“حل مجلس الحرب سيضطر نتنياهو لمواجهة الفشل وحده”
قرار حل مجلس الحرب ليس مهماً على الإطلاق، إذ أن الكيان الرسمي دستورياً – والذي لديه سلطة حقيقية هو الحكومة الأمنية”. وأوضح أن مجلس الحرب لم يكن سوى “اختراع سياسي ملائم ومؤقت”.
وأضاف: “يبدو حل مجلس الحرب الإسرائيلي تطوراً هاماً في الأحداث، لكنه ليس كذلك” مقارنا حلّه بقرار رئيس الوزراء البريطاني السابق وينستون تشرشل حل مجلس الحرب في يناير/ كانون الثاني عام 1939 – بعد ثمانية أشهر من انعقاده – قائلاً إنه كان تطوراً هاما في الأحداث لكن ذلك لا يعني أن يكون حل مجلس حرب نتنياهو هو الآخر له نفس الأهمية.
وذكر أن جميع مجالس الحرب البريطانية في تلك الفترة، بما في ذلك مجلس الحرب الذي انعقد عام 1917 أثناء الحرب العالمية الأولى، كانت لديها سلطات وصلاحيات دستورية وقانونية، مشيراً إلى أن “مجلس الحرب الذي شكله نتنياهو وهو في حالة من الفزع والفوضى والافتقار إلى توجه واضح في فترة ما بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي يفتقر إلى السلطات الدستورية”.
وكان الغرض في الأساس من تشكيل مجلس الحرب في إسرائيل هو تسهيل عملية اتخاذ القرار من أجل التعامل بسرعة مناسبة مع المخاوف الأمنية والعسكرية التي طرأت على المشهد منذ هجوم حماس على بلدات إسرائيلية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وفقا لبينكاس الذي أشار أيضاً إلى أن الغرض من تشكيل المجلس يتجاوز ذلك أيضاً إلى غلق الأبواب أمام “استهلاك الوقت في الجلبة التي يحدثها عشرات الوزراء أثناء تضخيم الأمور والمبالغة في تناول الأمور فيما يعتقدون أنه تسجيل لمواقفهم للتاريخ وتغذية لجمهورهم المتحمس”.
ورأى الكاتب أيضاً أن هناك غرضاً آخر لتشكيل المجلس يتمثل في علاج النقص الذي تعاني منه الحكومة اليمينية المتشددة منذ ديسمبر/ كانون الأول 2022، إذ يعاني أعضائها من الافتقار إلى الخبرة اللازمة للتعامل مع أوقات الحرب، والقدرات اللازمة للتفكير الاستراتيجي، وغيرها من القدرات اللازمة لعملية اتخاذ القرار والتخطيط.
وعلى الرغم من عدم أهمية مجلس حرب نتنياهو، إلا أن حل هذا الكيان غير الرسمي وضع نتنياهو في مأزق بعد أن فقد الشرعية وجزء كبير من المساحة التي كان يناور فيها، وهو ما أفقد الولايات المتحدة الحلفاء السياسيين وكذلك الكيان السياسي الذي كانت تتعامل معه من أجل تسوية الموقف الراهن في غزة، وفقا للغارديان.
وقال الكاتب ألون بينكاس إن “حل مجلس الحرب ربما لن يؤثر على المشهد السياسي في إسرائيل، لكنه سوف يزيد من ضعف نتنياهو سياسياً. فرئيس وزراء إسرائيل لا يعاني فقط من كارثة السابع من أكتوبر/ تشرين الأول ولا من الفشل في إدارة الحرب، لكنه يعاني أيضاً من أنه سوف يضطر إلى مواجهة كل ذلك وحده”.
سيطرة اليمين المتشدد على المشهد السياسي العالمي
وأشار إلى أن حزب التجمع الوطني الفرنسي “متقدم في استطلاعات رأي الانتخابات الفرنسية المبكرة في حين يعاني اليمين التقليدي من الانهيار. وإذا ما تحول هذا الحزب إلى صاحب الكتلة الأكبر في البرلمان الفرنسي، فمن المؤكد أن تتم إعادة تعريف الاتجاه المحافظ في فرنسا”.
وطرح الكاتب سؤالاً أعرب خلاله عن مخاوفه حيال المد اليميني المتشدد المحتمل، قائلا: “السؤال هنا عما إذا كانت عملية إعادة تعريف اليمين في فرنسا بأنه اليمين المتشدد قد تتجاوز حدود فرنسا. فهناك مشكلة مماثلة في الولايات المتحدة، إذ تمكن دونالد ترامب من تحويل الحزب الجمهوري إلى صورته الشخصية. فالصورة المعروفة عن حزب جورج بوش الأب لهذا الحزب – التي تتضمن أنه حزب يتبنى سياسات صديقة للأسواق له توجهات دولية – أصبحت نادرة الظهور. لذلك أصبح شعار ’أميركا أولاً‘ وما يحمله من تعصب للقومية الأمريكية هو الشعار الذي يقود الحركة المحافظة في البلاد”.
وأشار إلى أن هناك جدلاً موازياً لذلك في إيطاليا وبريطانيا، إذ يمكننا أن نميز بسهولة انتماء جورجيا ميلوني إلى اليمين المتشدد. كما يمكننا إدراك زحف حزب الإصلاح بقيادة نايجل فاراج نحو السلطة بعد أن تقدم على حزب المحافظين الحاكم في أحد استطلاعات الرأي. كما أن هناك حديثاً عن إمكانية سيطرة فاراج وأفكاره على حزب المحافظين بعد الانتخابات.
وتطرق الكاتب إلى بعض الفروق التي يمكن أن نميز بها بين اليمين المتشدد واليمين التقليدي. وقال راتشمان: “إذا رفض الزعيم السياسي نتائج الانتخابات وأبدى رغبته في ’سحق الدولة العميقة‘ – التي هي بالأساس الدولة نفسها – فهو أو هي بالتأكيد ينتمي إلى اليمين المتشدد”.
وأشار إلى أن الحزب السياسي إذا تبنى أفكاراً يعدها الليبراليون غير جيدة أو رجعية أو حتى عنصرية، لكنه فعل ذلك في إطار الديمقراطية وسيادة القانون، فإن مصطلح “اليمين المتشدد” لا ينطبق عليه في هذه الحالة، وفقاً لكاتب المقال الذي أكد أن “الأيدولوجيات والحركات السياسية تتطور، وقد تكون هذه القوى المساعدة ببساطة هي الوجه الجديد للتيار اليميني”.
وأشار إلى أن علماء السياسة عرّفوا “نافذة أوفرتون” بأنها “مجموعة السياسات التي تُعد محترمة من قبل الرأي العام في حقبة زمنية ما. وقال إن ما فعله سياسيون مثل دونالد ترامب، مارين لو بان، ونايجل فاراج هو أنهم عملوا على تغيير مفهوم هذه ’النافذة‘، وهو ما مكنهم من نقل السياسات التي يروجون لها من منطقة التشدد إلى المنطقة العادية لتعبر عن اليمين التقليدي”.
وساق المقال مثالاً على ذلك، فموقف هؤلاء الزعماء المحسوبين على اليمين المتشدد من الهجرة، يتضح في الاتجاه الذي تبناه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب نحو “بناء جدار عازل” على حدود الولايات المتحدة مع المكسيك للحيلولة دون دخول المهاجرين غير الشرعيين البلاد.
المصدر: BBC