رأي

بين مطرقة اردوغان وسندان المعارضة

خاص- رأي سياسي

لم يحُل الزلزال الكبيرالذي ضرب تركيا دون الإعلان عن إجراء الانتخابات الرئاسية. فأعلنها رجب طيب أردوغان في شهر أيار/ مايو المقبل في ظل عملية شد حبال كبيرة تجري بينه وبين المعارضة.  ويبدو أن تحالف المُعارضة التركيّة السّداسي نجح في التلاعب بأعصاب منافسه الرئيس التركي الحالي رجب طيّب أردوغان وتحالف الحزب الحاكم العدالة والتنمية مع الحركة القوميّة في البلاد، واتفق على تسمية كمال كيليتشدار أوغلو، قائد ثاني أكبر الأحزاب بتركيا، ليكون المنافس الرئيسي لأردوغان لقطع طريق الرئاسة أمامه في الانتخابات التي يعتبرها  كثيرون الأكثر أهمية في تركيا منذ إعلان الجمهورية.

وبإعلان المُعارضة مُرشّحها التوافقي يُمكن القول بأنها نجحت في تجنّب إحداث الثغرة الأقوى في جدارها وهي تفرّقها، ومُواصلة الاستثمار في نجاح تعاونها مُنذ العام 2019 في انتزاع السّيطرة على إسطنبول، وأنقرة في انتخابات البلديّة، وهي أحد أكبر معاقل حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وتجدر الاشارة هنا إلى أن اللاعبون الرئيسيون في المعارضة التركية هم، أحمد داود أغلو زعيم حزب المستقبل، منصور يافاش رئيس بلدية أنقرة، أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول، إضافة إلى ميرال أكشنار زعيمة حزب الجيد وكمال كليشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري وصلاح الدين دميرطاش الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد.

 ويهدف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تمديد حكمه المستمر منذ 20 عاماً في الانتخابات المرتقبة. ولن تقرر تلك الانتخابات فقط من يقود تركيا، ولكنها ستقرر أيضاً كيف تُحكم البلاد، وإلى أين يتجه اقتصادها، وما هو الدور الذي قد تلعبه لتهدئة الصراع في أوكرانيا والشرق الأوسط.

 ماذا لو خسر أردوغان الانتخابات ؟

 من غير الواضح ما إذا كان خليفة أردوغان في حال خسارته سيكون قادراً على أن يلعب الدورالذي يلعبه الرئيس التركي نفسه. ويدرك أردوغان جيداً أن ارتفاع تكاليف المعيشة يهدد احتمالات إعادة انتخابه، لذلك أعلن عن مضاعفة الحد الأدنى للأجور ضمن حزمة من الإجراءات التي ستسمح أيضا لأكثر من مليوني عامل بالتقاعد مبكرا.

 المعارضة تستقوي بملفات فساد  تلاحق الرئيس أردوغان وسط ضغوط شعبية لاسقاطه، فضلاً عن أسباب أخرى تستغلها المعارضة بعد أن وصل رد الفعل الشعبي بعد الزلزال هذا إلى ذروته مع مزيد من قضايا الفساد خلال عمليات الإنقاذ، وتوزيع الخيم والمساعدات بعد أن منع إردوغان الجيش من النزول إلى الشوارع في اليومين الأولين من الزلزال. اضطر بعدها أردوغان إلى الاعتذار عن هذا التقصير، مبرراً ذلك بهول الأزمة قائلاً: “أتمنى أن يسامحني الشعب على هذا التقصير خلال الأيام القليلة الأولى.”

 التوتر في العلاقة بين إردوغان والمعارضة بات واضحاً أنه سينعكس على نتائج الانتخابات، إذ تبيّن جميع الاستطلاعات أن إردوغان سيخسرها. وهو الاحتمال الذي يبدو أن العواصم الغربية والإقليمية تسعى لاستغلاله للضغط على إردوغان لإجباره على الاتفاق معها في قضايا ثنائية أو جماعية، كما هي الحال بالنسبة إلى واشنطن والحلف الأطلسي خصوصاً بعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا.  ومن هنا يحاول الرئيس إردوغان أن يساهم في هذا الأمر، وهو ما فعله في سوريا وليبيا والعراق، وهي الآن جميعاً القاسم المشترك لكل الحسابات الإقليمية والدولية التي ستحدد مسار السياسة التركية مع إردوغان أو من دونه. كما بات واضحاً أنه من دون سوريا لا ولن يستطيع أحد أن يحدد مستقبل المنطقة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى