جماعة الإخوان المسلمين المصرية… في العوز الفكري وجمود الأيديولوجيا.
كتب خيري عمر في العربي الجديد.
مع بدء انتخابات الرئاسة المصرية، بدت مواقف مجموعات الإخوان المسلمين المصرية على مسافاتٍ مختلفة من مجريات السياسة في مصر، وتنوّعت ما بين التجاهل ومحاولة بناء تفضيلاتٍ من المرشّحين. وقد ثار الجدل، أخيراً، مرّة أخرى، فبينما يرى فريق إمكانية المشاركة، يُثبّت فريق آخر موقفه بمقاطعة الانتخابات. ومع غموض تحديد مفهوم السياسة، تتوقّف الخيارات على عوامل؛ إدراك القيادة، التماسك الداخلي ووضعها في النظام السياسي. ولذلك، يثير ارتباك ممارسات الجماعة وتناقضها التساؤل حول احتمالات تسوية المشكل السياسي، سواء نحو الإصلاحية أو الثورية، أو استمرار فوضى الأيديولوجيا.
جمود الأيديولوجيا
وبغضّ النظر عن إشكالية الدولة الوطنية لدى الإخوان المسلمين، يمكن مناقشة اتجاهات طرح المسألة السياسية ودورها في تكييف وضع الجماعة ضمن مكوّنات الدولة. من وجهة أساسية، تقوم أيديولوجيا الإخوان على تمثيل الإسلام، وأن محاولات الفصل أو التمييز بين الممارسة السياسية والعمل الدعوي غير واردة، فالجماعة تقدّم نفسها دعوة الإسلام منذ القرن العشرين، حيث الحكم والسياسة من العقائد والأصول. ولذلك، هيمنت عقيدة الوعد الإلهي والوظيفة الرسالية على الخطاب السياسي بطريقة سَهلت الرضا بالنتائج والقبول بالمحنة إجابةً عن الإخفاقات المستمرّة. ولذلك صنفت الجماعة النصوص الأولية مصادر، وظلّت أسيرة لاستلاب الشمولية، السياسة والدعوة، والشورى والديمقراطية. ولذلك، بدت قليلة الحاجة للبحث عن البدائل أو تطبيق مدوّنة سلوكية لضبط أخلاق منتسبيها.
ومن وجهة أخرى، يرتبط الموقف من حركة الإخوان على تحديد موقعها من المجتمع. وعلى خلاف تعريفها جماعةً من المسلمين، بدت سياقات الخطاب والسلوك أقرب إلى جماعة المسلمين، فخلال مراحل الانضمام الأولية، واستناداً لمبدأ الشمولية، يعمل المحتوى الثقافي/ التكويني على غرس الاستعلاء على الجماعات الأخرى، وإثارة الوعي بالاصطفاء الاجتماعي على خلفية التمييز بين “الإخوان والعوامّ”، ما يمثل مقدّمات لترسخ الجذور الفكرية للتأرجح بين الاعتدال والتطرّف داخل نسق تنظيمي واحد.
رغم شغل السياسة موقعاً مركزياً في تطلعات الإخوان المسلمين، بقي تعريفُها غائماً ومستنداً لمنظور ديني متخلفاً عن الحاجات السياسية
ورغم شغل السياسة موقعاً مركزياً في تطلعات الإخوان المسلمين، بقي تعريفُها غائماً ومستنداً لمنظور ديني متخلفاً عن الحاجات السياسية. وفي الأزمة الحالية، تحوّل الخطاب السياسي لدعم التماسك التنظيمي، عندما يؤسّس فهماً مشتركاً للالتزام بطاعة الصادقين، المتّقين والثابتين، باعتبارها مشتقّة من طاعة الله. يمكن فهم هذه التصوّرات تعبيراً عن حلول الإسلام في الجماعة، تجلت صورها في الاستناد للمصادر الدينية، تتعلق بالتمييز بين المسلمين وغير المسلمين، لتصنيف الخلاف التنظيمي أو السياسي مسألة عقيدية.
ولوقوعها تحت أزماتٍ طويلة، شكّل البقاء التنظيمي حائلاً دون تقديم مساهماتٍ فكريةٍ في السياسة أو الاقتصاد، عندما وقعت تحت استلاب الرأسمالية، وغطّت الليبرالية الجديدة برامجها الانتخابية. وتُفسّر محدودية المحتوى السياسي استمرار تناقض السلوك. ومنذ منتصف أربعينيات القرن الماضي، وقفت الجماعة في مصر على الطرف الآخر من الملك، حكومة الوفد والحركة الطلابية، لتبدأ خلافاتها مع حكومة فهمي النقراشي لامتناعه عن ضرب مظاهرات الطلاب، وانحيازها في 1946 لحكومة ترعى المصالح الأجنبية (إسماعيل صدقي). وامتدّت هذه الأفكار لممالأة الرئيس حسني مبارك في 2010، ثم المشاركة في إطاحته بعد أشهر قليلة، ليمهّد لسلسلة من اضطراب مواقف الجماعة. وتشير ممارسات العقدين الأخيرين إلى تصاعد قناعاتٍ بأن الوصول إلى السلطة كافٍ للإصلاح، ليمهّد الطريق لانحراف الممارسات نحو الصراع من دون الإصلاح، فعلى مدى تداعيات “الربيع العربي”، لم تتبلور ملامح فكرية، سوى تحويل الانتقال السياسي لمجموعة إجراءاتٍ ضمن أنساق الفكر الغربي.
بين أزمة السياسة والفكر
ورغم وقوع الجماعة تحت أزمةٍ طاحنة، ظلت تراوغ في الإجابة عن كيفية التقارب مع الدولة واحتياجات أفرادها خارج السجون وداخلها. وقد ظهرت اقتراحاتٌ غير متناسقة بالاعتراف بالنظام الحالي متجاورة مع تصنيفه انقلاباً يجب إسقاطه. تكمن المشكلة في غموض موقف الجماعة لدى كل من الحكومة وأعضاء الجماعة على السواء. فخلال عشر سنوات، شكّل انفراط الجماعة لعدّة مجموعات، اختلفت مواقفها تجاه الحكومة بين الرفض الحادّ القبول المشروط. وداخل الجماعة، باستثناء تضامن دوائر المسؤولين ولجان الإعلام الالكتروني على المصلحة من إدارة الأزمة، لم تقدّم الجماعة موقفاً مقنعاً لاستمرار أزمتها مع الدولة للأعضاء الأخرين، وخصوصاً عندما فقدت مقولات الشرعية والصبر والابتلاء حجيتها أمام التراجع اليومي وتزايد الاتهامات العلنية بالفساد.
وعلى مدى السنوات السابقة، شغل الحديث عن المراجعة حيّزاً ملموساً، لكن من دون ظهور نصّ واضح، سوى محاولة وحيدة من المكتب العام في 2016، اتجهت إلى تحميل المسؤولية للشخصيات التي أدارت الفترة السابقة، وباتت قلقةً من النظر في القرارات التي اتّخذتها. بدا الحديث عن المراجعة نوعاً من الوجاهة وتسكين مشروعية المسؤولين وإعطاء انطباع بعمل شيء. ويتشارك الحديث عن المراجعة في الجوانب التنظيمية وتثبيت الميراث الإيديولوجي. وبهذا المعنى، لا تتوفر إرادة حقيقية لخوض تمرين في المحاسبة والتقييم. ويرتبط الكسل عن المراجعة بطبيعة نسق التفكير القائم على تمييع المسؤولية المحاسبة وشيوع قيم القَدَرية، والتي تقوم على الإلزام بالواجبات، وليس البحث عن الحقوق. كانت حصيلة الفترة ضئيلة لا تكافئ احتياجات الجماعة للتعافي من أزماتها الداخلية والخارجية، ويعبّر اقتصار بيان “رسوخ”، المقتضب، على التمييز ما بين “الجماعة” والمنشقّين عليها عن حالة التهافت السائدة.
وفي هذا السياق، يُشكل المحتوى الفكري جزءاً هامشياً في اهتمامات الجماعة الداخلية، فلم يُدعم الكلام عن خيار ثوري/ عنفي أو سلمي في مصر بأسانيد نظرية، واكتفت بتمديد ميراثها القديم، من دون اجتهاد حركات الإخوان المسلمين في تنويع موقفها من التواصل مع الدولة. ويمثل تشابه مواقفها من الحوار الوطني في أبريل/ نيسان 2021. وقام موقفها على وضع شروط مسبقة أدّت إلى تجاوز شمول المناقشات لحركات الإسلاميين 10 مايو/ أيار 2022، كان أهمها؛ التمثيل المتوازن للمجتمع السياسي، وضمانات تنفيذ المخرجات، وإطلاق سراح المحبوسين احتياطياً والوقف الفوري لأحكام الإعدام، وفتح المجال العام أمام القوى الوطنية. وبجانب هذه الشروط، رأت أن حالة السياسات العامة لا تشجع على المشاركة. تعني هذه الصيغة تفضيل انهيار الحكومة على التقاط انفتاح الدعوة في بدايتها.
ثمّة جدلٌ بأن أسباب فشل معارضة الخارج ترجع إلى حركة الإخوان المسلمين، سواء بسبب انقساماتها أو لرغبتها في لعب دور المُعطل في اتخاذ القرارات
ورغم هذه الخلافات التنظيمية، تلاقت جماعات الإخوان في أن حلّ مشكلتها مع الدولة يكون عبر مرحلة انتقالية. وبعد وقت قصير، تبنّت حركة الإخوان تصوّراً في “الحوار الشعبي”، يقوم على مرحلة انتقالية، يتم فيها التوافق بين المعارضة على استعادة ثورة يناير، وطوّر فريق آخر من الجماعة (25 سبتمبر/ أيلول 2023) تصوّراً إضافياً، يقوم على ثلاث مراحل، للوصول إلى نظام جديد، تبدأ بالتوافق، ثم المشاركة، ثم المنافسة. لذا، يشغل الحل السياسي حيّزاً محدوداً في أولويات جماعات الإخوان، مقارنة بمطالب إسقاط نظام الحكم.
على أي حال، ظلّت الجماعة عنصر قلق أو تهديدا لنظم الحكم، ليس بسبب مشروعها الأممي فقط، وإنما أيضا لغموض هياكلها وشبكاتها الخارجية. وعلى الرغم من الخصومة والعداء بين حركة الإخوان وكثير من حكومات بلدانها، تعكس تهنئتها لفوز الرئيس الأميركي، جو بايدن، (بيان حول الانتخابات الأميركية، 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020) جانباً كبيراً من الثقة في الولايات المتحدة بتلبية مطالب الجماعة، لمواجهة الاختلال في نظم الحكم السلطوية والمستبدة، يلقى هذا النمط من الخطاب قبولاً لدى كثيرين من المسؤولين والأفراد.
حلّ المُشكل السياسي
كتوجّه أساسي، كانت محاولات حل المُشكل السياسي عبر تحسين الوسائل السلمية بإسناد الوظيفة السياسية لحزب أو التحالف مع قيادات سياسية. في أربعينيات القرن الماضي، ظهرت اقتراحاتٌ بانخراط الإخوان المسلمين في مصر في حزبٍ قريبٍ من أهدافها مع تأجيل المشاركة السياسية 20 عاماً. ومرّة أخرى، واجهت الجماعة هذه المشكلة في 2011، عندما حاولت حلها عن طريقين؛ تشكيل حزبٍ تابعٍ، وعرض دعمها لترشيح شخصياتٍ مستقلةٍ لرئاسة الدولة. ومع بقاء الجماعة كياناً تنظيمياً، في الحالتين، بدت المحاولات غير منطقية، حيث يعمل وجودُها على تكوين مراكز نفوذ يمكنها إطاحة المؤسّسات في حالة اشتباك الإخوان المسلمين مع السياسة المحلية والدولية. فعرض الترشّح للرئاسة على، منصور حسن، حسام الغرياني، طارق البشري، لم يكن مصحوباً بتوضيح كوابح ارتهان السلطة لخيارات الجماعة المجهولة لهم.
ولانحسار كفاية الاجتهادات النظرية والفكرية، زاد الاعتماد على التعبئة والحشد، والارتباط بمظلة شخصيات عامة. كان البحث عن الاصطفاف وراء محمد البرادعي، مساعد الرئيس السابق للشؤون الخارجية، واحداً من محاولات الدخول للمشهد السياسي تحت مظلة آخرين، وهو ما يتسق مع مواقفها المترددة والمرتبكة تجاه التسوية أو المصالحة. ويمكن النظر للحديث عن التوافق الوطني تعبيراً عن الحيرة تجاه كيفية العودة للمجال السياسي، فخلال ما يقرب من عقدين، لم تنضُج تجارب التحالفات بين المعارضة. وفي حقبة حسني مبارك والفترة اللاحقة لعزل محمد مرسي، انهارت كل التحالفات بدون تحقيق الحد الأدنى من أهدافها، كما ساهم الإخلال بمستويات مشاركة الجماعة في عامي 2011 و2012 في انهيار العملية السياسية، سواء في “التحالف الديمقراطي من أجل مصر” أو “الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح” وأخيراً “تحالف دعم الشرعية”. ووصل بها الحال إلى الانضواء توظيفياً تحت إطار “اتحاد المعارضة المصرية”، لتصنع دورة كاملة من انخفاض القابلية للتوافق حول أي تصور سياسي.
على الرغم من تقديم الجماعة نفسها مانعاً للعنف أو التكفير، لم تستقر قناعات أعضائها على التباعد مع العنف باعتباره توجهاً استراتيجياً
وتوضح تجربة المنفى تدهور الثقة في العمل المشترك، وثمّة جدلٌ بأن أسباب فشل معارضة الخارج ترجع إلى حركة الإخوان المسلمين، سواء بسبب انقساماتها أو لرغبتها في لعب دور المُعطل في اتخاذ القرارات. وبشكل عام، لم تقدّم ما يُغري لدمجها سياسياً. وأمام ركود النظر إلى المستقبل، انقسم الأفراد ما بين الاستسلام لقيادات متصارعة أو الخروج منها أو الانتقال من التطرّف إلى العنف، ويكمن ما تكشفه تجربة المنفى في ترسيخ صورتها حركة منغلقة وفارغة من المحتوى السياسي وهشاشة الركائز الأخلاقية.
بين السياسة والدعوة
كشفت وفاة الرئيس الأسبق، محمد مرسي عن أزمة في تصوّر الجماعة عن “الشرعية”. وفي هذا السياق، ظهر اقتراحان لتحديد الموقف من السياسة. الأول، وفيه ربط “المكتب العام”، 29 يونيو/ حزيران 2019، اقتراح التخلي عن المشاركة السياسية بعد إطاحة السلطة، دون توضيح ضمانات تصريف مخزون ثقافة المشاركة خلال فترة الثورة، حيث يكون الخروج الطوعي من السياسة غير منطقي، ويتلاقى معه جزئياً اقتراح جبهة لندن، في حوار قصير من نائب مرشد الجماعة لوكالة رويترز، أعلن فيه القبول بالنظام القائم والامتناع عن التنافس السلمي على السلطة، وذلك لمنع تقسيم المجتمع وإفساح الطريق أمام الديمقراطية. أما الثاني، حيث نظرت جماعة أون لاين للشمولية مشروعا حضاريا متكاملا، يستند إلى رجال مؤمنين للقيام بوظائفه السياسية والدعوية.
وعلى أية حال، بدا طرح الانسحاب من العمل السياسي عَرَضياً وعفوياً وأقرب إلى المراوغة، لافتقاد القدرة على تقديم تأويل متماسك للخروج من مبدأ الشمولية واستقرار تطلعات بناء مجتمع موازٍ والقيام بوظائف مناظرة للدولة. وبغض النظر عن التشكك في مصداقية الاقتراحات، يُعد وقوع الجماعة بين الارتباك، التردد والتشدد انعكاساً لحالة التجريف الداخلية وجمود مقولاتها. ولذلك، خلا كلام الإقلاع عن السياسة من الحجج النظرية وصار أكثر ارتباطاً بتدوير نصوص حسن البنا وسيد قطب، لتقف الأجيال اللاحقة أسيرة استدعاء تجارب فشلت في الاندماج السياسي وظلت، تاريخياً، من أسباب إعادة إنتاج الأزمات والاهتمام بأداة التغيير أكثر من الانشغال بالأفكار.
العنف المتأرجح
وبجانب تصوّرات حلّ المُشكل السياسي سلمياً، يعمل التكوين الثقافي على مُراكمة وعيٍ جزئي بالعنف وسيلة للتغيير. وعلى الرغم من تقديم الجماعة نفسها مانعاً للعنف أو التكفير، لم تستقر قناعات أعضائها على التباعد مع العنف باعتباره توجهاً استراتيجياً. وبشكل عام، لم يكن توقف العنف نتيجة قناعات حاسمة، بقدر القلق من الأعباء السياسية والأمنية، لتبقى قابلية العودة إليه قائمة، حيث يُقدم التداخل بين الديني والسياسي إطاراً للسلوك العنيف الوارد في أفكار النظام الخاص (رسالة التعاليم) وتسهيلها لتشكيل الجيوب التنظيمية واستغلالها في التحضير للتربية الجهادية والتعصّب. وحالياً، ينحصر الوعي السياسي في رفض الاعتراف بالسلطة أو مداهنتها.
تشير مسارات الجماعة إلى عجز المخزون الأيديولوجي عن ملاحقة الاحتياج السياسي
وفي مشوار الأزمات مع الدولة لمصرية، قدّمت الجماعة تبريراً لجرائم الاغتيالات ضمن الظواهر التي سادت فترة الأربعينيات، واعتبر زعيم الجماعة، حسن البنا، حلّ الجماعة في 8 ديسمبر/ كانون الأول 1948 كافياً لنفي المسؤولية عن اغتيال رئيس الحكومة، فهمي النقراشي، لانفلات سيطرة الجماعة على أعضائها، واستخدمت هذا المنطق للتبرؤ من العنف. ومع دخول “الإخوان المسلمين” العمل السياسي في ثمانينيات القرن الماضي، تواتر الحديث عن رفض العنف أو الدعوة إليه. ومنذ نهاية 2011، وضعت الجماعة نفسها في صراع مع الجيش لتوطيد مكانتها، وشكّل رفض وثيقة علي السلمي الخطوة الأولى لتمديد الأزمة مع الدولة واستمرار سلسلة الصدام. وبدا العنف التخريبي للمنشآت المدنية في بداية 2015 والتعاطف مع تعزية أيمن الظواهري، هي أحداث تكشف عن اهتزاز الموقف من العنف وسيلة للتغيير السياسي. ويتلاقى هذا المنظور مع كلام المرشد العام في اعتصام رابعة، يوليو/ تموز 2013، عندما وضع السلمية في سياق الصراع مع الدولة، وليس كقيمة مطلقة، ولذلك، ظلت أجواء الجدل مستمرة عن توافر ظروف الانتقال بين العنف والسِلم. ويكشف ظهور حركتي لواء الثورة وحركة سواعد مصر (حسم) عن مخزون العنف الكامن نتيجة عمليات التأهيل الأيديولوجي.
على أية حال، تشير مسارات الجماعة إلى عجز المخزون الأيديولوجي عن ملاحقة الاحتياج السياسي؛ سواء في مرحلة الخفوت أو في أثناء التمدّد في الفراغات المُتاحة. ومع غموض/ تشتت مركز صنع القرار وتتابع الانقسامات، يصعب التنبؤ بالقدرة على التصرف في المستقبل. ويفتح عجز الإجابة عن المسألة التنظيمية الفرصة لانقسامات جديدة تحت تناقضات التدرجية الثورية/ العنفية، ويزداد تعقيد هذه التداعيات مع تواضع الحصانة الفكرية لدى الأفراد والمجموعات. ومع التواضع المزمن للرأسمال الفكري، يمهد دوران نشاط الجماعة على مدى أكثر من عشر سنوات حول استعادة للسلطة لاستقرار روح الثأر أكثر من بناء القابلية للتسوية السياسية.