جريج لموقعنا: هناك مصلحة مجتمعية لتوفير الحماية للصحافيين.
النقيب جورج جريج_ خاص رأي سياسي
من المعروف ان للأعلام دورا أساسيا في نقل الحقائق ليكون شاهدا على كشفها وتثبيتها وتعزيزها، خصوصا في الحروب والنزاعات، ولكن للأسف يدفع الصحافي أحيانا كثيرة دمه ليكون شاهدا على الحقيقة، فالأحداث الأخيرة في غزة وجنوب لبنان حتمت على الإعلاميين ليكونوا في الخطوط الامامية للمعارك لنقل ما يحصل الى الراي العام العالمي، وللأسف فإن لبنان كما فلسطين دفع الاعلام مجددا دما من خلال استشهاد الزميل عصام عبد الله مراسل وكالة “رويترز” الذي روى الأرض الاحب الى قلبه ارض الجنوب بدمائه، حيث أصيب أيضا عدد من الإعلاميين نتيجة استهدافهم من قبل العدو الإسرائيلي.
موقع “رأي سياسي” سأل نقيب المحامين السابق جورج جريج عن القوانين الدولية التي تحمي الإعلاميين فقال: “اولاً، لا بد من التأكيد ان الصحافي ينتمي الى فئة المدنيين وليس الى فئة العسكريين او المقاتلين ما يعني شموله بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبالاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان، وباتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/ ١٩٤٩.
وتنص المادة ٣ البند ( 1) من اتفاقية جنيف على ان الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا أسلحتهم، والأشخاص العاجزين عن القتال بسبب المرض أو الإصابة أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، يعاملون معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة أو أي معيار مماثل آخر.
ولهذا الغرض، تحظر الأفعال التالية فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين أعلاه، وتبقى محظورة في جميع الأوقات والأماكن :
( أ) الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب،
(ب) أخذ الرهائن،
( ج) الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والإحاطة بالكرامة،
( د) إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة أمام محكمة مشكلة وفق الأصول تكفل الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة.
ثانياً، هناك مصلحة مجتمعية في توفير الحماية الكافية للصحافيين الذين يغطون الاعمال الحربية لان هؤلاء يلعبون دوراً اساسياً في كشف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي قد يرتكبها أحد أطراف النزاع، فأثناء الحرب في يوغسلافيا السابقة كان للإعلام الدور المتقدم في كشف الكثير من جرائم الحرب التي ارتكبت، وهو الأمر الذي دفع الأمم المتحدة إلى إنشاء المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة.
ويتضمن القانون الدولي بعض القواعد التي تساهم في توفير هذه الحماية، فهناك قوانين حقوق الإنسان التي تطبق بشكل مقيد في وقت الحرب، وقواعد القانون الدولي الإنساني التي تكون لها الأولوية في التطبيق في زمن الحرب وأثناء الاحتلال.
وفي ما يتعلق بالصحفيين، تنص المادة ٤ (أ) من معاهدة جنيف الثالثة الموقعة عام 1949 والخاصة بمعاملة أسرى الحرب على أن المراسل الحربي الذي يرافق أحد أطراف الصراع يحظى بمعاملة أسرى الحرب في حالة وقوعه في الأسر، ويتمتع بكافة الحقوق. هذا يقود الى القول انه يطبق هنا القانون الدولي الإنساني لجهة المحافظة على حياة الأسير وحفظ كرامته، وحمايته من أي إجراءات انتقامية بفعل مشاركته في تغطية أحداث الحرب، وعدم اجباره على الإدلاء بأي معلومات تخص أحد أطراف القتال.
كما ان المادة 79 من البروتوكول الأول الملحق بمعاهدات جنيف تنص على أن يعامل الصحفيون العاملون في مناطق الصراع المسلح معاملة الأشخاص المدنيين. هنا ايضاً يجب إعمال القانون الدولي الإنساني التي تنهي عن الهجوم في وقت الحرب على المدنيين وتمنع استهداف المنشآت المدنية، وتجعل الاعتداء عليهم جريمة حرب يحال بموجبها المسؤولون عن ارتكابها إلى المحاكمة أمام المحاكم المحلية أو الدولية.
خلاصة القول ان لا حماية خاصة او متقدمة للصحفيين العاملين في مناطق الصراع تتناسب وحجم المخاطر التي يتعرضون لها وحجم الدور الذي يقومون به في كشف جرائم الحرب والجرائم الكبرى.