تمديد الحرب الإعلامية لأنّ الحملة العسكرية طويلة
كتب وليد شقير في صحيفة نداء الوطن.
تعود إسرائيل ومعها بعض دول الغرب ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية إلى أسلوب الحرب الإعلامية، لكن هذه المرة من أجل تبرير دخول الجيش الإسرائيلي إلى مستشفى الشفاء وإطلاق النار داخله، مع انكشاف كافة الادعاءات التي أطلقها المسؤولون الإسرائيليون، بمن فيهم بنيامين نتانياهو، بأنّ مباني المجمع الطبي تخفي غرف عمليات ومداخل إلى أنفاق تحوي بعض الأسرى… على أنها كاذبة.
استفاد الإسرائيليون من أنّ البيت الأبيض غطّى ورافق دخولهم إلى مجمع الشفاء الطبي الأربعاء، بالقول إنّ المعلومات الاستخبارية لدى واشنطن تفيد بأن حركة «حماس» و»الجهاد الإسلامي» أقاما مركز قيادة في المستشفى، وقاما بتخزين الأسلحة…
وعلى الرغم من أنّ صحيفة «جيروزاليم بوست» انتقدت رواية المسؤولين الإسرائيليين لضعفها وانكشافها، وأنّ وسائل الإعلام الأميركية اضطرت إلى العودة إلى بث فيديوات عن اقتحامات «حماس» لمستوطنات غلاف غزة في 7 تشرين الأول الماضي، فإنّ الرئيس جو بايدن، كرر اتهام «حماس» بأنها أنشأت مراكز قيادة في مجمع الشفاء الطبي. هكذا فعل أيضاً المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، وهو ما اعتبرته «حماس» غطاءً أميركياً لدخول المستشفيات، أجاز عودة الجنود الإسرائيليين إلى المجمع بعدما انسحبوا منه أول من أمس بسبب إخفاقهم في إثبات ما يروجون له. هذا فضلاً عن أنّ «حماس» تولت كشف الفيديو الركيك الذي وزعه الجيش الإسرائيلي عن اكتشاف بضع قطع سلاح، في غرفة تصوير الرنين المغناطسي في المستشفى.
لعبة الحرب الإعلامية متصلة بالظروف. وربما كانت هناك مراهنة على انشغال الرأي العام الأميركي بمواضيع اجتماع الرئيس جو بايدن يوم الأربعاء في سان فرانسيسكو مع الزعيم الصيني شي جنبينغ، الحيوية بالنسبة إلى الأميركيين…
تحتاج إسرائيل إلى المزيد من الوقت لمواصلة عملياتها العسكرية في غزة. فمع حصول تقدم لجيشها في غزة، وحصول القتال في قلب المدينة نفسها، ودخول قواتها مستشفى الشفاء، وكذلك المستشفى الأهلي، يتطلب تثبيت سيطرتها على شمال القطاع الذي وضعته هدفاً أولَ، المزيد من المجازر والانتهاكات وبالتالي مواصلة خلق التبريرات للتخفيف من التبدل الكبير في المزاج الشعبي ضد ممارسات الدولة العبرية، ومن الحملات التي انطلقت من أجل مقاضاة انتهاكاتها للقانون الإنساني الدولي في محافل دولية وفي عدد من الدول…وصولاً إلى التظاهرة التي بلغت الكونغرس في واشنطن نفسها.
بعد مرور 41 يوماً على الحرب ضد غزة، وعلى الرغم من المآسي والمجازر غير المسبوقة وحرب الإبادة، يبدو أنّ أمام استكمال سيطرة إسرائيل على شمال القطاع صعوبات عدة مع قدوم فصل الشتاء، حيث يواصل مقاتلو الفصائل الفلسطينية الاشتباك مع قوات الاحتلال. فالمطر والرياح والوحول صحيح أنها تزيد من كارثية أوضاع النازحن الفلسطينيين من منازلهم، وتضاعف فقدان أي مقومات للوضع الصحي في بقايا المستشفيات، كما تعيق حركة الجيش، لكن تأثيرها على مقاتلي الفصائل في حرب العصابات والشوارع أقل بكثير. فهؤلاء يمكنهم التحرك بسهولة أكثر من الجيش النظامي. فالقوات الإسرائيلية لم تعلن منذ دخولها شمال غزة عن أسرها أو قتلها أي مسؤول من «حماس» أو الفصائل الأخرى، خلافاً لمرحلة القصف الجوي التي سبقت العملية البرية حين نجحت كما قالت بيانات الجيش، في اصطياد عدد من المسؤولين العسكريين.
إلا أنّ الصعوبة الأخرى التي تفرض نفسها هي انتقال الجيش الإسرائيلي إلى اقتحام جنوب غزة، الذي انتقل إليه أكثر من 700 ألف فلسطيني، والذي تشير المعطيات إلى أنّ الصواريخ التي تستهدف المواقع الإسرائيلية في غلاف غزة، وفي العمق الإسرائيلي يتم إطلاقها من مواقع في جنوب القطاع… فما يجري حتى الساعة هو القصف الجوي لمناطق عدة وخصوصاً خان يونس. هذا من دون أن نتحدث عن الاشتباكات اليومية في الضفة الغربية.
الصعوبات التي تواجهها إسرائيل، في غياب أي أفق لوقف إطلاق النار، واستمرار التخبط في شأن مفاوضات الإفراج عن جزء من الأسرى والرهائن كلها مؤشرات إلى أن الحرب ستطول، وإلى أن إسرائيل، ومن ورائها الدول الغربية ولا سيما أميركا، ستحتاج إلى مواصلة ألاعيب الحرب الإعلامية بكل أوجهها، لتبرير مواصلة الحرب، من أجل معاكسة بيانات الأمم المتحدة الرافضة للإبادة الجماعية.