
تيريز القسيس صعب.السعودي
خاص رأي سياسي …
بعد الحراك الديبلوماسي السعودي الاميركي، المنسق والمبرمج الذي قاده سفير المملكة وليد البخاري وسفيرة الولايات المتحدة الاميركي دوروتي شيا، يمكن استنتاج ان التناغم السعودي الأميركي أسقط كل الجهود الفرنسية التي راهنت على ايصال مرشح الممانعة سليمان فرنجية.
ويبدو ان المعلومات التي رشحت بعد جولات الديبلوماسيين السعودي والاميركي تشير الى ان لبنان دخل مرحلة توازن جديدة داخليا بعدما تبين ان المراهنة على الخارج والتي انتظرها البعض لاسيما فريق الممانعة كانت في غير محلها، وبددت كل التوقعات، واسقطت كل الخيارات المطروحة.
وقد نقل مرجع سياسي رفيع عن السفيرة الاميركية في لبنان قولها في مجلس خاص “ان بيان الخارجية الاميركية الذي صدر اخيرا يعبّر تماما عن الموقف الرسمي للادارة الأميركية من الازمة الرئاسية.” وقالت في حضور شخصيات سياسية واعلامية “ان الولايات المتحدة ومنذ الشغور الرئاسي اكدت وما تزال تؤكد انها لن تدخل في بازار الاسماء، كما انها لن ترشح او تدعم هذا الاسم على حساب اسم آخر، ولن تقف مع اي طرف ضد اي طرف او جهة أخرى. وبالتالي فان ما يهم أميركا بالدرجة الاولى ان يتحلى الرئيس العتيد بالمواصفات التي تؤهله لتولي هذا المنصب ليحظى بتأييد ودعم دولي وعربي.”
وفي الاطارعينه، اشار مرجع ديبلوماسي اميركي الى ان الولايات المتحدة ابدت امتعاضها وانزعاجها مما تسرب ورشح عن الحراك الفرنسي الذي يقوده السفير باتريك دوريل واصراره على المضي في دعم سليمان فرنجية.
ولفت المرجع اعلاه الى ان الولايات المتحدة عبرت عن موقفها المنزعج هذا عبر الطرق الديبلوماسية، وأكدت ان ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الخماسي لأجل لبنان والذي عقد في شباط الماضي في باريس، يناقض تماما ما يتم العمل عليه اليوم.
وقالت صحيح ان الجميع بمن فيهم الولايات المتحدة الاميركية سلفت الجانب الفرنسي الملف الرئاسي اللبناني، لكنها في المقابل لن تقبل اطلاقا التفريط به عبر تمرير اجندات سياسية واقتصادية خدمة لمصالح خاصة واستراتيجيات دولية كانت أم اقليمية.
فالرسالة الاميركية التي نقلتها السفيرة شيا لم تخلو ابدا من إنذارات غير مباشرة وخطيرة ، تشرح صعوبة استمرار الشغور الرئاسي وما يمكن ان ينجم عنه من تخبط وانفجار سياسي واقتصادي أقوى واصعب مما يمر به لبنان اليوم.
من هنا كان الإلحاح الأميركي بأهمية توافق اللبنانيين فيما بينهم على مواصلة جهودهم والاتفاق على مرشح يحظى يتاييد نيابي، وعدم المراهنة على التسويات الخارجية الاقليمية والدولية لايصال رئيس إلى بعبدا.
لآت سعودية
في المقابل، كان واضحا تقاطع الحراك الديبلوماسي الاميركي مع زيارات السفير البخاري إلى عدد من المسؤولين، وكأن التنسيق والتوقيت بين الطرفيين كانا متوازيين.
وعلى الرغم من التكتم الشديد حول أهداف جولات البخاري، الا ان مصادر سياسية مقرّبة من احد المراجع التي زارها اكدت لموقع “راي سياسي” ان البخاري نقل رسالة واضحة من المملكة تتعلق بلآت ثلاث.
لا مرشح سعودي مفضل لدى المملكة، لا فيتو سعودي على أي اسم مطروح، ولا تدخل مباشر من المملكة مع حلفائها في لبنان لدعم هذا المرشح او ذاك.
هذه اللآت تلقفتها مصادر الثنائي بايجابية، ورأت في الموقف السعودي تبدلا وتغييرا قد ينعكس ايجابا على تأييد المرشح فرنجيه، بعدما تبين ان حظوظه الرئاسية اليوم باتت أقرب من السابق، وذلك في إشارة الى ان السعودية لا تضع فيتو على أي اسم يتم طرحه.
وكشفت مصادر في المعارضة، مقربة من القوات اللبنانية إن ما كانت تراهن عليه الممانعة من تدخل سعودي بايعاز فرنسي مباشر، وتمني ايراني، في اقناع حلفائها في لبنان لاسيما القوات اللبنانية بتاييد فرنجيه سقط حكما، وكما يقول المثل الماثور “ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.”
ورات في اتصال مع موقعنا ان المعطى الخارجي السعودي تحديدا الذي راهن عليه فريق المانعة لن يكون الى جانب المبادرة الفرنسية، في حين ان المعطى الداخلي بات غير قابل للاهتزاز. فنحن عمليا امام سقوط للمبادرة الفرنسية بمسعى سعودي، وإمكانية وصول فرنجيه باتت صعبة لا بل معدومة.
واكدت أن ما يحصل اليوم هو اعادة تصويب المسار الرئاسي، وتحديدا المبادرة الفرنسية التي اصطدمت بحائط مسدود بعدما كانت باريس تعول كثيرا على تمكن الجانب السعودي من تليين مواقف المعارصين لانتخاب فرنجيه، وهذا ما لم يحصل، مشيرة إلى أن معادلة اما الشغور او الطوفان سقطت، وبالتالي لم ولن تنجح في تني المعارضة من تبديل موقفها، وكسر توجهاتها.
باريس وتبدل الموقف
وفي “تكويعة” ديبلوماسية ملفتة، اعتبر مصدر ديبلوماسي مطلع في العاصمة الفرنسية في اتصال مع موقعنا “ان باريس ما زالت تحث المسؤولين في لبنان لاسيما المعارضة لاختيار مرشح مقبول يتوافق عليه الجميع، ويخوض معركته بشكل ديمقراطي ضد سليمان فرنجيه.
وأشار إلى أن تمسكنا بفرنجيه نابع من غياب اي مرشح آخر جدي ينافسه على عن الساحة السياسية. فالاوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية لم تعد تتحمل المزيد من الانهيار والازمات، من هنا اصرار فرنسا على ترشيح فرنجية في غياب اي مرشح تدعمه المعارضة.
وبالتالي فإن باريس تدعم اي شخصية يتم اختيارها من قبل المسؤولين في بيروت، وهي تشجع على أي انفتاح او تقارب بين الأطراف السياسية للتوصل إلى حل في القريب العاجل لان الوقت لم يعد في مصلحة استمرار الشغور لاشهر اضافية.
في الخلاصة، يتبين ان مرحلة الشغور ربما قد تطول، في غياب اي توافق داخلي على اسم مرشح يتنافس مع فرنجيه، وان رياح التغيير الدولي والاقليمي لن تلفح بلاد الأرز قبل الانتهاء من تسويات دول تشكل عبءا وخطرا على امن واستقرار المنطقة بشكل عام.