“تصدّع” علاقات المسلمين واليهود.

مع تواصل اهتمام الصحف العالمية، ومن بينها البريطانية والإسرائيلية، بالحرب الدائرة في غزة، نقف اليوم عند ثلاث مقالات.
أوّلها مقالة الصحفية، ريمونا علي، في صحيفة الغارديان البريطانية، التي تقول في مستهلها إن “التصدع الذي أصاب علاقات الطائفتين المسلمة واليهودية في بريطانيا خاصة، وفي العالم قاطبة، هو أحد ضحايا الحرب في غزة”.
وتعبر عن خشيتها من أن يؤدي هذا الصدع إلى “تآكل الحرص على حماية العلاقات الدينية بين الطوائف، مما يهدد بدفع موجة حادة بالفعل من معاداة السامية وكراهية الإسلام”.
عواقب الحرب
وتشير ريمونا إلى بعض الأمثلة مما وقع بالفعل من حوادث عقب الحرب. منها:
- قتل طفل أمريكي فلسطيني في السادسة من عمره، يدعى وديع الفيومي، على يد صاحب المنزل الذي تسكن فيه أسرته، بـ 26 طعنة، وكان صاحب البيت يصرخ “أنتم أيها المسلمون، يجب أن تموتوا”
- واقتحام حشد من “الغوغاء”، كما وصفتهم الكاتبة، في مطار داغستان، بحثا عن ركاب يهود قادمين من إسرائيل.
وتقول ريمونا إنها ومجموعة من النساء من ديانات مختلفة يحاولن “إنقاذ العلاقات بين الطوائف” التي ينتمين إليها.
“مساحة أخرى بعيدا عن المؤسسات الدينية والسياسية”
وتشير إلى أنها في الأسبوع الماضي “دُعيت إلى تجمع خاص استضافته امرأة يهودية وأخرى مسلمة. وكان اللقاء في حرم كنيسة وستمنستر في لندن في قاعة (القدس) التي تحمل اسما مناسبا”.
وعبرت السيدات المجتمعات عن “الحاجة إلى إنشاء مساحة ثالثة خارج المؤسسات الدينية والمنظمات السياسية”.
وأشرن إلى أن “العلاقات تُختبر خلال الأوقات العصيبة، وأضفن: “نحن الآن بحاجة إلى إظهار الصداقة والتضامن والثقة” أكثر من ذي قبل.
غياب أصوات النساء
وتقول ريمونا إن “أصوات النساء تكاد تكون غائبة دائما عن عملية صنع القرار”.
وتنقل عن إحدى المشاركات، وهي ناشطة سلام مخضرمة وخبيرة في العلاقات الدينية، أن النساء بين عامي 1992 و2019، “لم يشكلن سوى 13 في المئة فقط من المفاوضين، و6 في المئة من الوسطاء، و6 في المئة من الموقعين في عمليات السلام في العالم”، وذلك على الرغم من أن القوة التي تتمتع بها المرأة “عامل للتغيير الاجتماعي وحل النزاعات في جميع أنحاء العالم”.
وقالت إن هناك “أمثلة متعددة لنساء يعملن من أجل السلام. وهناك مبادرة شعبية في إسرائيل وفلسطين تضم آلاف النساء الفلسطينيات والإسرائيليات، اللاتي يواصلن حتى الآن العمل من أجل السلام على الأرض. وفي المملكة المتحدة، هناك أيضا شبكة (نيسا ناشيم)، وهي شبكة نسائية مسلمة-يهودية، عملت على بناء صداقات دائمة”.
انتقادات من الداخل
وأشارت الكاتبة إلى تعرض بعض من التقت بهن في الاجتماع إلى الانتقاد في طائفتهن.
إذ تلقت ناشطة في مجال حقوق المرأة واللاجئين، أطلقت عليها ريمونا اسما مستعارا هو “عائشة”، تهديدات عندما أدانت هجمات حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، على المدنيين الإسرائيليين. وقال لها أحدهم: “تستحقين أن تحرقي”.
وقالت “عائشة” إن “التعاطف مع الطرف الآخر” في رأي هؤلاء يعتبر خيانة، وهم يتجاهلون نشاطها “من أجل حرية وحقوق الفلسطينيين لعقود من الزمن”.
وروت “عائشة” كيف أخبرتها صديقة يهودية مقربة أنها “طلبت من كنيسها الصلاة من أجل شعب غزة ودعت إلى وقف إطلاق النار”. وأضافت أن “رسالة جميع نصوصنا المقدسة واحدة، وهي: أحب جارك. فلو كانت النساء موجودات على الطاولة، لما وصلنا إلى الوضع الذي نحن فيه الآن”.
وتقول ريمونا إن صديقة يهودية لها تناشد قادة الجالية اليهودية أن “يعبروا عن تعاطفهم مع آلاف القتلى في غزة.. ولا ينبغي أن يقتصر حزننا على واحد دون الآخر”.
إحياء الأمل
وتعترف الكاتبة بأنها كادت تفقد الأمل، لكن من تحدثت إليهن خلال ذلك اللقاء أعدن لها الأمل من جديد بتعاطفهن وبكائهن وصلاتهن.
وتختتم الكاتبة مقالتها بالحض على “بذل كل الجهد .. من أجل التفاهم والسلامة، وسط هذا المناخ السياسي الملتهب، ومع انتشار العنف في جميع أنحاء العالم”. وتقول: “إذا أحرقنا كل جسر، فلن ينتهي القبح أبدا، ولكن إذا بنينا الجسور على أمل مستقبل أفضل، فقد تتاح للبشرية فرصة”.
المصدر: بي بي سي نيوز.



