أبرزرأي

“تجار الأزمات” .. أرباح طائلة في ظل حكومة غائبة

حسين زلغوط, خاص – “رأي سياسي”:

“مصائب قوم عند قوم فوائد” .. جملة بتنا نسمعها مرات عدة في اليوم نتيجة استغلال تجار الشقق للأوضاع الأمنية في لبنان وحركة النزوح التي يشهدها الجنوب والضاحية بعد تصاعد حدة الاشتباكات والاغتيالات وزيادة احتمال سيناريو الحرب في هذه الفترة لتحقيق أرباح هائلة.


فتجار الازمات يظهرون مع كل مصيبة تحصل في لبنان، فكما حصل سابقا مع انقطاع الادوية في ظل ارتفاع الدولار، وتخزين المواد الغذائية والمحروقات بهدف رفع اسعارها بعد احتكارها، يحصل اليوم في قطاع تأجير الشقق السكنية العادية والمفروشة ، حيث يلجأ الكثير من التجار والسماسرة عوض الوقوف الى جانب الهاربين من الجنوب او الخائفين من العدوان على الضاحية نتيجة ارتفاع منسوب الكلام عن امكانية توسع رقعة الحرب ودعمهم وفتح منازلهم لهم، يجلدونهم اكثر من خلال الايجارات المرتفعة.


فعلى سبيل المثال وصل بدل أجار الشقة السكنية المفروشة ما بين 1200 دولار الى 6 الاف دورلا، شهريا في المناطق الجبلية القريبة من العاصمة بيروت من بينها عاليه بحمدون صوفر ومناطق اخرى، وهو ما دفع رئيس حزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط الى توجيه نداء لأهل الجبل “بألا يكون التفكير بالاستفادة مالياً وأن تكون الإيجارات مقبولة”.


كما تدخل النائب تيمور جنبلاط بقوة لكبح جماح شجع اصحاب الشقق، حيث دعا جميع المالكين إلى عدم الاستغلال المادي ومراعاة المعدلات الطبيعية لأسعار إيجارات الشقق والمنازل التي يستأجرها النازحون من أبناء الجنوب، والتعامل مع مقتضيات هذه المرحلة بمنتهى التضامن الوطني والاجتماعي والإنساني.


وللدلالة على عمليات الاستغلال التي تحصل فان احدى العائلات النازحة من الجنوب، اكدت لموقع”رأي سياسي” انه بمجرد الاتصال بأي مكتب عقاري في اي منطقة جبلية يكون السؤال هل انت نازح ام سائح، ليقدمون الخيارات المتاحة، ومن بين هذه الخيارات شقة تبعد عن بيروت 27 كيلومترا، ايجارها الشهر 1200 دولار مع الدفع مسبقا لشهرين، الخيار الثاني شقة في بلدة دوحة عرمون قضاء عالية وتبعد 22 كيلومترا عن العاصمة، والإيجار الشهري ألف دولار مع دفع 6 أشهر سلفًا.
اما الخيار الثالث والمفاجئ فهو شقة في بلدة بحمدون قضاء عالية، أجارها 6000 دولار بالشهر، مساحتها 330 متر، وتبعد عن بيروت 35 كيلومترا.
هذا غيض من فيضِ الاستغلال الذي يمارسه “تجار الأزمات”، علما بأن إيجارات هذه الشقق كانت تتراوح ما بين 200 أو 300 دولار كحد أقصى، قبل اندلاع الحرب على الحدود الجنوبية.


بالتأكيد لا يمكن وصف كل المالكين او السماسرة العقاريين باستغلال الوضع لناحية مشاركتهم بفرض إيجارات خيالية، إذ إن قسما كبيرا منهم رفض الإنجرار إلى مغريات الحرب وأزماتها، ورفض لبس صفة “تاجر الأزمات”، حيث التزم العديد منهم بالبدل المعتمد الذي يختلف بين منطقة وأخرى.


والبعض قدم عروضا على مواقع التواصل الاجتماعي للعائلات النازحة بامكانية استضافتهم داخل منازلهم، وهناك ايضا من الاشخاص الذين اخذوا على عاتقهم الإنضواء تحت مطالب قادة الأحزاب التي طلبت من المواطنين في بعض القرى الجبلية تأجير النازحين من الضاحية والجنوب ضمن الاسعار المعقولة، والوقوف الى جانبهم وعدم استغلال حاجتهم.
من المؤكد ان موضوع قيمة بدل الايجار نسبي ويتغير بين منطقة وأخرى ووفق مساحة كل شقة وموقعها، ويتحكم بذلك ايضا العرض والطلب في السوق، ولكن هذا الكلام يمكن اعتباره منطقيا في حال كانت البلاد تمر بظروف طبيعية وليست على ابواب حرب كبرى قد تطال غالبية المناطق، وحتى ان هذه المناطق التي يلجأ اليها النازحون يمكن ان تكون عرضة لأي قصف، فإسرائيل لا تميز بين منطقة واخرى، حتى انه في احدى الصحف العبرية نُشر مقالاً حث جيش العدو على قصف مناطق لا تسكنها بيئة المقاومة بهدف تقليب اهلها واحداث فتنة بين اللبنانيين.


والمعيب في هذا كله الغياب التام للحكومة التي يفترض فيها وضع خطة طوارئ حقيقية لا شكلية لمواكبة ما يحصل، خصوصا وان القاطنين في اماكن الخطر ليسوا جميعهم ميسورين ويستطيعون الانتقال الى اماكن اخرى ودفع ما يطلب منهم بدل ايجار الشقة .

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى