود خدمات ووظائف وامتيازات يمكن تقديمها للنواب.
بكل حال جلسة الأربعاء ارتفع فيها مستوى الصخب وبعيدا عن عدم واقعية شعار طرح الثقة بالحكومة صبر الرئيس الخصاونة على كل الخطابات والشعارات الرنانة بعدما حذر الشعب ونوابه من حالة عطش خطيرة جدا إذا لم تتمكن حكومته من توفير البدائل.
لوحظ في الأثناء بأن لحظة انفعال واحدة لكنها سياسية رصدت مع رئيس الوزراء ردا على مقولة رئيس لجنة فلسطين البرلمانية محمد الظهراوي بعنوان الدماء التي تحولت إلى مياه أو سوائل مثل الشاي.
هنا انفعل الخصاونة ورفض المزاودة على مواقف الدولة والشعب الأردني مؤكدا بأن الدماء لا يمكنها أن تصبح ماء.
دون ذلك شرح وزير المياه المغضوب عليه برلمانيا الآن في خطاب مطول كل معطيات ما يسمى بخطاب النوايا برعاية الإمارات.
لكن الأغلبية الساحقة باستثناء بعض أصوات البرلمانيين كانت في الاتجاه المضاد تماما لإقرار تلك الاتفاقية مع أنها وكما قال النجار ليست اتفاقية بعد.
أغلب التقدير ومع حمى الخطابات والشعارات وغياب خدمات التسليك هنا أو هناك أن مهمة حكومة الخصاونة مع مجلس النواب الحالي تحت عنوان التعايش السلمي قدر الإمكان أو الحد من الاحتكاك والصدام ستكون صعبة ومعقدة خلال الأسابيع القلية المقبلة خصوصا في ظل حساسية التوقيت وفي ظل قناعة طاقم الحكومة اليوم بأن صعود رئيس المجلس الحالي عبد الكريم الدغمي إلى سدة الرئاسة لم يقدم بعد خدمة حقيقية لصالح التعايش لا بل نتجت عنه ضغوطات على الحكومة في أكثر من محور.
حكومة الخصاونة لا تسعى لأي تصعيد مع مجلس النواب في هذه المرحلة.
وهدفها الأبعد ليس عبور اتفاقية دبي المثيرة للجدل لكن بقاء العلاقة متزنة حتى تعبر توصيات حزمة تحديث المنظومة السياسية والتعديلات الدستورية التي ترافقها وهي جبهة شوشت عليها كثيرا أخطاء النصوص في تعديلات الدستور كما شوشت عليها مبكرا اتفاقية الماء والكهرباء.
الموقف صعب والاحتكام لانفعالات النواب كما رصدت الأربعاء يعني بأن الحكومة أخفقت أو تخفق حتى اللحظة في إنقاذ اتفاقيتها التطبيعية الجديدة من براثن الاستعراض البرلماني خصوصا وأن النواب رحبوا بالعطش مقابل عدم التطبيع وبعضهم اقترح بدائل.
جبهة العلاقة بين السلطتين لا تعاني فقط من الانفلات الآن لكنها تصدعت.
وبالتالي مستقبل التعايش القريب تحت عنوان المنظومة السياسية أصبح مجهولا أكثر خصوصا وأن جلسة الاتفاقية الصاخبة حفلت بالشعارات والهتافات والنصوص القرآنية والجهادية وأظهرت بوضوح أن غالبية نواب الموالاة وليس المعارضة يمكنها تسهيل الأمور جميعها باستثناء إسرائيل والتطبيع.
لا يوجد بعد جلسة الأربعاء سيناريو محدد وبدون صخب يمكن أن ينتج عنه درب مقترح للخلاص من اتفاقية أدير ملفها رسميا بطريقة خاطئة في التكتيك والتوقيت.